وراء الحدث
د. هاشم غرايبه
منذ زمن طويل لم يفرح #المؤمنون بنصر الله، الى أن من عليهم بانتصار #المجاهدين #الأفغان على المحتلين الغربيين بعد جهاد استمر لأكثر من عشرين عاما.
بالمقابل اكفهرت وجوه شياطين الإنس عالميا وأقرانهم المنافقين لدينا، وخاب ظنهم بإمكانية دحر #الإسلام، فبرروا هذه الهزيمة النكراء التي أحاقت بأمريكا وأعوانها المستعمرين في حلف شمال الأطلسي، بقرار الرئيس الأمريكي بسحب قواته، وترك النظام الأفغاني –الدمية- وحده ليصد مجاهدي طالبان، لاعتقاده بقدرته على ذلك، بعد أن درب قواته وسلحها بأقوى الأسلحة، لكنها ما أن انسحب الأمريكان، حتى انهارت سريعا وهرب الرئيس – الدمية.
خطأ “بايدن” ليس في #الانسحاب، فهذا سيتم إن آجلا أو عاجلا، ولكنه في إساءة التقدير لدور الإيمان في النفوس.
ليس المجال احتفاليا بقدر ما هو فرصة لاستنباط العبر وأخذ الدروس من الحالة الأفغانية، والتي تمثل صورة مشابهة لكل الأنظمة التي أقامها الغرب في المنطقة الإسلامية لتحفظ له مصالحه.
وأهم تلك الدروس:
1 – إن القوة العسكرية المحضة ليست كافية لتحقيق النصر في أية معركة بين القوى المتجبرة والشعوب المقهورة، ففي الحالة الأفغانية استخدمت أعتى الأسلحة، وجربت أحدثها وأشدها دمارا، بالمقابل كان مجاهدو طالبان هم أصلا طلاب المدارس الدينية، ولما قيض الله مجاهدا ربانيا وهو “الملا عمر” لقيادتهم، تمكن من تدريبهم عسكريا بعد تعبئتهم الإيمانية متمثلا جهاد فجر الدعوة، فاستطاع فرض الأمن على بلاده التي كانت مقسمة بين تصارعات قبلية وولاءات خارجية، ووحد المجاهدين الحقيقيين تحت قيادته.
بطيبيعة الحال لم يتمكن هؤلاء المقاتلون المحدودو الموارد والتسليح من الصمود أمام أعتى قوة في التاريخ، غزت بلادهم بحجة تنويرهم، وإحلال ثقافة الغرب محل الثقافة المحلية، لكنها في حقيقتها لتأمين مصالح احتكاريي شركات النفط الأمريكية، فتفرقوا واحتموا في المناطق الوعرة المحاذية لباكستان، كون شعبها المسلم يشكل عمقا استراتيجيا، ولم يلجأوا الى الحدود الغربية المحاذية لإيران المعادية لهم أصلا كونهم من السنة، ولا الى الحدود الشمالية المحاذية لجمهوريات اسلامية حكوماتها عميلة للروس.
ذلك مكنهم من الصمود طوال العشرين عاما إلى أن أنهكوا أمريكا وحلفائها، وباتت مهمة حمايتهم (الدمية) مكلفة أكثر من المنافع التي جنوها، فقرروا الرحيل.
نستفيد من هذا الدرس أن لا نيأس من رحمة الله، فيجب أن نبقى بكل عزيمة وهمة نعمل لاستعادة كرامة الأمة وعزها بإقامة دولتنا الموحدة التي تطبق منهاج الله، فنصر الله مؤكد، مهما بلغت شراسة العداء الغربي، واقتراب أوانه مرهون بمقدار إخلاصنا النية وعلو الهمة.
2 – أساء الغرب التقدير عندما اعتقدوا أن النظام الدمية قادر على حشد التأييد الشعبي بوعود تحقيق الازدهار، فكل أتباعه وأعوانه علمانيو المنهج، وليس من رابط لهم غير الحفاظ على المكاسب والتنفيعات، بالمقابل فالمجاهدون لديهم دافع إيماني وليس نفعيا، فعزيمتهم أمضى، وشجاعتهم فائقة لا يخشون الموت لأنه شهادة وارتقاء.
وهذا يعطينا درسا في أن الطواغيت الحاكمين لديار المسلمين ستأتي لحظة سقوطهم بأسرع مما يتوقعون، ولن تنفعهم كثرة أتباعهم والمنافقين المسبحين بحمدهم، فهؤلاء سينفضوا عنهم فور انقطاع انسياب المال، ولن يجدوا من بينهم من يحمونهم من بأس عباد الله المخلصين، وسيتخلى عنهم أسيادهم، ولنا في مصير شاه إيران وزين العابدين مثلا صارخاً.
3 – ثبت عمليا أن الغرب لا يقيمون وزنا للمبادئ ولا يحترمون المواثيق إن ناقضت مصالحهم، فبعد أن تمكنوا من اصطناع عملاء لهم من الأفغان (يسمونهم متعاونين)، تركوهم لمصيرهم المشؤوم، ولم يحفظوا لهم ما قدموه لهم من خدمات ما كانوا بدونها ليتمكنوا من إحكام قبضتهم طوال العشرين عاما الماضية، فرأينا هؤلاء يتراكضون خلفهم الى المطار كالفئران المذعورة، وهم يتعلقون بالطائرة المقلعة يائسين، ويسقطون الى الآرض من غير أن يلقوا لهم بالاً.
فهل يعي المتعاونون مع الغرب وأنظمتهم الدمى لدينا ذلك، ويعلموا أنه حين يأتي أمر الله فلا عاصم لهم يومئذ منه؟.
وهل يتنبه قبل فوات الأوان، أولئك الذين أسكرتهم انتصارات أمريكا وحلفائها الروس وعملائها في حملتها الصليبية المسماة (الحرب على الإرهاب) فكشروا عن أنيابهم وأظهروا حقدهم الدفين على الإسلام، فجاهروا بالعداء لمنهج الله، ولم يدخروا جهدا في دعم الأنظمة المعادية له، تشجيعا لها على إدامة منعها قيام دولة الإسلام تحت مسمى ممانعة الإسلام السياسي.
فالعاقبة دائما للمتقين، وأما الظالمون فلهم سوء المنقلب.