وطن بلا اكسجين: مستشفى السلط نموذجا

وطن بلا اكسجين: مستشفى السلط نموذجا
عبد الفتاح طوقان

فاجعة مستشفى السلط تظهر ست مشاكل في إدارة الدولة الأردنية، تحتاج الي علاج واهتمام ومراجعة ومحاسبة.
أولا ضعف تشكيل الحكومة الأردنية وسوء الاختيارات المبنية على علاقات خاصة وترضية لفئات ومجموعات على حساب الوطن الذي هو مهمل في كل اختيار، دون الارتكاز اْلي الكفاءات وظهر هذا جليا في حادثة انهيارات جرش، وتلوث مياه السد، وفيات الأطفال في البحر الميت، طريق السلط الدائري واليوم سبع وفيات بسبب نقص الاوكسجين على سبيل الذكر لا الحصر.

ثانيا: تآخر رد الفعل لدى الحكومة وتدخل الملك عبد الله الثاني – ليست المرة الأولى- وسرعه استجابته انطلاقا من خلفيته العسكرية في حين كانت الحكومة “تتنحنح” والناطق الإعلامي /وزير الاعلام ينتظر “الهاتف”. وهذا أحد الأسباب الداعية الي اقالة الحكومة وليس طلب من مدير مستشفى الاستقالة. رغم ان عليه مسؤوليه ابسطها عدم استخدام أسطوانات غاز الاكسجين الاحتياطي التي صرح عنها وزير الصحة انها كانت متوافره بالمستشفى..

ثالثا: غياب “السلامة” و ” والوقاية الاستباقية ” من مصطلحات وفكر الإدارة الحكومية. هناك عصر السلامة تاريخيا وثم عصر العوامل البشرية والتقنية وعصر إدارة السلامة. وللأسف الحكومة الحالية والتي سبقتها لم تراع السلامة وإدارة الخطأ في غياب للمعايير الصحيحة بعيدا عن فهم الخصائص الكامنة في أنظمة السلامة التي تمنع المصائب والوفيات التي تكررت في مستشفى السلط وحادثة البحر الميت.

مقالات ذات صلة

رابعا: تراجع مؤشر الديمقراطية نتيجة ما حدث بسبب تدخل الملك، مثلما حدث عندما تدخل الرئيس دونالد ترامب في شؤون الإدارة المحلية والتي هي شان الحكومة وليس الرئيس الامريكي، فتراجع حينها مؤشر الديمقراطية من ٩٢٪ الي ٨٠٪ في الولايات المتحدة الامريكية. الديمقراطية ليست فقط حريات و أراء بل تضم حرية الإدارة لشؤون الدولة.

الأمور الداخلية والحياتية هي من صلب مسؤوليات الحكومة وليس مسؤوليات الملك المباشرة، لذلك نص الدستور على ” حكومة تساعد الملك” لا تضيف الى اعبائه.

خامسا: فشل الإدارات المدنية المتتالية بسبب غياب الكفاءات وتدخل الإدارات العسكرية باقتدار لأداء مهام من صب الإدارة المدنية، مما يعني ان كل دينار يصرف للإدارة المدنية هو هدر للمال العام.

سادسا: غياب المحاسبة الحقيقة والقانونية لمن تسبب في تلك الحادث والتغاضي عن الملاحقة القضائية، بل مكافأة المقصر بنقله الي وظائف عليا او اعاده تدويره وزيرا او سفيرا مما يعيق الإصلاحات السياسية والتي أساسها مبدأ سيادة القانون والمحاسبة.

من الحوادث التي تمت ثبت انه ليس لدى الحكومة الحالية ولا التي سبقتها هذه القدرة الإيجابية على التكيف داخل الأنظمة التي تسمح بتحقيق نتائج جيدة في ظل وجود كل من الظروف المواتية والمعاكسة للسلامة، وغياب التحقيق التقديري والانحرافات.

ليس فقط مستشفى السلط يحتاج اكسجين لكن الوطن بأكمله يحتاج اكسجين.
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى