وراء الحدث

وراء الحدث
د. هاشم غرايبه

ينشغل العالم اليوم بانتشار وباء الإنفلونزا الذي يسببه “فيروس كورونا المستجد”، وقد بالغت وسائل الإعلام بإرعاب الناس من خطورة هذا المرض، رغم أن نسبة الوفيات للمصابين به تبلغ2% ، كما ان نسبة التعافي والشفاء التام منه تبلغ 90 %.
الفيروس ليس كائنا حيا، فهو شيفرة وراثية من عنصري (DNA,RNA) التي تتكون منها كل صبغيات أنوية الخلايا الحية، وسر عدم القدرة على عزله أو مكافحته أنه يغير الخريطة الوراثية للخلية المصابة، أي تصبح بذاتها فيروسا فيتخفى بجدارها عن الأجسام المضادة التي تفرزها كريات الدم البيضاء فيصعب تمييزها عن السليمة، والصور التي نراها في وسائل الإعلام لها تخيلية وليست حقيقية، فهي مرسومة بألوان زاهية، على شكل أخطبوط قصير الأذرع، يشبه اللغم البحري.
ربما تتكرر القصة المعتادة كل بضع سنوات، حيث يظهر وباء في منطقة، ويفلح الإعلام في دب الهلع بين الناس، من كثرة طرح أخبار انتشاره يوميا بل وكل ساعة في مختلف أنحاء العالم.
حتى لو استبعدنا فكرة المؤامرة في مثل هذه الأحداث، وحاولنا ما وسعنا افتراض حسن النوايا وعدم تقصد إثارة الفزع، لكننا هل يمكننا إنكار أن القصة في كل مرة تبدأ بغزو جنوني للعناوين الرئيسة للأخبار، فيقف العالم كله يتابع ويترقب ويحصي، وما هي إلا فترة قصيرة، وإذ بالقصة تتلاشى وينتهي الحديث عنها بالقول أن الوباء بدأ بالإنحسار ثم يغيب الحدث تماما كأن لم يكن.
حدث ذلك عدة مرات: الإيدز ..جنون البقر .. انفلونزا الخنازير.. انفلونزا الطيور .. السارس .. الإيبولا ..وأخيرا وليس آخرا ..الكورونا.
هذه القوى الخفية التي تحرك الأحداث وتنشئ الأزمات، مهما اعتقدت في نفسها الذكاء، وظنت أن تمكنها من وسائل الإعلام، جعلها زماما تقود به البشر وفق مصالحها، فمن حقنا أن نتساءل:
لماذا كل وباء من هذه الأوبئة كان يأتي منفردا وكل بضع سنين بانضباط في تباعد الفترات، ولم يحدث أن انتشر وباءان منهما في الفترة ذاتها؟.
لماذا كانت منظمة الصحة العالمية تلزم الدول (من غير العالم الأول على الأغلب) بتوفير سبل الوقاية المكلفة من مطاعيم ووسائط التعقيم وأجهزة الفحص والمراقبة..الخ، وللمصادفة لا تكون هذه كلها متوفرة إلا في شركات أمريكية أو أوروبية تحت إشرافها وتحت امتيازها؟.
لماذا وبعد استيفاء كل الدول لهذه المتطلبات، ينتهي الوباء ولا يعود أي ذكر له في الأخبار، مع أنه معروف طبيا أنه لا يوجد مضاد حيوي للفيروسات، وأن المعالجة تكون أساسا للأعراض؟.
هذه الأسئلة واقع حدث وليست اتهامية، لذلك فليست من باب الأوهام وتخيل التآمر.
لذلك ستشق الإجابة عليها من قبل أتباع الغرب المنبثين بيننا، يتخفون تحت أردية مختلفة: علمانية ..تنويرية .. تقدمية، والذين ينشطون للتبشير ببركات وأنعم آلهتهم المقدسة، وإقناع الشعوب المقهورة باتباعهم فذلك وحده طريق التقدم والعلم.
من ناحية أخرى، التهديد للصحة جدي، يجب علينا ان لا نتوقف عند اللوم بل الأخذ بالأسباب. نشرات منظمة الصحة العالمية تقول ان الوقاية هي الوسيلة الوحيدة لمحاصرة الأوبئة، وتتركز في ثلاثة عناصر:غسل اليدين والوجه جيدا عدة مرات في اليوم، وعدم التواصل المباشر مع الآخرين في الطعام والشرب، والإبتعاد عن الملامسة المباشرة.
ما سيفاجئ المبشرين بحضارة الغرب وفهمه، ان الوقاية من الأمراض الوبائية ليست من اختراع الغرب وليست وقفا على فهمه وعلمه، فقد نص عليها الدين قبله بقرون.
العنصر الأول يتحقق بتشريع “النظافة من الإيمان”، كما أن تطبيق السنة بغسل اليدين قبل وبعد الطعام يحمي من التلوث، والوضوء عدة مرات يوميا يحقق النظافة الدائمة.
أما العنصر الثاني فقد أوضحه رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله: “سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك”، فذلك يمنع الإختلاط بين الآكلين إن تعددوا، والأكل باليمين ينظم وصول الأيدي الى الطعام فلا تلتقي، كما منع الشرب من الإناء مباشرة بل بكاس فلا تنتقل العدوى من فم الى فم.
والعنصر الثالث يتمثل بمنع الإحتضان والتقبيل عند التحية بل الإكتفاء بالمصافحة فقد جاء بحديث رواه الترمذي: “قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم”.
هكذا نجد أن الدين كله خير ومصلحة، ولن تجد ذلك خالصاً في نفعه البشر عند غيره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى