
وحدة متابعة #الأداء_الحكومي: #عين_ساهرة على طريق التحديث
أ.د #أمجد_الفاهوم
في زمن تتسارع فيه المتغيرات وتشتد فيه التحديات، لا يمكن لمسيرة الإصلاح أن تستمر وتحقق النجاح من دون مؤسسات قوية تراقب وتتابع وتدفع عجلة التنفيذ إلى الأمام. ومن بين هذه المؤسسات تبرز وحدة متابعة الأداء الحكومي والإنجاز في رئاسة الوزراء، التي أُنشئت لتكون ركيزة في منظومة متكاملة داعمة للتنفيذ، تشكّل حلقة وصل مع وحدات المتابعة في الوزارات والمؤسسات المختلفة، وتحمل رسالة واضحة: ضمان تحويل الخطط والرؤى الوطنية إلى واقع ملموس يعيشه المواطن في تفاصيل حياته اليومية.
هذه الوحدة ليست مجرد جهة رقابية، بل هي أداة إصلاحية جامعة، تسعى إلى توحيد الخطط التنفيذية للوزارات والمؤسسات وربطها بمؤشرات أداء قابلة للقياس. فمن خلال عملها المنظم مع وحدات المتابعة في مختلف المؤسسات، تضمن المواءمة بين الأولويات الوطنية والعمل الميداني، وتغلق الفجوة التاريخية بين التخطيط والتنفيذ. إنها الجسر الذي يصل بين السياسات المرسومة في القاعات الرسمية، والنتائج التي ينتظرها المواطن على أرض الواقع.
وقد أكدت رؤية التحديث الاقتصادي أن النجاح لا يُقاس بالكلمات أو العناوين، بل بالأثر الملموس على حياة المواطن والقطاع الخاص معًا. وهنا تلعب وحدة متابعة الأداء دورًا محوريًا في تعزيز التعاون المؤسسي، وترسيخ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تصبح كل خطة تنفيذية انعكاسًا للاحتياجات الحقيقية لا لوعود مؤجلة. وتزداد أهمية هذا الدور لأنها تعمل ضمن إطار زمني واضح يمتد حتى عام 2033، بما يعكس استدامة الرؤية وواقعية الأهداف.
وإذا كانت البنية المؤسسية للوحدة عنصرًا أساسيًا، فإن نوعية الكوادر التي تدير عملها لا تقل أهمية. فالتحديات الراهنة لا يمكن مواجهتها بالأدوات التقليدية وحدها، بل تتطلب كوادر مؤهلة تجمع بين الخبرة القطاعية ومهارات إدارة المشاريع وقياس الأداء، إلى جانب الإلمام باستخدام أدوات الإدارة الحديثة، مثل أنظمة التحليل الذكي للبيانات، والتقنيات الرقمية في متابعة الأداء، بما يعزز القدرة على التنبؤ وصنع القرار السليم. إن الاستثمار في هذه الكوادر هو الضمانة لرفع كفاءة الوحدة وتحويلها إلى نموذج وطني للإدارة الرشيقة والفاعلة.
ولأن الإصلاح ليس حدثًا عابرًا بل عملية مستمرة، فإن دعم هذه الوحدة ومنحها الصلاحيات الكافية وتسهيل إجراءات عملها أمر لا غنى عنه. فهي تمثل إحدى الأدوات التي تسهم في تعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع من خلال الشفافية وقياس الأثر. بل إن نجاحها يعني أن الأردن يضيف لبنة جديدة في بناء دولة حديثة متوازنة، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بروح المسؤولية والعمل المشترك.
ومن زاوية أخرى، فإن تأهيل الكوادر بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا ينسجم مع رؤية الأردن للتحول إلى دولة رقمية حديثة، قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا. فالوحدة، بما تملكه من أدوات وآليات متطورة، يمكن أن تكون رافعة أساسية لهذا التحول، لترسّخ صورة الأردن كدولة تتبنى الإصلاح بروح عصرية وتستخدم الرقمنة لتحقيق العدالة والكفاءة والشفافية.