وجه آخر لصفقة القرن / د . حازم المومني

وجه آخر لصفقة القرن
هل الظروف الخارجية وحدها سبباً لما يجري في الاردن؟

ينكب كثير من صحفيّي بلادي عن البحث والحديث عما بات يسمى إعلامياً “صفقة القرن” وتَخلُص كثيرا من قراءاتهم واستنتاجاتهم أن الوضع الصعب الذي وُضعت فيه الأردن لا يعدو كونه تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الدول العربية المجاورة ومنها الأردن موضوع مقالتي هذه.
” ما سُمي صفقة القرن كان نتاجاً عن فبركات إعلانية إعلامية ربما لأهداف بعيدة جداً عن عالم العرب”
رشحت بعض الاستنتاجات أن هناك حصصاً مالية ستدفع على شكل استثمارات ستغير وجه المنطقة ككل. وهذه الاستنتاجات تتحدث عما يسمى تعويضاً للفلسطينيين أو الدول التي باتوا سكانها ومن أصحابها. وما أراه ليس منطقيا هنا هو موضوع التعويض في الأساس؛ لماذا؟ ومن سيدفع تلك المبالغ؟ وما هي الفائدة السياسية من وراء ذلك! وعدم قبولي لهذه الاستنتاجات أو الافتراضات يأتي من خلال تحليلي للواقع وأضعه في هذه النقاط:
– لماذا تقبل إسرائيل بالتنازل عن أي ذرة تراب في فلسطين التاريخية؛ فهي تعيش أفضل أيام قوتها ولا تحتاج للتفاوض منذ زمن بعيد إلا كتمثيل سخيف أمام ما يسمى المجتمع الدولي وهذا تجيده إسرائيل تماماً من خلال سيطرتها الواضحة على الإعلام العالمي.
” لماذا تقبل إسرائيل بالتنازل عن أي ذرة تراب في فلسطين التاريخية؛ وهي تعيش أفضل أيام قوتها ”
– إسرائيل أصبحت دولة من خلال صناعة الكره لها وتسعى دائماً لتثبيت هذه الحالة كي تستطيع تجميع كل تناقضاتها على عدو مشترك. فحاجتها للسلام مع العرب أو غيرهم لا تعدو غير تحسين لصورتهم أمام الأمم الأخرى. والحقيقية أنهم استطاعوا أن يستمروا برسم تلك الصورة السيئة عن الجانب الآخر من خلال تركهم لأيديولوجيتين متناقضتين بالتشكل في الداخل الفلسطيني أو صناعة تلك الايديولوجيات المتناقضة؛ فتؤدي وظيفة احتلالية نراها في كل مشهد يومي هناك.
” إسرائيل أصبحت دولة من خلال صناعة الكره لتوحيد تناقضاتها ”
– طالبت إسرائيل بتعويضات عن اليهود الذين غادروا الدول العربية في مفاوضاتها الفردية مع العرب – فهي لا تفاوض العرب كمجموعه إطلاقا لأنها تفهم تماماً معنى العدو المشترك – كرهاً أو طوعاً وهذه تعادل ما يطلبه الجانب الآخر من تعويضات.
“إسرائيل كما العرب تُطالب بتعويضات ايضاً”
تأسيساً على ما سبق لا أرى سبباً وجيهاً ليكون هناك صفقة قرن في أي شكل كما يظهر لنا في كواليس الاعلام، ومصلحة إسرائيل في بقاء الحال على ما هو عليه يأتي في إطار استراتيجيتها في البقاء. كما أن الحديث عن تصفية للقضية الفلسطينية يعطي المتلقي طابع الملكية والسيطرة على تلك القضية من طرف الفلسطينيين والعرب من جهة ومن جهة أخرى طرفاً تتم مساومته على الثمن والواقع ليس كذلك إطلاقاً؛ فقط شاهد من حولك ما هو على أرض الواقع لتفهم وبسرعة لمن اليد المسيطرة على كل ذلك.
“مصلحة إسرائيل في بقاء الحال على ما هو عليه يأتي في إطار استراتيجيتها في البقاء ”
ما نملكه من فلسطين التاريخية لا يراوح وجدان العربي الحر وهذا ليس له قوة فاعلة لتدعم حقاً في مجتمع دولي يعترف وينحني للقوي والقوي فقط. أما مشكلتنا في الأردن فهي داخليه سببها تراكمية العمل من خلال نهج الواسطة والتي لا أراها إلا في زاوية الرشوة التي يكون هدفها منفعة ما، حيث أن هذه المنفعة ليست بالضرورة مادية مباشرة.
” تراكمية العمل من خلال نهج الواسطة في الأردن أسس لما نراه اليوم”
باعتقادي أن تحميل وتهويل مشكلة إدارية نتج عنها فساداً إدارياً لا يعدو عن فبركات إعلامية وإعلانية لا تصب إلا في مصلحة من يريد تشتيت التركيز الى هوامش الأصول والمنابت في الأردن. كلنا اردنيون أمام القانون فإن كان القانون مظلتنا نجونا وأما إذا بحثنا عن تفاصيل أكثر كما فعل من طُلب منهم ذبح بقرة، ضعنا وضاع ما بقي لدينا من أرض نتشارك فيها المستقبل.
” كلنا اردنيون أمام القانون فإن كان القانون مظلتنا نجونا ”

ساسة بوست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى