وكأنه يكتب اليوم 3-3 / سالم الفلاحات

وكأنه يكتب اليوم 3/3

كتب د. مصطفى محمود رحمه الله كتاباً بعنوان “إسرائيل البداية والنهاية”، وفي ظل طبول الهزيمة والاستسلام للواقع المرير المراد فرضها وتمريرها على الشعوب يجدر ان نقرأ بعض ما كتبه المؤلف قبل ربع قرن أو تزيد /بتصرف/، إجابة عن أسئلة عديدة دون التدخل بإضافة أي كلمة للنص.

حيث يقول:-

ان الانشغال بالتنمية عمل وطني عظيم ونبيل، ولكن ما تبنيه التنمية في سنين يمكن أن تهدمه قنابل الطائرات المغيرة في ليلة وتمحو معه المليارات من القروض وعرق السواعد وأحلام الملايين.

الحكمة تقول: أن نبني بيد واليد الأخرى على الزناد (كما يفعلون هم على الجانب الآخر)، ولا ندع سيناء خلاء مفتوحاً لا عيون فيها، فهم قد زرعوا عيونهم في كل شبر في بلادنا، بل زرعوا عيونهم في حياتنا وفي الأرض التي نزرعها وفي الماء الذي نشربه.

إن اتحادنا في عصبة واحدة ويد واحدة هو أقوى أسلحتنا.
بل إن عزل إيران عن العصبة الإسلامية هو تآمر أمريكي غربي.

هكذا هم:

جاءهم المسيح عليه الصلاة والسلام بموعظة الحب، فأغلقوا أسماعهم دونه، وقال لهم المسيح:- انه بالايمان وحده لا بالنسب سوف يدخل الإنسان ملكوت السماء، وكانت موعظته: أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضكم، فتآمروا عليه ليقتلوه.

وجاءهم محمد عليه الصلاة والسلام مؤيداً بالروح القدس ليدعوهم إلى المودة والرحمة، فقدموا له كتف الشاة المسمومة.

يقول اليهود في البروتوكول الرابع: إن علينا أن نشعل الثورات و نؤجج الفتن فإذا نجحت الثورة فإنها ستأتي بالفوضى أولا ثم بحكم الاستبداد الذي يحكم بالسوط و الجبروت ثانيا و سنكون نحن القوة الخفية التي تعمل من وراء هذا الحكم المستبد عن طريق وكلائنا ، ومن ذا الذي يستطيع أن يخلع قوة خفية عن عرشها ؟؟!!

إن علينا أن ننتزع فكرة الله ذاتها من هذا العالم وأن نضع مكانها عبادة المصلحة والمال والجاه والدنيا، علينا أن نزين الشهوات ونقيم المحراب البديل، محراب اللذات والأطماع، وعلينا أن نقيم عالماً من التجارة والمضاربة والبورصات وبهذه الشباك المحكمة سوف يعبر المال من خلال هذه المضاربات المحمومة إلى خزائننا ولن يصل إلى أيدي سوانا إلا الفتات.

وسوف يخلق الصراع من اجل المال عالماً انانياً فظاً غليظ القلب منحل الاخلاق و يتحول العالم الى اغنياء بلا حدود، فقراء بلا حدود و أحقاد بين الاثنين بلا حدود، ويصبح من السهل اغراء كل فريق بالأخر وإشعال فتيل الفتنة كلما خبت، (الم يكن هذا ما فعله اليهودي كارل ماركس عندما قام بتحريض البروليتاريا على البورجوازية و إشعال الثورة البلشفية في روسيا) وهل كانت مصادفة أن فكر ماركس كله يقوم على الصراع الطبقي ؟!

وما فعله بوش بعد ذلك في حرب الخليج بالنزول بعساكره ونهب ثروات المنطقة وزرع القواعد الأمريكية والبوارج الأمريكية في المياه العربية، كان هذا الغزو المتنكر في ثوب النجدة تنفيذاً لرغبته في ميراث أرض الاستعمار القديم، وما يفعله كلينتون حينما يطلق الغرور الاسرائيلي واليد الاسرائيلية لتعربد بدباباتها في القدس والضفة ليس دليلاً على أن أمريكا باتت مسخرة في خدمة المكر الإسرائيلي بل هو دليل على العكس، على أن إسرائيل هي التي أصبحت الكلب الجديد الذي قررت أمريكا أن تسخره لحراسة أرضها الجديدة، وأن الكلمة العليا أصبحت لها لأمريكا وليس لإسرائيل.

إنه مجرد التقاء مصالح، وتحالف المكر الأصغر مع المكر الأكبر علينا..

“وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ” الأنفال (30).

“قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ” النحل (26).

يقول نيكسون: لقد انتصرنا على الشيوعية ولم يبق لنا عدو سوى الإسلام.

ولكن الإسلام طريح الأرض يا سادة لا حول له ولا قوة والأمم الإسلامية متخلفة ضعيفة ومدينة وأكثرها يشتري خبزه وسلاحه من يد الغرب، والإسلام مهدد من أهله ومحارب من داخله، فكيف يتأتى له أن يكون عدواً يُخشى بأسه.

إن ايقاع الأحداث التاريخية يتسارع، والامبراطورية الرومانية التي عمرت اكثر من ألف عام تهاوت.

ثم رأينا بعدها الامبراطورية البريطانية تنتهي في أقل من ذلك بكثير.

ثم امبراطورية نابليون في عمر أقل.

ثم الامبراطورية الروسية في سبعين عاماً فقط.

إن التاريخ أصبح يهرول، ولن تبقى أمريكا على القمة طويلاً ولا بد للقوى الصهيونية أن تقتنص الفرصة قبل أن تفوتها.

قامت فرنسا ولم تقعد لأن هناك فتاتين مغربيتين كانتا تلبسان الحجاب في المدرسة واصرت ادارة المدرسة على ان تخلع الفتاتان حجابيهما اذا ارادتا الاستمرار في الدراسة وكانت حكاية شغلت الصحف والناس طويلاً.

وشعرت أيامها بالدهشة وانا اقرأ من يكتب وأتابع الزوبعة الاعلامية العجيبة وقلت في نفسي أن العذراء مريم في جميع كنائس باريس مرسومة في صورها بنفس الحجاب والراهبات الفرنسيات في الأديرة يرتدين نفس الحجاب . . ولم يحتج الرأي العام الفرنسي على ما يلبسنه ولم ير فيه عنصرية فماذا حدث وأي جريمة ارتكبتها الفتاتان المغربيتان حينما اختارتا الحجاب زياً.

ان احتجاج ادارة المدرسة كان على الرمز وليس على الزي . . الرمز الاسلامي حمل الى الذاكرة الاوروبية تاريخاً ترفضه ولا تريد أن تتذكره، هو تاريخ الفتح الاسلامي لإسبانيا، ووصول الجيوش العربية الى فيينا غرباً، واكتساح الجحافل الاسلامية للدردنيل والقسطنطينية والدولة البيزنطية شرقاً، ومن قبل ذلك اسقاط امبراطوريتي الفرس والروم.

إنها كوابيس وأحقاد قديمة، لا يرى فيها الأوروبي والأمريكي إلا بربرية عربية وهمجية بغيضة.

إن حضن الافاعي أكثر امناً من هذا الحضن الغادر.

إن المصالح هي لغة هذا العالم القاسي الذي لا يرحم.

والبيت العربي هو صاحب المصلحة الواحدة، وهو الذي يتهدده خطر واحد، ويجمعه مصير واحد ويترصده عدو واحد.

إنّ جمع شمل البيت العربي هو الخطوة الأولى إلى حل سليم.

وكبار هذا البيت وحكامه وأشرافه سوف يغيرون مواقفهم حينما يشعرون بالخطر يقترب من كراسيهم، والخطر لن يعفي كبيراً ولا صغيراً.

والزلزال القادم لن يدع أحداً في مكانه، والانهيار السياسي سوف يشمل الكل.

وإذا اكتمل إدراكنا لهذه الحقيقة فإننا سوف ننجو، فأمام الموت يتغير الناس، وهم دائماً يتبدلون إلى الاحسن, نريد صحوة الموت قبل الموت وقبل أن ينهدم كل شيء على رؤوسنا ويستحيل الإصلاح.

ومن العجيب أن هذه الدول التي تساهم في تمثيلية (علاج الجوع) هي نفس الدول التي تصنع الجوع، وهي نفس الدول التي تضرب الحصار الاقتصادي لتجويع شعوب مثل العراق وكوبا وليبيا وفلسطين وهي الدول التي تلقي بالقمح والزبد في البحر حتى لا ينخفض سعره، وهي الدول التي تشتري الخامات الأولية من هذه البلاد الفقيرة بالسعر البخس لتعيد تصديرها مصنعة إلى نفس أصحابها بأسعار فلكية، وهي نفس الدول التي تشعل الفتن والخلافات والحروب الأهلية في هذه الدول النامية الفقيرة لتفقرها أكثر وأكثر لتظل خاضعة وتابعة ومنقادة وذليلة وجائعة، وما من حاكم ظالم جاء بانقلاب إلاَّ كانت وراءه دولة كبرى تستعمله لامتصاص شعبه.

إن الذي يأتي بالإسعافات للضحايا هم القتلة الذين قتلوهم.

يقول ويلكمان ساخراً: إن هدف هذه المؤتمرات الغذائية هي خفض عدد الجوعى إلى النصف خلال عشرين سنة، ولن يكون أحد من هؤلاء الجياع في عداد الأحياء حينذاك!!

واذا كنا قد عسكرنا في معسكر الصبر فإن الله من وراء الصبر، وهو الذي بيده الموازرين، وسوف يقلب الموازين في الوقت المعلوم، ويدير الدائرة على الجبارين، فهكذا كان شأن التاريخ من أيام عاد وثمود ومن أيام الروم والفرس والمغول والتتار، ومن ايام الامبراطورية البريطانية التي غابت عنها الشمس، ومن ايام الانهيار السوفييتي القريب، فلا أحد يبقى على القمة ولا أحد يبقى في القاع، وإنما هي دنيا لا دوام لها، وأيام يداولها الخالق بين الناس ليجري بها العبرة، فالزموا الصف يا عرب، والزموا الصف يا مسلمون، واتحدوا على كلمة واحدة وواجهوا الأزمة ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتهلكوا معهم.

ولن تنفعكم أموالكم، ولن تدوم كراسيكم، ولن يسلم في الساعة الخافضة الرافعة إلا الثابتون على الحق.

حرره سالم الفلاحات
26/5/2019م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى