والمخفي أعظم

والمخفي أعظم
د. هاشم غرايبه
مثلما ظهرت قصة #الإرهاب فجأة، اختفت سريعا، وبعد أن كانت أخبارها ملء السمع والبصر، ومبتدأ نشرات #الأخبار ومنتهاها، غابت تماما، فلا حس ولا خبر.
يفترض بمن يحتكم الى العقل أن يتساءل: ترى أليس الذين كانوا يشككون في الأمر من البداية على حق، إذ اعتبروا #القضية برمتها مجرد #مسرحية محبوكة، كان لعرضها غاية في نفس المخرج، ولما حققتها، ولفرحه بالنتائج التي فاقت توقعاته، نسي حبك النهاية، فأغلق الستارة فجأة على نهاية درامية غير مقنعة عن انتهاء هذه الحرب الأفظع في التاريخ.. بمقتل “البغدادي”!.
لأجل الحقيقة، وحتى لا تضلل الأجيال القادمة بالقصص الخرافية المحبوكة عن ” #داعش”، أجد لزاما علينا تبيان الوقائع كما شهدناها.
داعش مرت بست مراحل: جماعة التوحيد والجهاد، القاعدة في بلاد الرافدين، مجلس شورى المجاهدين، الدولة الإسلامية في العراق، الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأخيرا دولة الخلافة الإسلامية عام 2014.
تبدأ قصتها فترة ما بعد عام 2003، فنتذكر أن المقاومة العراقية أذاقت المحتلين الأمريكان الأمرين في مناطق المثلث السُّني (الفلوجة الرمادي الموصل)، رغم أن نقل (برايمر) السلطة من المحتل لعملائه الذين يتزعمون المكونين الشيعي والكردي، أدى الى إبقاء السنة وحدهم في الميدان.
عودة الى تاريخ تأسيس تنظيم القاعدة، فقد بدأ جهاديا نظيفا بهدف دحر الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، ووجدت أمريكا من مصلحتها دعمه لدحر السوفيات، فأوكلت المهمة الى الأنظمة العربية العميلة، التي شجعت التطوع الجهادي، كما اخترقت التنظيم بعملائها لتوجيهه.
هكذا أصبح تنظيم القاعدة مزدوج الولاء: أغلب العناصر جهاديون حقيقيون، لكن المرتبطين بالأجهزة الاستخبارية، تمكنوا من تحجيم أو ابعاد القيادات الإسلامية وتوجيه التنظيم.
لم يسمح صدام بأي تواجد للقاعدة في العراق، لكن عند سقوطه، دخل الجهاديون الإسلاميون الميدان دعما للسنة تحت مسمى جماعة التوحيد والجهاد، ولما كانت المقاومة السنية المرتكزة أساسا على أفراد الجيش العراقي الذي طردوا من الخدمة بحاجة لهم، تحالفت معهم، هنا لعب المالكي لعبته الخبيثة إذ أفرج عن معتقلي القاعدة لديه الذين تمكن من تجنيدهم لاختراق السنة، وانضم إليهم كقياديين من التجأوا الى إيران هم وعائلاتهم بعد أحداث نيويورك.
نعود الى تسلسل الأحداث، ففي عام 2006 تأسس مجلس شورى المجاهدين الذي يضم القاعدة وفصائل سنية متعددة، وبعد تسعة شهور انقلب “أبوحمزة المهاجر” على المجلس، فحله وشكل دولة العراق الإسلامية، وتمثل ذلك في تفرد القاعدة بالسيطرة وتهميش الآخرين، وظهرت نواياها في تمادي أعضائها متعددي الجنسيات في الإعتداء على سكان المناطق التي تحتضنهم، مما أجج العداء ضدهم، فسهّل لـ”باتريوس” تشكيل “الصحوات” عام 2007، لكن إحساس العشائر بالمهانة بسبب استغلال النظام والأمريكان لهم لمقاتلة إخوانهم أنهاها بعد سنتين.
استعاد بعد ذلك السنة توازنهم وشكلوا خطرا على نظام الحكم الطائفي الذي سهرت أمريكا على إنشائه ليبقى شرخا يتعمق بالممارسات الطائفية لإدامة تمزيق العراق، وكما حدث فيما بعد من تدخل أمريكا بالذراع الروسي لإنقاذ نظام بشار الطائفي، تدخلت لإنقاذ نظام المالكي الطائفي أيضا، بالإيعاز له بتسليم الموصل لداعش.
فحقق بذلك عدة أهداف:
الأول: إمداد داعش ماديا وعسكريا وإعلاميا بحيث استفردت بالسيطرة واخضعت السنة باحتلالها لمثلثهم.
والثاني: اسقطت دير الزور في قبضتهم والرقة عموما والتي كانت تشكل أهم منطقة ثائرة على نظام بشار.
والثالث: أوجدت غطاء للأنظمة العربية العميلة لقصف طائراتها لمناطق السنة.
والرابع: وهو الأهم سوغت لإنشاء تحالف عالمي لكي تُشَرّع البطش بالسنة، فاستطاعت بـ (الحرب على الإرهاب) إنقاذ النظامين الطائفيين المنبوذين.
في غياب الإعلام المستقل، وفي التزام الأنظمة العربية بالخطة الأمريكية، من يمكنه طرح الأسئلة الكبيرة التي تفضح هذه الخطة مثل؟:

  • كيف ينهزم فيلق عراقي قوامه 30 ألف جندي مجهزين بالأسلحة الثقيلة أمام ميليشيا قوامها خمسة آلاف، ولماذا تركوا الأسلحة في مخازنها؟.
  • ولماذا تركوا 450 مليون دولار و400 مليون ذهبا في المصرف المركزي في الموصل؟.
  • ولماذا لم يسأل أحد شركة تويوتا التي وردت 650 سيارة لداعش؟ فيما تراقب كل حوالة مصرفية في العالم خشية دعم الإرهاب؟.
  • لماذا كان ينتقل قادة داعش في اطمئنان في محيط 400 كم مكشوف أمام الطيران الأمريكي؟.
  • لماذا لم تستهدف مواقع وأرتال داعش؟ فيما تقصف مناطق السنة بكل وحشية؟.
    هذه نبذة مختصرة عما حدث..وما خفي أعظم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى