هَذا ما حدَث في الخَلوة / سلامة الدرعاوي

الخَلوة وفرّت لرئيس الوزراء فرصة هامة ومباشرة للاطلاع على كيفية تعاطي الحُكومة مع القطاع الخاص عن كثب

هَذا ما حدَث في الخَلوة

كنتُ احد صحفيان أثنان حَضَرا وشارَكا في خَلوة الحُكومة مع القطاع الخاص التي نظمتها لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النوّاب من عصر يوم الثلاثاء حتى مساءه، وبالتالي ما اكتبه هو من وحي مُشاركتي ومشاهدتي لوقائع جلسات الخَلوة التي حضرها أكثر من ٦٠ شخصيّة حُكوميّة وبرلمانيّة وممثلين عن القطاع الخاص من مُختلف القطاعات، وليس من باب التسريبات والقيل والقال والاستنتاجات والشائعات.

في البداية أود القول بِكُلّ صراحة أن جميع ما تناوله الإعلام الإلكترونيّ باستثناء موقعين فقط من أخبار حول الخَلوة كانت أخبار مغلوطة ولا تتسم أبداً بالمصداقيّة المهنيّة، وغالبية ما كُتب ليس له علاقة بما جرى في أعمال الخَلوة، لا بل أن الكثير منه هو عبارة عن امتداد لحالة الاستياء والرفض الدائم لأي عمل رسميّ، وجزء آخر منه عبارة عن تصعيد ولعب على التناقضات، وأثارة الرأي العام ضد مؤسسات الدولة وكسب شعبويّة زائفة، وهو جزء أساسيّ من حالة عدم الثِقة بالخطاب الرسميّ، في حين تناولت بعض وسائل الإعلام المَكتوب والمرئيّ الخبر بدرجة أعلى من المهنيّة، لكن صداها في الشّارع لم يلقى تجاوباً مثلها مثل هذا المقال، فالغالبية تَميل للجزء الفارغ من الكأس.

الخَلوة كانت مُصممة بأن يُعرض بها من المعيقات الإجرائيّة التي تقف أمام أنشطة وأعمال القطاع الخاص والتي بإمكان الحُكومة اتخاذ الإجراء المناسب فوراً دون أن يكون لها أيّ تبعات ماليّة، وبناءً على ذلك طُلب من القطاع الخاص المُشارك طرح قضاياهم الإجرائيّة مُباشرة والابتعاد عن القضايا العامة الصالحة لِكُلّ زمان ومكان، حتى يتسنى للحُكومة الإجابة المباشرة على تلك القضايا أو الوصول إلى تَفاهُمات تمكّن الحُكومة من إعلان حلول إما مُباشرة أو غير مُباشرة من خلال أعمال المُنتدى البرلمانيّ الثانيّ الذي سَيُعقد في الرابع من الشهر المُقبل.

مقالات ذات صلة

بالنسبة لطرح القضايا من قبل القطاع الخاص في الخَلوة أقولها بِكُلّ صراحة أنها كانت مُتفاوتة من قطاع لآخر، وهذا التفاوت أمر طبيعيّ في مثل هذه اللقاءات، فالبعض منهم كان دقيقاً ومُباشراً، والبعض الآخر كان يدور حول المشكلة الرئيسيّة في قطاعه دون طرحها مُباشرة، وجزء أخير من المُشاركين للأسف خَرَجَ في الطرح عن ما هو مطلوب وتحدث بالعموميات والقضايا الشخصيّة مما أفقده فُرصته في طرح قضاياه أمام المعنيين مُباشرة.

ما طرحه القطاع الخاص فيه تباين واضح من حيث قوة الطرح، لكن المُحصلة أن هُناك جملة واضحة من التوصيات القابلة للتنفيذ والتي لاقت اهتماماً مُباشراً من الحُكومة ستترجم خلال أيام إلى حلول في الإجراءات، في حين أن البعض منها سيكون صعب التنفيذ على المدى القريب، وهذا أمرٌ طبيعيّ، لكن المُحصلة كانت في الغالبية واضحة من حيث المطالب والإشكاليات التي تُعاني منها القطاعات.

أستطيع أن أُجمل أهم مطالب القطاع الخاص بإعادة النظر في بعض الضرائب وكُلّف الطاقة بأشكالها المُختلفة والعمالة وتدريب الأردنيين وتَعدد المرجعيّات الرسميّة في الاستثمار والبيروقراطيّة الإداريّة وتسهيل التعامل مع المستثمرين وإقاماتهم وعائلاتهم، والتعامل مع القضايا المُتعلقة بالجمارك والمواصفات والغذاء والدواء، والإعفاءات المُتعلقة بالإمكانات وتنظيم الأراضيّ وتصنيفاتها وببطاقة المستورد، ومشاكل التمويل والنقل وتعزيز مُنافسة الأسواق وحماية المنتج المحليّ وتفعيل العمل بقانون الإعسار وغيرها من القضايا التي تُشكّل عقبة في نُمُوّ أعمال القطاع الخاص.

أجوبة الحُكومة كانت أيضاً مُتفاوتة، بعضها كان واضحاً في الأجوبة والتجاوب مع ما طرحه القطاع الخاص، وبعضه كان قد كشف عن إجراءات فعلاً قد بدأ العمل على مُعالجتها قبل الخَلوة، وبعض الأجوبة كانت عامة خارج البوصلة، وهذا أيضاً أمر طبيعيّ في التعاطي الحُكوميّ مع قضايا القطاع الخاص.

في اعتقادي أن ما خرجت به الخَلوة من مُخرجات أمر مهم وإيجابيّ للغاية، فالخَلوة طرحت قضايا إجرائيّة قابلة للحلّ ولم تهدف للسياسات، وبالتالي لن يكون أمام الحُكومة فرصة للتنصل من تنفيذها، فهي وعدت بالمتابعة والإعلان عما ستقوم به من استجابات في التنفيذ قريباً، وستكون محلّ رقابة وتقييم لما تعهدت به أمام النوّاب والإعلام والقطاع الخاص.

الخَلوة وفرّت لرئيس الوزراء فرصة هامة ومباشرة للاطلاع على كيفية تعاطي الحُكومة مع القطاع الخاص عن كثب، ووفرت له أجواء لتقييم وزراءه.

مجلس النوّاب راعي الخَلوة كان له حضور ومشاركة مميزة في أعمال الخَلوة من خلال تبنيه وطرحه لقضايا تعترض أنشطة القطاع الخاص، إضافة إلى كلمة رئيس المجلس التي حث الحُكومة على مواصلة الحِوار والشراكة مع القطاع الخاص والانتقال بالحوار إلى خطط وإجراءات تَهدف في النهاية إلى ترجمة التوجيهات الملكيّة بتعزيز الأمن الاجتماعيّ للمواطنين.

الخَلوة الأخيرة كان أسلوبها جديد، فيها جلسات مُكّثفة تتضمن أسئلة وأجوبة مُباشرة، بأسلوب غير معهود هذه المرّة برعاية مجلس النوّاب الذي وفرّ اليوم أرضيّة للحِوار بين القطاعين العام، فالكُلّ اليوم على درجة واحدة من المسؤولية تجاه تحفيز الاقتصاد الوطنيّ من حُكومة ونوّاب وقطاع خاص، فالجميع مُشاركون في تحمّل المسؤوليّة في المشهد الاقتصاديّ.

Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى