وزير التعليم شريك البرکة / شبلي العجارمة

وزير التعليم شريك البرکة

تذکرني محاولات هروب وزير التربية والتعليم من مشهد إضراب المعلمين الذي أحرج الدولة وخلق مشهداً انقسم الشارع فيه إلی قسمين لا ثالث لهما وهما إما مع إضراب المعلم أو ضد إضراب المعلم فقد ذکرني هذا المشهد للدور الذي لعبه الدکتور وليد المعاني بصفته وزيراً للتعليم کنموذج شريك البرکة في موروثنا الشعبي ، والذي يتلخص في أن أحد الفلاحين حين يريد مضاعفة المحصول يبحث عن أحد شيوخ الدين الدراويش ذوو المسابح الصوفية الطويلة وحطات الرأس بلا عقال ويحاول جاهداً بإقناعه بضرورة دخوله شريکاً بلا أي جهد أو مال فقط من أجل استجلاب البرکة المتمثلة بالغيم والحصاد حتی وضع الغلال علی البيادر ، فيقوم الفلاح بإعطاء ثلث المحصول للشيخ البرکة الذي قد يکون من بلدةٍ بعيدة فقط يحضر ضمن طقوس خاصة مثل المشي بضعة خطی في الحقل أثناء بذار الفلاح للحقل لوضع البرکة في الأرض ، ومن ثم يتم إيلام ذبيحة خاصة له وبطبق خاص يأکل منه لوحده ، وبعد ضيافة ثلاثة أيام يذهب ولا يعود إلا عند القسمة والکيل للمحصول ، فيأخذ حصته علی البارد المستريح ، وبشرط أن له في عامود الربح ولا يشارك في أدنی الخسارة ، حتی لو أمحل الحقل ولم يغل يتم إرضاٸه بشٸء من المونة .
فوزير التربية والتعليم کجةٍ غير مسٶولة عن التمويل ولا تمتلك قرار الزيادة أو اللازيادة ولا مسك زمام المبادرة ولا حتی الحوار مع المعلمين لأن هذا الأمر يحتاج لوزارات اختصاص وسلطات الدولة الثلاث ،وداٸما نعرف أن الوزارات المعنية بالحدث غير معنية بصنع القرار ، وهذا ما قام بتطبيق المثل شريك البرکة مدار الحديث هو الدکتور المعاني ، فلم يکتف الرجل بلعب دور الوسيط بين معلمي وزارته کأکبر مکون للوزارة ولم ينحاز للمعلمين کونه إبن الألقاب منذ زمن بعيد أي أنه عابر للحکومات والتشکيلات وبما معناه هو إبن الدولة وعصاها التي لن تأکلها حبال وعصي السحرة ، لکنه ناصب العداء لأبناء وزارته ولم يقف عند هذا الحد ، بل قام بدورٍ تصعيدي زاد من حدة الموقف وشارك في تأزيم الموقف بين أفراد وزارته وبين الحکومة حتی وصلت للتهديد بالإقالة للمعلمين وطلب کشوفات بأسماء المعلمين المضرين عن التدريس والأمر بقبول الإستقالات لکل من هدد من المعلمين بتقديم الاستقالة بعد شعورهم بالإهانة من قبل رجال الأمن وداخل مراکز الأمن أيضاً.
لم يأخذ الوزير عبرةً من ميل جبسون في فيلم کنا جنوداً ، حين وعد القاٸد ميل جبسون أن يکون أول من ينزل أرض المعرکة وآخر من يخرج منها ، بل کان مثال القاٸد التقليدي العادي في خيمة مليٸة بالمياه والفاکهة والقهوة وينظر من خلف سيجاره الهافاني وکان أول من هرب من المعرکة وترك جنوده المعلمين في مهب عواصف التهديد والمبادرات واستٸجار نساء کفتوات من قبل أحد النواب کفزاعة لبداية ململة الشارع مدفوعة الأجر بصورة بلطجة من نوع آخر وبشکل جديد .
المعلمون يمارسون حقاً دستورياً کفله لهم القانون ، لکن من أي باب خرج عليهم وزيرهم الذي کان يجب أن ينهي الإضراب بتهدٸة النفوس والطلب من نظيره في الحکومة وزير الداخلية بضرورة التعاطي مع المعلم بطريقة مختلفة وتليق بمسماه الوظيفي وتهيٸة الظروف لتسهيل مهمة تطبيقهم الحق الدستوري ليوم واحد والعودة بدل إغلاق عمان وکل الطرق التي تٶدي للدوار الرابعالذي بات رمزاً لإسقاط الحکومات الهشة وميدان التعبير عن حرية الرأي والاحتجاج .
لکن شيٸاً من ذلك لم ولن يکن ، فقد کان کالأب الذي طلبه أولاده أرغفةً من الخبز لتغميس قلاية البندورة لکن الأب قال لهم عمروا لا کليتوا سم يسممکم ، علماً أن عاٸلته لا تکاد تخرج من باب البيت وهو المتصرف بکل شٶون البيت ومن فيه.
فعلی ماذا کان القسم علی کتاب الله حين توليت حقيبة التعليم ، وعلی من أنت حين صرت وزيراً قد تربع علی هرم العملية التعليمية ضمن الدستور الأردني الذي کفل له حق تبٶ المنصب ، في نفس الوقت الذي عطل الدستور حين أضرب وخرج للشارع نفس المواطن العادي أيضاً تحت مظلة الدستور کمظلة جامعة للجميع.
فهل أنت أصبحت شريکاً علی الحلوة والمرة في العملية التربوية أم أنك فقط شريك برکة تعرف الربح فقط ولا لديك أي استعداد أدنی بأن ترض أو تتقبل هامش للخسارة؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى