والله لاقول لأبوي / رامي علاونة

والله لاقول لأبوي

بعد الغداء، شرب من كاسة الشاي حتى انتصفت ثم أخذها و تسلل بهدوء من بين افراد العائله. لاحظ أخوه الصغير انسحابه فساوره الشك.
تبعه الى “سطح” المنزل ماشيا على أصابع قدميه. هناك، خلف خزان الماء كانت تعّج سحابه من الدخان. قفز الولد أمام أخيه… شو هاظ؟ دُخّان!!! والله لاقول لأبوي!
ارتبك الأخ الأكبر فأطفأ السيجاره بيده. حاول الإنكار، لكنه لم ينجح أمام “زناخة” أخيه الصغير الذي أخذ يُشمشم رائحة أصابعه و يبحث عن بقايا آثار الجريمه حتى وجدها تحت الخزان.
لم يجد الأخ الأكبر من مفّر سوى استمالة أخيه و كسب رضاه لكي يستر على ما عرف. أخذ يدلله و يلاطفه و يتودد اليه بالكلام المعسول حتى أخذ منه وعدا بعدم إخبار الأب.
كان الصغير انتهازيا فلم يفوّت فرصه لابتزاز أخيه امام العائله. كان دائما يغمز و يلمز و أحيانا يُتمتم بصوت منخفض… “والله شكله لازم اقول لأبوي”.
هنا بدأ الأخ الأكبر باستخدام استراتيجيه اكثر فعاليه و هي إستراتيجية “طعمي الثم بتستحي العين”، فأغدق على الإنتهازي الصغير بالببسي و الميراندا و التوتو و راس العبد.
ذات يوم صعد الأخ الأكبر الى السطح ليّعّج شيجارة بعد الغداء فإذا بالأخ الأصغر يتبعه.
لم يحاول إخفاء السيجاره هذه المره، فقد صرف الكثير عليه حتى الآن.
بكل جراءه، طلب الأخ الأصغر سيجاره. حاول الأخ الأكبر عدم الرضوخ لمطلبه لكن الأصغر هدده بالتهديد المعهود “والله لاقول لأبوي”!
سلّم الكبير للأمر الواقع و أعطاه سيجاره، و منذ ذلك الحين أصبح الأخ الاصغر “محرقة” دخان.
مضت الأيام و السنين و كبُر الأخوان. تقلّد الأخ الأكبر عدة مناصب عُليا في الدوله، أما الأخ الأصغر فلم ينجح بالوصول الى ما وصل اليه أخوه، فهو لم و لا يمتلك ما يؤهله ليكون “رجل دوله”. حاول عدة مرات ان يستغل مركز أخيه للتسلق و الوصول لكنه لم ينجح، فهو لم يحظى بدعم جدّي من أخيه الذي طالما رفض ان “يعطيه دفشه” لانه ليس مؤهلاً لخوض غمار العمل العام و المناصب العليا.
ذات يوم، و بينما كان الأخ الأصغر في زيارة اخيه، و اثناء و جودهما في المكتب، لاحظ ان “قاصة” اخيه الأكبر ،التي طالما اراد ان يعرف ما بداخلها، غير مغلقه بشكل تام. إستغّل ذهاب اخيه الى الحمام و بدأ يتفحّص ما بداخل القاصه. عدّة آلاف (كاش)، أوسمه، مُسدس مُذَهّب و ملّف أحمر. فتح الملف و أخذ يقلّب محتوياته فصُعِق مما رأى… حسابات بالملايين… شركات وهميّه و أُخرى حقيقيه…مزارع…أراضي… قصور…إستثمارات في دول أجنبيه!
ما هي إلا دقائق حتى عاد الأخ الأكبر.
آه يخوي، وين كُنّا؟
الأخ الأصغر: كنّا هون! (يرمي الملف الأحمر امام أخيه)…شو هاظ؟ رواتب المناصب بتعمل كل هاظ!!! والله لاقول لأبوي!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى