في الكتابة أشياء أخرى / سهى عبد الهادي

في الكتابة أشياء أخرى

ماذا يعني أن نكتب !!

الكتابة هي حالة ذهنية ووجدانية تفرض نفسها على من يكتب ، تأتي بلحظة خاطفة لتهمس حديثا مع النفس ، اذا لم يقتنصها الكاتب وهي في قمة عنفوانها تفلتت منه واستصعب استحضارها بذات صورتها الأولى ، حالة يجد فيها الكاتب نفسه لثواني معدودة أنه مجرد قلم ، يفرغ من خلاله افكارا تضج داخل رأسه وأحاسيس تسري بين جنباته ، لتتدفق عبر كلمات وحروف تعمل على ترجمة هذه الأفكار والمشاعر عبر صور فكرية وحسية يستطيع اي انسان رؤيتها على حيز مرئي كورق او شاشة …

متى نكتب ؟

نكتب عندما يستثير موضوع ما عقولنا او قلوبنا ، او بمعنى آخر قد نصادف فكرة او حدث يشكل لحواسنا مثيرا ما ، فيعمل على استثارة فكرنا ومشاعرنا ، وكردة فعل واستجابة لهذا المثير ، نحاول أن نعبر عن موقفنا من هذه الفكرة او الحدث بالكتابة

أهمية الكتابة لنا :

احيانا لا نمتلك مهارة التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا بصوت مرتفع ، لذلك نلجأ الى اسلوب أقل ضجيجا يتناسب مع شخصياتنا الخجولة ، او المنغلقة على نفسها ، او التي لا يعنيها الظهور بشكل صارخ لأسباب خاصه بها ، فتكون الكتابة هي الأداة المناسبة للتعبير وتعريف الآخرين بنا ، ويكتسب النص المكتوب اهميته بإعتباره قطعة منا

في الكتابه نحب أن نعرف الناس على وجه آخر من وجوهنا ، وقد نكتشف نحن ايضا من خلالها وجها جديدا لأنفسنا لم نكن على وعي بوجوده لإختبائه خلف زحمة وضجيج مشاغل الحياة التي تأخذنا بعيدا في دواماتها ، لكن مما لا شك فيه أن فعل الكتابة يساعدنا على إدراك ذواتنا ولو بعد حين

لمن نكتب ؟

في اللحظات الأولى نكتب لأنفسنا ، رغم اننا قد نعتقد غير ذلك ، وبعد أن نكتسب وعيا بذواتنا نبدأ بالكتابة للآخرين ، فنحن بالنهاية جزء من محيطنا ولاشك أن هناك متعة بالتفاعل مع من يشاركوننا حياتنا

في الكتابة نقول للآخرين من نحن ، ماهية افكارنا ، ما يستثير مشاعرنا ، قيمنا التي نحيا بها ، ما نقف من أجله في الحياة ، ما يهزنا ويكسرنا ، مصادر بهجتنا وحزننا وغضبنا وقوتنا وضعفنا ، عقائدنا الراسخة ، والقضايا التي تهمنا ، ورأينا في ما يحدث حولنا …

في أعماقنا نحب أن يرى الأخرون بعضا من حقيقتنا ، وإن حاولنا أن نختبئ في الكتابة خلف أقنعة ما ، لزوم ما يصح او لا يصح او ما يسمى بمعايير وأصول الكتابة من أجل نيل التقبل والقبول ، فإن ذلك لا يصمد طويلا ولا يفيد ، ففي الكتابة وفي لحظة ما مهما حاولنا تسقط جميع الأقنعة

في الكتابة يكمن صدق ما ، قد نفشل في إظهاره في حديثنا او افعالنا ، او قد نمتلك مهارة قلب الحقائق على ارض الواقع لصالح ما نريد ، لكن لا يمكن ان يتحقق ذلك طويلا في الكتابة ، وقد اصاب ابراهام لينكولن حين قال ( يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت ، وبعض الناس كل الوقت ، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت)

واخيرا …

لماذا نكتب ؟

للكتابة متعة خاصة وإحساس لطيف ، لا يستطيع إدراك ماهيتها وتمثل إحساسها الا من يسكنه ويسري بعروقه هاجس الكتابة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى