وجوه وقصص / ثروة الزعبي

كان يوماجميلاً عبقاً برائحة زهور الربيع يحمل نسمة صيف خفيفة عندما اتخذت هي ركناً مخفياً في تلك الزاوية تحمل كتابا بين يديها وقد كان اصابها الضجر من إكماله. فأخذت توزع نظراتها في جلبة الساحة العامة التي تعج بأناس قدموا من بيوت عشعشت بها رائحة الشتاء وخرجوا يستنشقون رائحة الارض ويستمتعون بشمس الربيع ونسائم الصيف التي اشتاقوا لها ….. جالت بصرها في صحائف الوجوه فرأت تلك الفتاة على ذلك المقعد تتنظر قادما وقد أربكتها دقات الساعة التي في يديها وما تنفك تنظر اليها وفي عينيها الف سؤال عن سبب تأخر المنتظر الغائب …. وهناك تلك المرأة في منتصف العمر جلست بهدوء مصطنع وفي داخلها الف ثورة وحنين وحديث …..ثورة على ايام انقضت لم تعدها ووجدت نفسها فجأة في نصفها وحنين لأيام كانت تحوم الافلاك في مجرتها وحديث لمستمع لم يعد موجود….. وهناك بائع العربة الذي ينادي بإستعجال على زبائنه الصغار ويغريهم بلون الحياه تتزين في البالونات والطائرات الورقية تتنشر على سطح عربته وأعمدتها يغازل طفولتهم ويطلق طائرته الورقية لتعانق السحب ويصيح الصغار ابي… ابي اريد طائرة كتلك لأحلق في السماء ويضعف الاباء امام الطلبات ويفرح الابناء وكيف لا يكون وقد خلق الأباء لخدمة الابناء وصناعة فرحهم ….. أما قريبا منها فرأت عجوزاً يحضن يد زوجته يدرك فيها كل العمر والأيام ويوقن انه ما زال فارسها رغم العكاكيز التي تحيط بيديه…. سمعتها تخاطبه قائلة ونحن نحتفل بذكرى زواجنا الخمسين، كم كنت أتمنى لو التقينا أبكر مما فعلنا ….ولو يعود العمر لن اختار غيرك شريك …. وهناك في الزاوية الأخرى شاب في مقتبل العمر يظهر اصراراً يتجسد في تقاسيم وجهه ونظرة عينيه تخُبر عن رؤية حلم يتحقق وهدف ينجز وطريق تشوبها بعض المنغصات في الغربة لكن الاستسلام لم يكن يوما خيار ولن يكون …….. وجوه كثير وقصص طويلة سطرتها الايام ورسمتها خطوط للزمان على الوجوه رسمتها فوق الجباه وفي العيون وبين القلوب لكل منا قصته وتبقى الحكاية الابدية تحكى عبر الأجيال بعطاء لا ينضب للوالدين وعشق لا يموت بتقدم العمر للأزواج ان كللته الايام بالكرامة والاحترام أما قوة المستحيل فهي قوة الشباب وتبقى حكاياتنا تروى على الرصيف ومن بين الألوان وتسطر في كتب الزمان نحتاج ان نقرائها بين الحين والحين ونلملم الحنين من جنباتها لنستمر في العطاء ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى