وصفي بين حاستين
قاسم الزعبي
ويحدث أن تدرك الأم أهمية امتحانات التوجيهي.. فتنذر نفسها لخدمة ابنها وحثه على الدراسة.. مستخدمة أساليب عديدة في ذلك… ومن هذه #الأساليب أن تعيره بابن جارهم الذي دأب على الدراسة و(أكل الكتب) على حد وصفها…. فمرة تقول لابنها(قوم شوف جارنا كيف حرث الكرم حراث وهو رايح جاي) ومرة (خليك قاعد.. بكرة جارك ينجح وانت تعيد السنة) وثالثة (جارنا بقوم يقرا من فجة الضو وانت بعدك نايم)…
هذا الأسلوب الذي تستخدمه الأم الرؤوم يولد شعورا بالكراهية لدى ابنها نحو جاره.. علما بأنهما (الولدين) أولاد صف واحد ويلعبان كرة قدم بفريق الحارة نفسه..لكن هذا الشعور بالكراهية آني بآنية التوجيهي.. ثم ما يلبث أن يعلم الابن أن أمه تعيره بجاره لمصلحته..
اليوم.. وبعد انقضاء آنية #وصفي #التل… وبعد مرور عقود على استشهاده.. ما يفتأ يغار منه بعض المسؤولين عامة.. ورؤساء الوزرات خاصة… الأمر الذي ولد لديهم شعورا بالنقص تارة… وبكراهية وصفي تارة أخرى.. كراهية دائمة وغير لحظية…
وليس بمنكور أن وصفي التل ليس شخصية جدلية.. بمعنى أنه لا يختلف عليه اثنان.. حتى الذين يغارون منه.. فإنهم يعلمون مدى وطنية التل.. ويدركون أيضا انه لم يترك قصورا أو أموالا.. ولم يحمل جوازا غير اردني خلافا لمن خلفوه في الكرسي… فوصفي التل إذن شخص( متفق عليه)..
إن الفاحص الماحص للشؤون #السياسية في #الأردن… يدرك تمام الإدراك أن #كرسي وصفي مازال شاغرا منذ عقود… وأن محبة معاصريه له ليست محط استغراب… بقدر ما أصبح الرجل أيقونة شعبية واجتماعية وسياسية واقتصادية وفكرية لمن لم يدركوا وصفي.. أي الذين ولدوا بعد مقتله…
والعجب العجاب أننا بتنا نسمع اليوم مقولات من بعض النواب تشير إلى التل بشكل صريح.. فمنهم من خاطب رئيسه ب(إني أشتم فيك رائحة وصفي).. وكررها لأن الرئيس لم يسمع… ومنهم من قال (إني أرى في عينيك وصفي)….
طيب.. بما أنكم تؤطرون وصفيا بين حاستي النظر والشم.. فلماذا لا تنصحون رؤساء وزاراتكم بأن يكونوا كمثل وصفي بدل أن ترون وصفيا في أعينهم أو تشتمون رائحته بهم.. . وكلكم تعلمون أن رائحة وصفي هي رائحة القمح والتراب… فلا يعرف العطور الفرنسية ولا النظارات الايطالية….
أرجوكم أيها المتملقون لرؤسائكم… اتركوا وصفي بقبره هادئا هانئا.. واتركوا للتاريخ قرارات تجعلنا نشبهكم بوصفي يوما ما…