والله بنستاهل !! / د. سعيد المومني

والله بنستاهل !!
د. سعيد المومني

بعد رفع أسعار الألبان و قرار الحكومة بتثبيت الضرائب على المشتقات النفطية، أتعجب لجحم السخط و الشتائم على الحكومة والنواب والأحزاب. فما نراه اليوم هو نتيجة طبيعية بعد مرور الاردن بثلاث مراحل كان المواطن طرفاً مُشرعاً لها ، الأولى بدأت مع تأسيس الدولة حيث صعدت طبقة استغلت قربها من صانع القرار والمستعمر البريطاني فأفرزوا (طبقة المؤسسين) فصنعت ثروة لها و لحوشها دون أن تجد أي عوائق أو ضوابط، ومع بداية التسعينيات بعد حرب الخليج بدأت تتشكل طبقة جديدة (طبقة أوسلو – وادي عربة) فصنعت ثروة طائلة على حساب التطبيع و التبصيم على مشروع السلام أمام صمتنا جميعاً، ومع بداية الألفية ظهرت (طبقة الخصخصة) والتي شلحت آخر ما كان يستر عورة الدولة من مؤسسات طوال عقود .

بظهور الطبقات الثلاث و تفريخها و دخولها مع بعضها في شراكة تجارية واجتماعية لتتعاظم فيها الثروة والسلطة، وُضِعت حدود لطموحات المواطن الأردني اما أن يكون عسكرياً أو موظفاً مدنياً أو حراثاً أو راعياً أو متسولاً بموافقته و صمته .. بصراحة بنستاهل !! لأننا جعلنا من هذه الطبقات مثل كرة الثلج تتدحرج لتكبر مع الوقت وتسحق وتدهس كل من يقف في طريقها دون أن نرى تمرداً على هذا الواقع المرير طوال ٧٠ عاماً. والله بنستاهل .. لأننا غرقنا في العشائرية والتنافس على إبراز اسم العشيرة في كل منطقة حتى لو كان ثمنه وأد مشروع تنموي يديره شخص من عشيرة أُخرى في تلك المحافظة، ما نعانيه كان نتيجة الهرولة لصناديق الإنتخاب لدعم الأقارب بدلاً من دعم البرامج، ما نعاني منه اليوم نتيجة تعصبنا لأصولنا وللهجة وللكوفية والمسخن والمناسف، والله بنستاهل .. لأننا ربطنا الزعامة والعطوات والجاهات بموظفي الدولة من وزراء ومحافظين وغيرهم من المسؤولين .

دولة مُفلسة بلا موارد من أين لها أن تحسن ظروف معيشة المواطنين .. والله بنستاهل !!
دولة امتص دمها ثلاثة أجيال ونحن على المدرجات نشاهد ونصفق ونعيّش، دولة نُهبت وما زلنا نفتح صدر البيت والمضافة لدولة اللص ولمعالي اللص ولسعادة اللص ولعطوفة اللص، بلد مؤسساته منتهية الصلاحية ومازلنا نغلق الشوارع عندما يتهم قريب لنا بالفساد ونصنع منه ضحية، مازلنا نتحدث عن حقوقنا المهضومة بحكم اصولنا .. والله بنستاهل !!

مقالات ذات صلة

اليوم بعد كل هذا الإنحدار في منظومة الدولة وإمتهان الطبقة الحاكمة لكرامة الأردنيين وتسفيه حقوقهم، آن الآوان للأردنيين أن يكونوا أكثر واقعية وشجاعة في الصراخ عالياً ودعم الحراك الشعبي السلمي المُطالب في أن عاموداً في صناعة القرار و رسم السياسات الاقتصادية، بدلاً من التردد نحو النزول الى الرابع، أو مشككاً في مئات من الرجال والنساء المتواجدين على الرابع كل خميس الرافض لنهج إدارة الدولة مطالبين بالتغيير، أو أن يتقبلوا ما يعانوه بصمت لان صاحب القرار لن يقدم أي تنازلات دون وجود ضغط شعبي حقيقي على الأرض لا على صفحات الفيسبوك، وأن يدعموا أشخاصاً بحجم الوطن لا بحجم المصالح.

#DrSaeedAlMomani

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى