وجَعُ #الكتابة والرّصاص
د. #جودت_سرسك
حين تمسكُ قلماً وتهمّ بالكتابة عن شهيدٍ اختصر لك كلّ المشهد، تخونك الكلمات، وتبسملُ عند كلِّ حرفٍ وتعيد وضوءك في كلّ فقرة لأن كلّ ما سوى #الشهادة تشوبه #الدنيا ووهموم #جناح_البعوضة.
#عدي_التميمي يعيد لنا بطولة خالد بن الوليد وأبي عبيدة وحنظلة الغسيل رضي الله عنهم وعنك ياعديّ.
في بلادنا العربية وشريعتنا يا عديّ نستخدم الرصاص في الأعراس وفي الثارات وجرائم الشرف، وفي شريعتك رصاصك فداءً للقدس وتزكية لأهلها، في بلادنا يا عديّ تودع الأم ابنها حين يسافر من محافظة إلى أخرى وهي تذرف دموعها وقد جمعت له أكياس المكسرات والقهوة وعبأت محفظته بالنقود والهدايا وهي تعلم أنّ رحلته لا تطول عن شهرين أو يزيد. وأمك يا عديّ أعدت لك دعواتها وصلواتها ورصاصات الحرية مغلفة بكعك مقدسي وحفنة زعتر.
كيف يجرؤ قلبك على فراقها ورسم مشهد الموت أمام ناظريها وعلى مسامعها، يخجلنا رصاصك ومسدسك الموجّه للمحتلّ فحين تصوّب على قلبه وتطلق سهام الكرامة في وجهه تصوّب نحونا وتقتل تخاذلنا ونكوصنا.
تشغلنا يا عديّ خواطر وهموم المثليين في مناهجنا والتسويق للسياحة في أرض حضارة الأنباط وبني كنعان بالرقص والطرب والصدور المتمايلة ويشغلك منهج الله وقانونه الخالد: وأعدّوا لهم ما استطعتم.
ماذا كنت ترى ياعديّ حتى هان عليك ألمُك، ولم تأبه بألم الرصاص في جنبيك فرشقتهم بزخات الكرامة في شعفاط ومعاليه أدوميم، الأرض والسماء لك لا لهم من صفد حتى بئر السبع، الزيتون لك والزيت ينبع من يديك مع زخات الرصاص كلّه لك، والبحر لك والحرم الإبراهيمي مطوّب باسمك واسم والديك.
أنت من يعيد رسم تضحيات الحسين وبطولته وشجاعته، ويصور لنا عشق الراية والدعوة الخالدة وفداء الوطن والدّين فيحتضن القدس بين جنبيه كما احتضنها صاحب الجناحين جعفربن أبي طالب بصدره حين قطِّعت يداه فلم يخرّ أو يركع لغير الله.
علّمنا كيف تكون البطولة والكفاح وعنفوان الشباب، ما أعظمك وأنت تطلق الرصّاص في وجه العدوّ الغاشم على قلوبنا منذ زمان النكبة البائسة، اضربهم واقفاً مقرفصاً جاعصاً على ركبة ونص متبطحاً نائماً لا منبطحاً، زاحفاً على ظهرك تعلّمك الملائكة فنون القتال فلست وحدك، ولكنّ الله رمى معك وصوّب من بين أناملك.
ماذا أراك الله وأنت تقاتل حتى النفس الأخير بلا تردد، قم يا عديّ فوجه الله وجهك وأياديه يداك، علّمنا أنّ الله مع الذين صبروا ومع الصادقين.
فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، سنكتب اسمك على جباهنا وصدورنا وكراسات أولادنا ونطرز ملامحك على أثواب فلسطين الزاهية وتحلم فتيات المدارس ببطولتك وتضحياتك وكلّ ملامحك.
من نقطة الصفر رسمتَ عزّتنا ولم تأبه للمتخاذلين الذين يُصلحون إطارات المحتل حين يبنشِرُ، ويمدّون أياديهم صاغرين ليحظوا بودّهم.
علّمنا أنّ الحياة عزة وكرامة لا ارتفاع أسعارِ الوقود وأزرار البندورة ومشروع القطار السريع وأقساط المدارس وتراقصٌ على التيك توك ومسلسلات تركية.
سنذكرك ما حيينا ونجمع مِن قوتِنا وقُوتِ أبنائنا كلفةً مسدّساتٍ نوجّهُها لمن يحتلّ أرضَنا ويمسّ عرضنا، ولا كرامةَ لمن يحُول بيننا وبينَ نفحاتِك ياعديّ. وداعاً لمن غادرنا في موسم الزيتون وترك أمّه وأمّته وحدها تجمَعُ حبّاتِه كرامةًكرامة، وداعا لِمن غادرنا ليشرب من يديّ رسول الله وينظر إلى وجهِ ربِّه الأعلى.