وثائق “بنما” تكشف امبراطورية “ خالد شاهين ” المخفية وتواطؤ مسؤولين في الدولة

سواليف
“شاهين الذهبي”.. وصفقة مصفاة “غيت”
بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين،وثائق، سجلات شركات ورسائل بريد إلكتروني مسربة تكشف:

تضارب مصالح بين خالد شاهين وأكرم أبو حمدان، ودعم الذهبي للأول

تحقيق: مصعب الشوابكة وعماد رواشدة

تسلّلَت شركة سيكوير أند ساندرس (مكتب محاماة بريطاني) في مطلع شباط 2009 إلى مكتب رئيس الوزراء نادر الذهبي

آنذاك، برسالة – حصلنا على نسخة منها – تُبدي فيها اهتِمام ائتلاف شركات أجنبية لم تُسَمّيها، بالدخول كشريك استراتيجي في مشروع التوسعة الرابع لمصفاة البترول الأردنية، المقدرة كلفته بحوالي ملياري دولار.

المصفاة

شركة مساهمة عامة محدودة ذات امتياز، تأسست سنة 1956بمساهمة حكومية بلغت ربع مليون دينار أردني من أصل رأسمال الشركة البالغ أربعة ملايين دينار.
بدأت عمليات انتاج المشتقات النفطية المختلفة وتأمينها لكافة أنحاء المملكة في عام 1961.
المصفاة الشركة الوحيدة في الاردن، التي تزود السوق المحلي بكافة احتياجاته من المشتقات النفطية المختلفة.
تبلغ طاقتها التخزينية بالمملكة إلى(1,628,884) طناً عام2013.
انتهت فترة امتيازها في 2008.

قبل مغيب شمس ذلك اليوم، حَطّت تلك الرسالة على مكتب رئيس مجلس إدارة شركة المصفاة في حينه عادل القضاة، قادمةً من الرئيس الذهبي، ومرفقة بكتاب – نحتفظ بنسخة منه -موسوم بكلمة “عاجل” يَطلبُ فيهِ الأخير إجراء الاتصال بالمعنيين وبيان جدِّيّتهم، وإعلامه.

صبيحة اليوم التالي، أرسل مدير عام شركة المصفاة آنئذٍ أحمد الرفاعي، رسالة لمكتب المحاماة البريطاني تستفسر عن هوية الائتلاف وجدِّيّته.

ردَّ مكتب المحاماة بأنه سَيكشف هوية ائتلاف الشركات الأجنبية في الوقت المناسب.

ظَهر اِئتِلاَف الشركات باسمِ شركة “انفرامينا ليمتد بارتنرشيب” (INFRA MENA LIMITED PARTNERSHIP) وهي شركة “أوف شور” (Offshore) مسجلة في جرسي، الملاذ الضريبي الآمن.

شركات الأوف شور هي شركات تتمتع بسرية كبيرة، مسجلة في مناطق معفاة من الضريبة، أو تدفع ضريبة بشكل قليل، وهي خارج الاختصاصات القضائية لبلدانها.

يأتي هذا التحقيق كجزء من مشروع مشترك لأكثر من 330 صحفياً استقصائياً حول العالم بقيادة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ومقره في العاصمة الاميركية واشنطن. وبالاستناد إلى وثائق وسجلات رسمية ورسائل إلكترونية مسربة لشركات أوف شور موزعة على أكثر من 12 ملاذاً ضريبياً آمناً حول العالم تعود للفترة بين 1979-2015.

Untitled

شركات الأوف شور (offshore)

هي شركات تسجل في خارج بلدانها، وبالتحديد في ملاذات ضريبية آمنة، مناطق معفاة من الضريبة، مثل جيرسي، بنما، سيشيل، جزر العذراء البريطانية، تتميز هذه المناطق بالحفاظ على السرية التامة للمساهمين في هذه الشركات، ورأس مالها، يضاف إلى ذلك سهولة تسجيلها عبر الهاتف أو البريد الالكتروني، وبتكلفة لا تتجاوز 100 دولار.
كما انها خارج الاختصاصات القضائية لبلدانها. يستخدمها في الاغلب رجال الأعمال، وأخرون في السلطة لإخفاء ثرواتهم، وإدارتها عبر مكاتب قانونية ومهنية تخفي هويتهم.

يكشف هذا التحقيق، ملابسات لم تنشر من قبل عن قضية مشروع التوسعة الرابع لمصفاة البترول، إضافة إلى قضيتي دراسة الجدوى الاقتصادية لجر مياه الديسي، وعمولة مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، وعلاقة رجل الأعمال خالد شاهين بجميعها.

كما يُميط التحقيق الِلّثام عن دعم نادر الذهبي

إبان رئاسته للوزراء (2007-2009) لانفرامينا للدخول في توسعة المصفاة، التي لم تتم حتى الآن.

المصفاة، شركة مساهمة عامة، مُستقلّة، وغير حكومية. الوحيدة التي تُكرر النفط في الأردن منذ عام 1958، فقدت حقها الحصري في تكريره بعد 50 عاماً إثر انتهاء عقدها مع الحكومة الأردنية أوائل 2008.

مع انتهاء المدة الحصرية، اِتّجهت الحكومة لسياسة السوق المفتوح. فقررت عدم الموافقة على منح الحصرية للمصفاة، وفق استراتيجية وزارة الطاقة والثروة المعدنية المعلنة آنذاك.
لمن المُلكُ اليوم؟

بعد 60 يوماً من رسالة الذهبي، وَقَّع المحامي البريطاني بريان ماكليود مفوضاً عن انفرامينا مع شركة مصفاة البترول مذكرة التفاهم (اتفاقية السرية والحصرية) – حصلنا على نسخة منها -للدخول كشريك استراتيجي.

بَقِيت هوية انفرامينا مجهولة، مَنْ يملكها؟ مَنْ يُديرها؟ مَنْ البنك الممول؟ “تلك هي إحدى غايات تسجيل شركات الأوف شور في الملاذات الضريبية الآمنة” بحسب عضو هيئة مكافحة الفساد السابق د. فياض القضاة.

“الشركة -انفرامينا- مُبَهمة بالنسبة لي” بحسب شهادة عضو مجلس إدارة المصفاة في حينه سليمان الداود أمام المدعي العام.

شُكوكٌ تَسَرّبت إلى قلب النائب، وعضو مجلس إدارة المصفاة آنذاك عبد الرحيم البقاعي بأن مالك الشركة إسرائيلي، لكن ماكليود نفى أن يكون إسرائيلياً، واكتفى قائلاً “أنه من الأشخاص المُهمين في المنطقة”، بحسب البقاعي.

” أصبح لدينا اعتقاد أن أشخاصاً متنفذين وراء هذه الشركة” هذا ما قاله عضو مجلس إدارة المصفاة وقتئذٍ، والوزير السابق للصناعة والتجارة واصف عازر بحسب شهادته المحفوظة في ملف قضية مصفاة البترول الشهيرة، والتي نظرتها محكمة أمن الدولة.

في أواخر أيلول/ سبتمبر 2009، وفي زحمة الجدل حول هوية شركة انفرامينا ومن يَقفُ وراءها، أَرسلت انفرامينا رسالة حول عرضها المقدم لمجلس إدارة المصفاة، مُذَيّلة بتوقيع خالد شاهين-رجل الأعمال الأردني-، دون أن توضح منصبه فيها.

يقول أحمد الرفاعي الرئيس التنفيذي لشركة المصفاة حينئذٍ” لقد شَعرتُ أنّ خالد شاهين مدعوم من جهاتٍ عليا، منذ 5 سنوات أو أكثر، والمصفاة تطالب بالحصرية دون أن تحصل عليها إلا على عهد خالد شاهين-ولمدة 15 سنة-عندما قَدِمَ بعرض انفرامينا”، بحسب شهادته لدى مدعي عام هيئة مكافحة الفساد، بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير2010 والتي حصلنا على نسخة منها.

انفرامينا، واحدة من 26 شركة أوف شور على الأقل يساهم فيها بحصة الأسد خالد شاهين، مسجلة في ثلاثة ملاذات ضريبية آمنة، جيرسي، جزر العذراء البريطانية، ولوكسمبورغ.

شركتان من هذه الشركات (SBIG. SA) (Ole holdings limited) تمتلكان أكثر من 95% من أسهم تسع شركات أردنية.

يساهم خالد شاهين في حصة الأسد في 34شركة أردنية.

هذا ما ساعده بشكلٍ قانوني من تجنب دفع الضريبة عن الأرباح الموزعة والمقدرة على حصة الشركتين الأجنبيتين (SBIG. SA) (Ole holdings limited) المساهمتين في12شركة أجنبية، وهذا ما سنعرضه في الجزء الثاني من هذا التحقيق.

شاهين الذهبي

“أنا بعرف أن ابن رئيس الوزراء -يقصد الذهبي-كان له علاقة بالشركة، الرئاسة دافشيته ورئيس الوزراء دافشه”، بحسب ما قاله عضو مجلس إدارة المصفاة ساعتئذٍ واصف عازر في مقابلة مع راديو البلد.

ينفي الذهبي لراديو البلد أي علاقة له بشركة انفرامينا قائلاً “غير صحيح أنني دعمتها للحصول على العطاء، والمصفاة شركة مساهمة عامة، حرة ومسؤولة، وهي من تُقرّر، ومجلس الوزراء ينحصر دوره في الحصرية”.

كان ” شاهين على اتصالٍ دائم، ولقاء مستمر مع رئيس الوزراء الذهبي في دار رئاسة الوزراء، حيث كان يَحضرُ مرة إلى مرتين أسبوعياً. الذهبي كان يسعى إلى حصول شركة انفرامينا على عطاء المصفاة، لأن شاهين الوحيد الذي تقدم إليها، وسعى له الرئيس في أن يحصل على الحصرية” وفقا لمحمد الرواشدة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الذهبي في شهادته أمام المدعي العام، والموثقة بتاريخ 31كانون أول/ ديسمبر2009.

يصف شاهين علاقته بالذهبي إبان رئاسته للوزراء بـ”الممتازة” وفقاً لاعترافاته أمام المدعي العام، ويضيف “الذهبي كان يعلم بأنّ لي علاقة بشركة انفرامينا”. هذه المعلومة لم يُنكرها الذهبي في مقابلته مع راديو البلد.

وعن علاقته مع شاهين، يقول الذهبي في ذات المقابلة: “خالد شاهين كان ينوي حضور حفل تخرج نجله، وكان ممنوعاً من السفر من قبل دائرة المخابرات، وزارني في دار الرئاسة، وساعدته لكونها قضية إنسانية، ولا يوجد عليه مشاكل، لذلك ساد اعتقاد أن علاقتي به ممتازة”.

انفرامينا والمصفاة

الرئيس التنفيذي للمصفاة وقتئذٍ أحمد الرفاعي قال أمام المدعي العام “انفرامينا تَقدّمت بطلبها إلى رئيس الوزراء مباشرة، وهو أحال لنا الموضوع لدراسته”.

“لولا أن خالد شاهين مخترق الدولة، لما أتت الشركة عن طريق رئيس الوزراء، وقالت إنها مستعدة لتنفذ المشروع بمبالغ تزيد عن 300-400مليون دولار عن تقديرنا” بحسب ما قاله عازر لراديو البلد.

بتاريخ 6آب/أغسطس2009 أبْلغ رئيس الوزراء نادر الذهبي

مستشاره الاقتصادي محمد الرواشدة أن هناك عرضاً مقدماً من شركة انفرامينا، ولا بد من إعطاء المستثمر فترة حصرية، بحسب شهادة الرواشدة لدى المدعي العام.

يضيف الرواشدة في شهادته، أن خلدون قطيشات الذي ترأس لجنة الخدمات الوزارية لدراسة الحصرية بصفته وزيراً للطاقة، ” كان ضد الحصرية وينادي بفتح السوق، استدعاه الذهبي قبل الاجتماع بيوم وأبْلغه أنه يُريد الحصرية، وأبلغني الوزير بذلك”.

عَقدت اللجنة اجتماعها الثاني. قررت في نهايته منح الحصرية.

لا يستطيع عادل القضاة رئيس مجلس المصفاة آنذاك وعضو اللجنة، تفسير تبدل مواقف أعضاء اللجنة. بين الاجتماعين الخاصين بمنح الحصرية، إذ صوت بعض الأعضاء ضد الحصرية في الاجتماع الأول، وفي الاجتماع الثاني صوتوا لصالح منح الحصريّة. يضيف في شهادته لدى المدعي العام “لم يطلب الرئيس الذهبي مني بشكل شخصي الاتّجاه نحو الحصريّة”.

لكن هذا تناقضه شهادة الرواشدة أمام المدعي العام نفسه إذ قال:” كان هناك تُوجيه من رئيس الوزراء لي شخصياً ولعادل القضاة بأن نذهب نحو الحصرية”.

“عندما قرأت كتاب رئيس الوزراء الذهبي الذي يشير إلى العرض المقدم من انفرامينا فهمت أن هناك توجيهاً من الذهبي بإعادة النظر في البدائل والاتجاه نحو الحصرية ولفترة زمنية أطول لصالح هذه الشركة”، بحسب شهادة الرفاعي أمام المدعي العام.

إذ نص كتاب الذهبي -الذي حصلنا على نسخة منه-” قررت دعوة اللجنة للاجتماع ودراسة الفترة الزمنية اللازمة كحصرية لبرنامج توسعة المصفاة بناءً على العرض المقدم من المستثمر انفرامينا “.

وبنبرة لا تخلو من التحدي يرد الذهبي لراديو البلد” لم أمارس ضغطاً على اللجنة، أو أي من أعضائها فيها بما يخص الحصرية، ومن يقول غير ذلك فليواجهني”.

ويضيف “إذا كان العضو غير موافق، عليه أنّ يتحفظ ولا يوقع، فالشجاعة لا تكون بأثر رجعي”.

السجن لأرباب المصفاة

عندما رَحَلت حكومة الذهبي في 9كانون أول/ديسمبر2009، شكل سمير الرفاعي حكومته قادماً من الرئاسة التنفيذية لشركة دبي كابيتال، التي تقدمت لعطاء توسعة المصفاة أيضاً في عهده.

وبعد يوم من أداء القسم الدستوري في /كانون أول/ديسمبر2009 شكل الرئيس الرفاعي لجنة وزارية لدراسة مشروع التوسعة الرابع للمصفاة.

بعد قرابة 10 أيام، قالت اللجنة في تقريرها “إنها توصلت إلى وجود خلل”، وفي ذات اليوم أحال الرفاعي التقرير لهيئة مكافحة الفساد.

حوّلت الحكومة القضية إلى محكمة أمن الدولة. لم يوجه اتّهام إلى الذهبي، بينما كانت تهمة الرشوة من نصيب شاهين، القضاة، الرواشدة، وأحمد الرفاعي لإخفاء الثلاثة الأواخر قرار مجلس الوزراء الثاني رقم (5954).

تضمن القرار الصادر بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر2009 الموافقة على منح الحصرية لمدة 15 سنة ومفاوضة جميع الشركات التي أبدت وتبدي اهتمامها للمشاركة وفي حد أقصى نهاية عام 2009، أرسل هذا القرار إلى إدارة شركة مصفاة البترول بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر2009.

وبعد خمسة أيام، وعلى إثر نقاش ساخن بين الذهبي ونواب في قاعة عاكف الفايز حول مالك الشركة الخفيّ في ذلك الوقت، ومنح الألولية للمستثمر الأردني، اضطرت رئاسة الوزراء لسحب قرارها، واستبدلته بقرار آخر، مؤرخ بخط اليد، خلافاً لكتب الرئاسة الأخرى، ذات التواريخ المطبوعة، غير أن القرار الجديد جاء بنفس رقم وتاريخ القرار الأول، لكن بمضمون مختلف.

تضمن القرار الجديد فتح المجال أمام جميع الشركات التي تقدمت بعروضها والتي لديها الرغبة بالشراكة، دون تحديد فترة زمنية لهذه الغاية، وفقاً لقرار اتهام النائب العام لمحكمة أمن الدولة.

ولكون القرار الثاني تضمن بندين في غير صالح انفرامينا، فقد أخفى القضاة وأحمد الرفاعي وبعلم الرواشدة هذا القرار، عن مجلس الإدارة، والمستشار المالي للشركة.

وبقيا يعملان وفق القرار الأول، الذي لم يصدر كتاب رسمي بإلغائه أيضاً.

قضت المحكمة بسجن عادل القضاة رئيس مجلس إدارة المصفاة، وأحمد الرفاعي رئيسها التنفيذي، ومحمد الرواشدة المستشار في رئاسة الوزراء، وخالد شاهين مدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة المؤقتة، وعزل الثلاثة الأوائل من العمل، وفق قرار الحكم القطعي المصدق من محكمة التمييز.

رفضت المحكمة طلب سماع شهادة كل من الذهبي والرفاعي، المقدم من محاميي الدفاع.

يعلق الذهبي لراديو البلد “كان بودي أن يتم طلبي لكي أدلي بشهادتي، ما فعله الرفاعي هو تضارب للمصالح، لأن الشركة التي كان يرأسها تقدمت لعطاء توسعة المصفاة”.

يرفض مكتب سمير الرفاعي اتهامه بتعارض المصالح قائلا لراديو البلد، لم يملك الرفاعي في شركة الأردن دبي سهماً واحداً، منذ تأسيس الشركة ، وحتى آخر يوم له رئيساً للوزراء.

يضيف، لم يكن هناك قرار داخل الشركة إذا كانت سوف تشترك في عطاء المصفاة أم لا، رغم أنها تقدمت بخطاب نوايا مثل أي شركة أخرى.

يستغرب مكتب الرفاعي في معرض رده على كلام الذهبي “الأردن دولة مؤسسات وقانون، وليست دولة أشخاص ومن المفترض منه كرئيس وزراء سابق، إن صدر عنه هذا الكلام، أن يكون مدركاً لهذه الحقيقة إدراكا تاماً وأكثر من أي شخص آخر”.
التسلسل الزمني لمشروع توسعة المصفاة

صندوق شاهين، وتضارب المصالح

وبينما كان خالد شاهين يقبع في سجنه، أعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد آنذاك سميح بينو في مؤتمرٍ صحفي بتاريخ 7 آب/أغسطس2012، عن تحويل قضيتي دراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لجر مياه الديسي، وعمولة مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، إلى القضاء.

ألمح بينو في مؤتمره عن علاقة شاهين بالقضيتين، وبطلهما أكرم أبو حمدان المفوض العام لصندوق دعم المشاريع التنموية والاستثمارية الخاصة بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية (2001-2011)، وفقاً لموقع هيئة مكافحة الفساد.

يكشف هذا التحقيق، أن خالد شاهين وشريكه أكرم أبو حمدان أسسا إبان عمل الأخير مفوضاً لصندوق دعم المشاريع، “الشركة الدولية لتنمية العقارات المحدودة” (REAL ESTATE INTERNATIONAL DEVELOPMENT LIMITED) في جزر العذراء البريطانية بتاريخ 10 آيار/مايو2005، برأس مال 50 ألف دولار أمريكي، لكلٍ منهما النصف.

نبذة عن الصندوق

صندوق دعم المشاريع الاستثمارية في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. أنشئ بموجب النظام رقم 67 لسنة 2004 والمنشور في الجريدة الرسمية، بموجب قانون القوات المسلحة وتعديلاته.
ويتمتع الصندوق بشخصية اعتبارية ذات استقلال مالي وإداري.

وفي تلك الفترة، وقعت شركة انفست كورب سيكوريتيز “Invest. Corp. Securities” العائدة لشاهين اتفاقيتين مع الصندوق.

انفست كورب سيكوريتيز شركة مسجلة بتاريخ 13 آيار/مايو2002 في جزر العذراء البريطانية، وبرأس مال 50ألف دولار، ومملوكة لكل من خالد شاهين، وشركة مجموعة شاهين للأعمال والاستثمار في لوكسمبورغ “SBIG S.A”.

ففي الوقت الذي قبضت فيه انفست كورب سيكوريتيز ما يقارب 16.5 مليون دولار أمريكي بموجب العقدين، خسر الصندوق ذلك المبلغ.

كانت تكلفة مشروع دراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لتنفيذ جر مياه الديسي إلى عمان بموجب الاتفاقية بين الصندوق والشركة 60مليون دولار، دُفعَ منها نحو مليونا دولار كدفعة أولى.

تم تحويل هذه الدفعة إلى حساب شركة “SBIG S.A” المسجلة كشركة أوف شور في لوكسمبورغ، والمملوكة لخالد شاهين وشقيقيه، بدلاً من أنفست كورب سيكوريتيز، بعد تحريف اتّفاقيّة الاتعاب، بتغيير اسم مستلم المبلغ، بحسب موقع هيئة مكافحة الفساد.

أما المبلغ المتبقي 14.5 مليون دولار فأخذتها شركة انفست كورب سيكوريتيز عمولة عن توفير تمويل لبناء مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة (بجانب المدينة الطبية)، وفقاً لموقع هيئة مكافحة الفساد.

نظرت محكمة أمن الدولة في قضية جر مياه الديسي، التي أحالتها هيئة مكافحة الفساد، وبينما حكمت على أبو حمدان بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات بتهمة استغلال الوظيفة في هذه القضية، منعت النيابة العامة لذات المحكمة محاكمة شاهين في تلك القضية، بعد إجراء الصلح، وإعادة المبالغ التي قبضها بغير وجه حق في قضيتي مياه الديسي، وعمولة مبنى القيادة، بحسب تصريحات صحفية لرئيس النيابة العامة في حينه يوسف الحمود.

بعث راديو البلد برسالة لأكرم أبو حمدان تسلمها مرافقه نيابة عنه من مكاتب راديو البلد في عمان للرد على أسئلة التحقيق، إلا أنه لم يجب رغم إرسالها مرة ثانية عبرهاتفه النقال عبر خدمة رسائل الواتس أب.
تاريخ انفرامينا

سُجلت شركة انفرامينا “INFRA (MENA) LIMITED PARTNERSHIP” في جيرسي كشركة أوف شور مجهولة رأس المال، والشركاء، بتاريخ 5 آذار/مارس2009 ، أي قبل شهر واحد فقط من توقيعها الاتّفاقيّة مع المصفاة، وبعد شهر من إرسال مكتب المحاماة رسالة إلى رئيس الوزراء.

لم تقدم انفرامينا سجلاً تجارياً، أو شهادة تسجيل للمصفاة، بحسب شهادة عبد الكريم العلاوين المدير التنفيذي للمصفاة آنذاك أمام المدعي العام.

شاهين تلاعب في تسمية الشركة -وفق ما يظهره ملف التحقيق-إذ وقعت الاتّفاقيّة وقدمت عرضها للمصفاة تحت اسم ” INFRA (MENA) LIMITED PARTNERSHIP” وهي مسجلة في سجل شركات جيرسي. فيما كانت جميع مخاطباته اللاحقة للمصفاة تحت اسم “INFRA (MENA) PARTNERSHIP LIMITED”.

بعد إرسال شاهين أولى رسائله لرئيس الوزراء بأربعة أشهر، كان يتواصل مع شركة موساك فونسيكا (Mossack Fonseca) في بنما المتخصصة بتسجيل الشركات حول العالم، لاستبدال اسم شركة “INFRA (MENA) LIMITED” المسجلة حديثا في جزر العذراء البريطانية إلى اسم “INFRA (MENA) LIMITED PARTNERSHIP”، المطابق لاسم الشركة في جيرسي، بحسب الرسائل الإلكترونية المسربة من موساك، والتي حصلنا على نسخة منها.

أخبر مكتب موساك شاهين أن الاسم غير مسموح بتسجيله، لعدم جواز تسجيل اسم شركة ينتهي بكلمة “PARTNERSHIP”.

انفرامينا المسجلة في جيرسي لم تدفع منذ عام 2013، ولغاية 2015، الرسوم الخاصة بالتسجيل لهيئة جيرسي لخدمات الاستثمار، حسب موقع هيئة الاستثمار في جيرسي.

002
“انفست كورب” تخالف القانون.

شركة انفست كورب “Invest. Corp. Securities ” غير مسجلة في الأردن، بمقتضى أحكام قانون الشركات الأردنية وتعديلاته، وفق سجل الشركات الأردنية.

خالفت الشركة المادة (230/ب) من قانون الشركات بتوقيعها على الأقل لعقدين مع صندوق دعم المشاريع التنموية والاستثمارية الخاصة بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، تحصلت خلالها على قرابة 16.5 مليون دولار.

انفستمنت سكيوريتيز ليمتد

تاريخ الشركة.
– تأسست في 13/5/2002 تحت اسم انفست كورب للضمان .
– 2006 تغيير اسمها إلى بروميثيوس للخدمات المالية.
– 2008 تم شطبها.
– 2011 تم إعادتها تحت اسم انفست كورب للخدمات المالية.
– يملك خالد شاهين حاليا كامل حصص الشركة.

إذ تنص المادة 240 الفقرة (ب) من قانون الشركات الأردني رقم 57 لسنة 2006 “لا يجوز لأي شركة أو هيئة أجنبية أن تمارس أي عمل تجاري في المملكة ما لم تكن مسجلة بمقتضى أحكام هذا القانون بعد الحصول على تصريح بالعمل بمقتضى القوانين والأنظمة المعمول بها”.

يقول د. محمود عبابنة مراقب الشركات السابق لراديو البلد: “ممارسة شركة غير مسجلة، ومرخصة في سجل الشركات لنشاطاتها الاقتصادية جريمة يعاقب عليها القانون”.
أكبر من رئيس وزراء

حاول الذهبي الاختباء خلف القصر عندما اشتدّ الخلاف بين الوزراء على موضوع الحصرية.

حسم الذهبي النقاش بقوله “صاحب الشأن جلالة الملك يريد مصفاة، وهذا يعني إنجاح موضوع الشريك الاستراتيجي ومنح الحصرية”، وفق شهادة محمد الرواشدة -الذي حضر الاجتماع-أمام المدعي العام، يتابع عندها “وافق مجلس الوزراء على منح الحصرية”.

حضر محمد الخلايلة اجتماع اللجنة الأول لدراسة حصرية المصفاة إبان عمله أميناً عاماً لديوان المحاسبة، “أخبرهم الذهبي أن جلالة الملك يريد إبقاء المصفاة كشركة أردنية دون الخوض في التفاصيل”، بحسب شهادة الخلايلة أمام المدعي العام.

لم ينف الذهبي ما قاله في الاجتماع، وأوضح “أن قرار بقاء المصفاة أو فتح السوق للاستيراد كلبنان، هو قرار أكبر من رئيس وزراء!”.

ولحسم القرار، أتى رئيس الديوان الملكي آنذاك ناصر اللوزي وجعفر حسان من الديوان أيضاً، إلى رئاسة الوزراء وقال اللوزي “نريد مصفاة في البلد” بحسب الذهبي الذي حاول تفسير كلمته بأن الملك يريد مصفاة.

وماذا عن الولاية العامة للحكومة؟ أجاب الذهبي “الدستور ينص أن الملك يحكم من خلال وزرائه”.
في حضرة الغياب

أرسل راديو البلد بتاريخ 28/2/2016 رسالة مكتوبة عبر البريد المسجل لشركة الثروة الشرق أوسطية التي يملكها ويديرها خالد شاهين، وأخرى إلى منزله، كما أرسل رسائل نصية عبر الهاتف، واتصل مع شقيقته لأخذ رده على مجمل القضايا التي وردت في التحقيق، لكنه لم يتلق إجابة رغم منحه مهلة.

ووفق معلومات رسمية فإن خالد شاهين المحكوم في مطلع 2016 بالحبس سنتين لتحرير شك بدون رصيد. غادر البلاد إلى لبنان بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر2015، ولم يعد إلى الأردن حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.
الذهبي: سر سيموت معي!

استعرض فريق التحقيق صفقات شاهين في المشاريع العامة، أمام الذهبي، وسَأله من يدعم الرجل، أجاب بحذر.

في الأردن هناك شيء يقال، وآخر لا يقال، وغيره لن يقال سينزل معك القبر. شئت أم أبيت، وكل رؤساء الوزراء يعرفون هذا.
من يقف خلف شاهين؟
هذه من المعلومة التي ستنزل معي في القبر، لن تقال.

لتصدح ضحكتنا في أرجاء المكان، ويبقى السؤال برسم الإجابة!

تابع إلى الجزء الثاني من التحقيق

راديو البلد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى