#وطن في #مهب_الريح
الحقيقة المرة هي المذاق الذي يرفضه الجميع ، وهي المرآة الوحيدة التي لا بفضل أغلب الناس عرض ذواتهم عليها أو حتى موازنة أنفسهم بها ، لأن الحقيقة طالما كانت مكلفة على أنانية الذات ومكتسبات الشخصنة على حساب الجميع حتى لو كان وطناً.
في كل صباح أطالع أغلب عناوين المقالات العامودية بدءًا من الإعلام والصحف الرسمية وانتهاءً ببعض المواقع الطحلبية التكوين _ إن جاز التعبير _ وختاماً بمن يدفعون ثمن صراحتهم الوطنية من منطلق الحرص والخوف وطمعاً في تغيير دفة بعض أو كل ما يجري ، فأجد ظل الساسة شبحاً كاذباً وخادعاً يتنقل في كل تشدقات هؤلاء الكتاب مجازاً والخبراء جزافاً فأجدهم يمجدون ألقاباً على حساب وطن ويذرعون زيفاً مصطنعاً بمصطلحاتهم الرنانة بمنجزات لا أساس لها ويتشدقون بصخر أوهامٍ يرضخون بها هامة الشعب الصابر الصامت المحتسب .
كما كابد الأردنيون وهم المؤسسة التشريعية المعطلة منذ أزمنة ،والتي باتت مجرد فزاعة في حقول الشوك التي لا تأويها العصافير حتى في الليل البهيم ، سيكابد هذا الشعب الطيب والوطن الأطيب خزعبلات الحكومات الحزبية ، والعارف _ كما قالوا _ لا يُعرف ، الحكومة التي تسير بمزاج رئيس وزراء دون مرجعية شعبية أو حتى استمزاج آراء المخبرين الكبار عن نبض الشارع العام الذي تم الإجهاز على صوته جملةً وتفصيلاً بتشويه كل صور الرأي الأخر بنعوت العبثية ،السوداوية ،الغربانية والخراب، حكومات ابتلاع أصوات المنابر وتدجين العلماء والخطباء والفقهاء ، حكومات العشوائية والتظليل للرعية.
في أترف مراحل الوطن ورخائه لم تكن السياسة إلا سياسة الأحادية والهيمنة الشخصية على حساب الجميع وسياسة صم الآذان وتكميم الأفواه وتفكيك الطاقات الوطنية كلما نبتت في إحدى أصقاع الوطن ، فكيف _ والجميع يعلم مرارة الواقع_ ستكون الطريق إلى الحكومة الحزبية ممهدةً بالورد ؟ ، وكيف ستخضع آلام وآمال الشعب لتجربة طويلة ومريرة بل ومستحيلة لربع قرنٍ قادم مجهول ؟ .
الحكومة الحزبية فقاعة لنقل الأزمة وإطالة وصفة الحلول المستحيلة ، وهي التفاف آخر على الديموقراطية المصطنعة الكاذبة لمجالس نيابية ديكورية لا أكثر ، وهي التخندق البديل للمجالس النيابية ، فماذا ينتظر الشعب من أحزاب مدعومة بالكوبونات من الألف وحتى الياء ؟ ، أو ليست بنفس الصورة ذاتها لرئيس وزراءٍ يدير بمزاجيته دفة الأمور برواتبه ومخصصاته أيضاً من الألف وحتى الياء.
نحن هنا نتحدث من مرارة التجربة ،لأن الإفلاس السياسي والاقتصادي هو وجه اللحاف المرقع الحقيقي ، فوطن أفلسته السياسات السيئة المتعاقبة والتي قامت ببيع موسسات مفاصل الدولة وتتسول الهيمنة الإعلامية بجعجعة أقلام الحواشات الهشة التي تكتب من مقاهٍ فخمة مدفوع ثمن سيجارة كاتبها وقهوته ووطنيته المزيفة.
سأبقى في صف العبثية المنعوت من قبل هؤلاء ،وسأبقى أكتب بذات السوداوية والحقيقة المرة ،لأن الناظر بعمق لكل ما يجري يعلم أن الوطن الذي كتب عنه حيدر محمود وغنت له فيروز في بعض حجم الورد ، بات ليس إلا حقل شوك بور ، ووسادة لملاذ الكوابيس المزعجة