” وسادة بوتين الخالية “
مهند أبو فلاح
ما لا شك فيه أن جعبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبدو مليئة بشتى أنواع الأسلحة الفتّاكة المتطورة إلا أن الإعلام الغربي الموجه من قبل خبراء في الحرب النفسية كان قادرا على تقديم وسادة خالية الوفاض لسيد الكرملين تستوعب و تحتوي إلى حد بعيد ضابط ” الكي جي بي ” السابق و تدفعه إلى عدم اتخاذ خطوات تصعيدية دراماتيكية في الحرب التي تخوضها بلاده في مواجهة جارتها الجنوبية اوكرانيا منذ أكثر من عام و نصف العام .
التقارير الصحفية الغربية المتلاحقة عن بطء وتيرة الهجوم المضاد الأوكراني التي شنته قوات كييف ضد نظيرتها الروسية منذ الرابع من حزيران / يونيو الماضي و الصعوبات الجمة التي يواجهها و الخسائر الفادحة التي مني بها الاوكرانيون جعلت من إقدام القيصر الروسي على اتخاذ خطوات دراماتيكية مفاجئة يلجأ من خلالها الرئيس بوتين إلى إصدار تعليماته باستعمال أسلحة نووية تكتيكية ضد الجيش الاوكراني أمرا مستبعد الحدوث حتى اللحظة الراهنة رغم التهديدات التي أطلقها قادة موسكو سابقا مرارا و تكرارا على خلفية تدفق السلاح و العتاد الغربي بكميات هائلة على نظام الرئيس فلاديمير زيلنسكي الحاكم في كييف .
التصريحات الصادرة على لسان العديد من المصادر العسكرية الغربية في واشنطن و لندن و حتى باريس و برلين و التي قدمت تقييما سلبيا لهجوم كييف المضاد امتصت قدرا كبيرا من الغضب الذي يعتمل في صدر و عقل سيد الكرملين بسبب الدعم الغربي اللا محدود لنظام الرئيس الأوكراني زيلنسكي و لكنها بالتأكيد لن تمنع الرئيس الروسي من إجراء تصعيد نوعي مؤثر في حال تمكنت القوات الأوكرانية من تحقيق النجاح في فصل و عزل القطعات العسكرية الروسية عن بعضها بعضاً و خاصة تلك المتمركزة جنوبا في شبه جزيرة القرِم الاستراتيجية بالغة الأهمية و الحيوية لحكام لموسكو .
نجاح القوات الأوكرانية في تحقيق هدفها الاستراتيجي من الهجوم المضاد الذي شنته قبل أكثر من ثلاثة أشهر و الذي يسير ببطء شديد لكنه يحقق نجاحا تدريجيا مضطردا بوتيرة و خطى ثابتة سوف يضع سيد الكرملين في موسكو امام خيارات صعبة لكنها قد تكون ضرورية جدا بعد ان يظهر لبوتين ان كل هذا السيل المتدفق من التصريحات على لسان المسؤولين و المصادر العسكرية الغربية لم يكن أكثر من وسادة خالية قُدِمَت له لاحتواء ردة فعله على الهجوم المضاد الأوكراني ليس إلا قبل أن يتمكن من توجيه ضربة حاسمة مبكرة تجهضه في مراحله الاولية .