#موسى_العدوان
في الثاني والعشرين من شهر ابريل / نيسان 2023 رحل فارس الحكومات الوطني دولة السيد #مضر_بدران عن هذه الدنيا الفانية، ليواجه ربه في نهاية محتومة لكل كائن حي، فكل شيء إلى زوال ولا يبقى إلاّ وجه ربك الكريم. وعند هذه النهاية الأبدية لرجل حمل المسؤولية في فترة معينة، من حقه علينا، أن نذكّر ببعض أعماله، لعلها تبقى شاهدة على ما قدم لوطنه وشعبه أمام الأجيال اللاحقة.
فمضر بدران رحمه الله، اشغل العديد من الوظائف الرسمية الهامة في الأردن، من بينها : وزيرا للتربية والتعليم، رئيسا للديوان الملكي، مستشارا للأمن الوطني، مديرا للمخابرات العامة، ورئيسا للوزراء لثلاث مرات. ومن أهم أعماله ما يلي :
• عندما كان مديرا للمخابرات العامة، قدم توصية لرئيس الوزراء في حينه وصفي التل، بإحراق 70 ألف ملف بتهم باطلة لمواطنين أردنيين، كانت محفوظة في المخابرات قبل وصوله، ونفُذ الرئيس ما أوصى به فورا.
• منع استعمال وسائل التعذيب للمتهمين أثناء التحقيق معهم والإساءة إليهم.
• عندما أصبح رئيسا للوزراء، حاول الحدّ من الفساد بأشكاله المختلفة، ومحاسبة المتورطين به، كما كان يؤكد بأن الفساد آفة الحكومات
• اهتم بالمشاريع التالية : شركة البوتاس، توسعة شركة الفوسفات، تمديد قناة الغور الشرقية، جر مياه الشرب إلى عمان، إنشاء الأفران الأتوماتيكية، توسعة مصفاة البترول، توسيع شبكة الاتصالات، إنشاء صوامع الحبوب في العقبة، والجويدة، وفي اربد.
• عنما واجهت الموازنة الرسمية للحكومة صعوبة كبيرة، ذهب مضر إلى العراق رغم سوء العلاقة مع مسؤوليه، وقابل صدام حسين نائب الرئيس العراقي في حينه، والذي قدم للحكومة الأردنية شيكا ب 30 مليون دينار، فأنقذ الموازنة الأردنية من الإفلاس.
• كان له موقف مشهود في عدم دخول الأردن بالحلف الثلاثيني والحرب على العراق.
• منع كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي من دخول الأردن، بعد أن أساء للملك حسين في مذكراته، إلا بعد تدخل جلالته لاحقا، كما كان يرفض استقباله في المطار عند زيارته للأردن، وكان يصر على أن لا يستقبله في المطار سوى وزير الخارجية ولو أن هذا كان يتم تجاوزه.
كان مضر متعاطفا مع المواطنين ويستمع إلى شكاواهم، كما كان نظيفا لم يمدّ يده إلى المال العام، الذي كان تحت تصرفه ليقتنص منه ما يشاء. وشهد بذلك الملك حسين عندما زاره يصحبه الشريف زيد بن شاكر، وقدم له مبلغ 200 الف دولار نقدا، قائلا له : هذا حق لك مثل غيرك، فلماذا لا تطلب مثلما حدث مع رؤساء وزارات، ومدراء مخابرات قبلك ؟
يقول مضر في مذكراته بعنوان ( القرار ) ما يلي : ” لقد مرت علينا أيام في هذا الوطن صعبة جدا، لكن قدَرُ هذا الوطن العزيز أن يكون محميا ومباركا، فأنا أشعر بالحماية الإلهية لهذا التراب وأهله ونظامه، وأقول هذا من باب ما شهدته وخبرته من مصاعب وصعوبات، اجتازها الأردن قويا عزيزا “.
كما يقول أيضا : ” في إحدى السنوات نهاية عقد السبعينات، زارني السفير الأمريكي في عمان، وقال لي ” إن الحكومة الأمريكية تأسف لعدم تقديم مساعداتها السنوية للأردن في هذا العام “. وطبعا كان الهدف هو الضغط على الأردن ليذهب لكامب ديفيد. سألته مباشرة : هل أنت متأكد ؟ فقال : نعم. أعدت السؤال عليه، وأعاد الإجابة نفسها.
وقفت في مكتبي، وذهبت إليه وصافحته، وقلت له : ” شكرا لك ولحكومة بلادك، لفقد حققتم لي حُلما لطالما كان يراودني، أن أصمم موازنة بلدي خالية من بند المساعدات الأمريكية “.
استغرب من ردة فعلي وقال لي : ” كنت أظنّك ستطردني من مكتبك “. فقلت له بالعكس أنا أشكركم على هذه الهدية. ويستطيع من يريد العودة لموازنة إي من تلك السنوات في نهاية السبعينات، التأكد من خلوها من بند المساعدات الأمريكية.
رئيس وزراء من نوعية مضر يدران، هل يمكن مقارنته برؤساء وزارات ابتاعوا 7 قاصات حديدية واحتفظوا بها في منازلهم لأغراض معروفة، أو رؤساء وزارات لا يملكون إلاّ ولاية جزئية، تتمثل بتحديد التوقيت الصيفي والشتوي وساعات العمل اليومي، ثم يعملون بمكالمة هاتفية، ويتنافسون فيمن يحقق الرقم الأكبر، في الجباية من المواطنين ؟
ختاما أقول : رحم الله فارس الحكومات الوطني الشريف مضر بدران، وجزاه الله عنا خير الجزاء، وأسكنه جنات الفردوس الأعلى، إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
التاريخ : 23 / 4 / 2023