الدبلوماسية الأردنية «تراوغ» ضغوط اللحظة الراهنة وتتجنب إغضاب السعودية والإحراج مع إيران

يساهم مجلس النواب الاردني ولو بجرعة بسيطة في التخفيف من وطأة وتداعيات انعكاس الازمة المتصاعدة بين السعودية وايران على المصالح الحيوية الاردنية.
فأصدر المجلس الاردني بيانا امس طالب فيه إيران بوقف تدخلاتها في شؤون جوارها العربي، محذراً من الاستمرار في سياسة اقلاق وتهديد أمن دول الخليج الشقيقة. وبادر إلى مشاركة الدولة الاردنية في التضأمن الكامل مع السعودية.
صيغة ومنطوق ومضمون البيان البرلماني توفر غطاء للحديث عن موقف علني ولفظي واعلامي من جانب المؤسسات الاردنية تضأمناً مع الحليف السعودي الاكبر بالرغم من الاشكالات التي يزرعها في طريق اي تقدم أو نمو للعلاقات الاردنية العراقية الموقف السعودي الاخير.
قبل ذلك كان الناطق باسم الحكومة الاردنية الدكتور محمد المومني قد صرح بان بلاده تتضأمن مع السعودية وتطالب إيران بعدم التدخل في الشؤون العربية وتستنكر الاعتداء على مقرات السفارة السعودية في طهران. ويحاول الاستنكار الاردني شعبيا ورسميا اظهار مساحة من التضأمن مع الحليف السعودي دون التورط بمجازفات لها علاقة بإعلان غير مبرر للخصومة العميقة مع الجانب الإيراني خصوصا وان وزير الاوقاف الاردني الدكتور هايل داوود قد عاد قبل ايام فقط من زيارة مثيرة للجدل إلى مؤسسات مدينة قم الإيرانية .
الوزير داوود اطلق جملة مجاملة كبيرة للإيرانيين عندما تحدث عن التقارب الفكري المذهبي وهاجم بغلاظة من ينتقدون زيارته لقم، وهي زيارة برمجت في كل الاحوال على مقياس اجتهاد سياسي حاول مغازلة طهران المنزعجة من وثيقة تصنيف الإرهاب الاردنية بعدما تضمنت تسمية الحرس الثوري الإيراني في سوريا باعتباره فصيلا ارهابيا.
مغازلات وزير الاوقاف الاردني برزت قبل نحو اكثر من اسبوعين والموقف السعودي المتصاعد الآن، يهمش هذه المغازلات ويقصيها عن الواجهة في الوقت الذي يخلط فيه الاوراق المتصلة بملف اي محاولة من عمان للتقارب مع إيران خصوصا وانها حليف لروسيا في سوريا وطرف فاعل في مسار الاحداث داخل سوريا شمالي الاردن.
الاندفاع السعودي الصلب نحو التأزيم مع إيران يربك الاستراتيجية الاردنية في بناء علاقات متوازنة تحت عنوان التحدث مع جميع الاطراف الفاعلة في الاقليم. وهذا الارباك ينتج عنه اليوم في ظل المستجدات ادراك محلي لصعوبة الاحتفاظ بمثل هذه التوازنات مع تصعيد الموقف السعودي خصوصاً أن احدى وجهات النظر في تفسير وتبرير برودة التفاعل السعودي مع الحاجات الاقتصادية الاردنية تؤشر دوما على قناعة الرياض بان عمان تحاول بين الحين والاخر التقرب من طهران.
بهذا المعنى وفي ضوء المستجدات على الارض يترقب الاردنيون مسار الاحداث ويهتمون بمتابعة تفاصيل القطيعة السعودية مع إيران خصوصا أن دولة خليجية اخرى حليفة للأردن هي الامارات تفاعلت مع القرار السعودي بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع إيران في الوقت الذي اعلنت فيه البحرين قرارا مطابقا للإجراء السعودي.
اجرائيا تشير التقييمات الاردنية السريعة إلى أن دولة الكويت استدعت سفيرها في إيران على أمل تجنب اتهام السعودية لها باي تقصير في الوقت الذي قام فيه النظام المصري بتقديم خدمات خاصة للسعوديين على هامش بيان مجلس الأمن الدولي الصادر امس الاول.
سلطنة عمان قد لا تتخذ اجراء من اي نوع ودولة قطر تمارس نفس المراقبة الاردنية في السياق فيما تنتظر عمان الموقف الانسب انسجاما مع مصالحها الأكيدة مع السعودية التي تحتاج مع إيران للكثير من عملية بناء الثقة قبل التحدث عن نموها.
الدبلوماسية الاردنية بهذا المعنى تراوغ وتترقب ولا تريد بكل الاحوال اغضاب السعودية لكنها لا تريد ايضا التورط بقطيعة وخصام سياسي ودبلوماسي مع إيران قبل الصبر على انتظار التداعيات ورسم النهايات التي ستؤول اليها الازمة.
عمان على نحو أو آخر قد تتخذ اجراءات محددة ومحدودة تتجاوز لغة البيان والتضأمن اللفظي الاعلامي دون أن تسمح هذه الخطوات بالتصعيد مع طهران ولو على الاساس الدبلوماسي.
الاجراء الانسب المتوقع من باب التحليل في حال حصول ضغط سعودي هو استدعاء السفير الاردني في طهران عبد الله ابو رمان ولو مؤقتا وتحت يافطة التشاور بصيغة توحي فقط بتجميد الاتصال الدبلوماسي في حال الضرورة القصوى وتصاعد الأزمة مع الراعي والحليف السعودي.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى