وحيد أكثر مما ينبغي

وحيد أكثر مما ينبغي

محمد طمليه

يتضح لي من جديد أنني وحيد أكثر مما ينبغي…
هذا أول ” رمضان ” يجيء بعد حالة الوفاة المفاجئة التي أودت بأمي، وقد زرتُ البارحة البيت الكبير/ بيت أمي الذي غادرته قبل أكثر من ثلاثين سنة، والذي يقيم فيه الآن أشقاء وشقيقات متزوجون، ولهم أولاد وبنات : أصابني فتور، فأنا لم أعتد على زيارة هذا الموقع دون أن تكون أمي موجودة فيه. ولم أكن مخطئاً في احساسي، اذ سرعان ما تبين لي أنه لم يعد هناك عائلة، وانما فلول عواطف ما تزال قائمة بحكم أنه لم يمض وقت كاف على موت المرأة الحديدية ليصبح سكان ” عمارة يعقوبيان ” جيراناً فقط.
صعدتُ الى السطح / العمارة تتألف من ثلاثة طوابق / فأمكنني أن أرى من موقعي المدرسة التي درست فيها الابتدائي : لهذه المدرسة سور عالٍ، وها إن ولداً يمشي عليه. هل يسقط؟! الأغلب أن يسقط، ويحصل بموجب هذا على كسر في اليد اليمنى/ اليمنى تحديداً، مثلي.
ما يزال الولد يمشي على السور، ما الذي يفعله هذا الشقي؟ يحاول الهرب من حصة الحساب فيما يبدو : مهلاً أيها المشاغب، فأنت ستكبر في لمح البصر، وسيكون لك صديقة في الجامعة، ورسوم تعجز عن دفعها، وحزب تنتمي اليه، ومواقف رافضة، ودهشة ازاء الانهيارات المتتالية، وغصّة دائمة في الروح.
وأنا متأكد أنك ستزور ذات تعب ” بيت العائلة ” بحثاً عن أُلفة باتت مستعصية، وتقف هنا على السطح، في المكان الذي أقف أنا فيه الآن، لتراقب طفلاً يشبهني ويشبهك يمشي على سور المدرسة !!

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى