سواليف
كتب بسام البدارين في القدس العربي
تمكن رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي بمساعدة وساطة قادها رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز من تجنب «قصيدة هجاء» لاذعة كان قد هدّد بها شاعر البلاط الشهير ووزير الثقافة الأسبق حيدر محمود بعد خلافات «شخصية» بينهما لها علاقة بوظيفة يشغلها نجل الثاني.
الشاعر والوزير محمود كان قد أثار ضجة واسعة النطاق وتسبب في انتقادات حادة للطبقة السياسية وكيفية ادارة الأمور وبـ «صداع» للرئيس الملقي بعد رسالة مثيرة إنتقد فيها الملقي لأنه عيّن ولده فوزي الملقي في وظيفة عليا بينما طرد نجله عمار محمود من وظيفة مستشار في مقر الرئاسة.
لم يقف محمود عند هذا الحد بل هدد علناً الرئيس الملقي بقصيدة هجاء لاذعة.
سياسيون كبار قدروا بأن إعلان مثل هذه القصيدة سيلحق ضرراً كبيراً بصورة المؤسسة وستظهر الدولة غير موحدة بين عناصرها المتقدمة .
لاحقاً بدأ الفايز حسب التسريبات وساطته على الطريقة المحلية وتمكن في ما يبدو من «إنقاذ» الملقي من قصيدة هجاء لاذعة كانت ستلقى رواجا شعبيا كبيرا فأطلق شاعر البلاط تصريحا إيجابيا بعد «مصالحة غامضة» ولم تصدر القصيدة وعلى الأرجح إحتفظ ولده قيد الخلاف بوظيفته.
في الأثناء بدأت عملية «ترقيع» التعديل الوزاري الذي أثار أيضاً جدلاً كبيراً مؤخراً في محاولة إضافية للحفاظ على صلابة الحكومة وتجنب خيارات التغيير الوزاري وسط حالة شعبية قلقة وظروف اقليمية معقدة.
وغادر الحكومة منتصف الأسبوع الماضي ثلاثة وزراء من دون إظهار الأسباب بينهم وزير الطاقة الذي كان «نافذاً» وسط طبقة الحكم الدكتور إبراهيم سيف وبينهم ايضا الوزير المخضرم وجيه العزايزة ووزير إنتقده الخط الملكي مباشرة في إجتماع خصص لقطاع النقل هو وزير النقل الأسبق وصديق الملقي حسين الصعوب الذي تردد لاحقا ان خبراته في مجال قطاع النقل معدومة عمليا .
التساؤلات ما زالت تطرح في الشارع ووسط النخب حول الظروف التي تطلبت الإطاحة بالوزير سيف بعد خمس سنوات كان يمتدحه خلالها الجميع وبعد توقيعه لإتفاقية الغاز مع إسرائيل خلافا لإتجاهات الشارع.
أسباب الإطاحة بسيف لم تتضح بعد لكن طبقة المعلقين النشطاء ما زالت تطرح الأسئلة.
المفاجأة الأبرز في تعويض الحقائب التي فرغت بإقالة ثلاثة وزراء هم: العزايزة والصعوب وسيف تمثلت في ولادة «حقيبة جديدة» وبصفة مستقلة ولأول مرة هي وزير الدولة لشئون الإستثمار وهو موقع سبق ان شغله الدكتور جواد العناني في اول عهد تشكيل حكومة الملقي الأولى .
«بصمات» القصر الملكي تحديداً واضحة الملامح في هذه الزاوية من التعديل الوزاري ليس فقط من خلال إختيار «موظف سابق» في الدائرة الإقتصادية التي تتبع الديوان لشغل الحقيبة الجديدة هو مهند شحادة الوجه الجديد في الوزارة الأردنية .
ولكن ايضا من خلال المقدمات التي سبقت هذا الإختيار من حيث شكله ومضمونه وهويته حيث كان الملك عبدالله الثاني شخصيا وفي إجتماع يخص ملف تحفيز النمو قد وجّه رسالة «نقدية وتوبيخية» مباشرة لمفاصل الاستعصاء البيروقراطي التي تعيق المستثمرين وسط توقعات بأن مستثمرين كباراً في مجال « النفط والطاقة البديلة» هم الذين دفعوا بإتجاه إقالة الوزير البارز سيف أصلاً.
ملاحظات الملك العلنية كانت تتضمن الإشارة إلى أن القصر ينشغل في جذب الاستثمارات من الخارج فيما تحصل مشكلات ويطرد الإستثمار او يتعرض للإزعاج في الداخل.
لذلك يمكن القول ومن باب التحليل السياسي أن اختيار موظف عمل في الدائرة الإقتصادية للديوان الملكي لموقع وزارة الدولة لشؤون الاستثمار دليل أولاً على بصمات مؤسسة القصر في التعديل الوزاري الأخير، وقرينة ثانياً على ان ملف الإستثمار سيتابع بصورة مباشرة من القصر لاحقاً وبطريقة قد تضيف رمزاً جديداً في الطاقم الوزاري للخلية العابرة للحكومة ولرئيسها عبر الوزير الجديد شحادة الذي لم يعرف سابقا في الإطار البيروقراطي خصوصا وان وزيرين من الجدد على الأقل سبق ان عملا في وزارة التخطيط التي تقود الفريق الإقتصادي .
بعيدا عن الاستثمار ولتعويض الفاقد من الوزارات لجأ الملقي إلى قيادات فنية في الجهاز الحكومي فأعلن بعد ظهر الأحد عن تعيين صالح الخرابشة وزيراً للطاقة وهو أمين عام سابق وعادت إلى المسرح الدكتورة هالة لطوف وزيرة للتنمية الإجتماعية وهي ايضا خريجة وزارة التخطيط مثل الخرابشة.
كما عُيّن جميل مجاهد وزيراً للنقل وسبق له ان قاد قطاع هيئة النقل ويعتبر من الخبراء القـلائل في القطـاع.