هيكلة مجالس الحاكمية في مؤسسات التعليم العالي / أ. د يحيا سلامه خريسات

هيكلة مجالس الحاكمية في مؤسسات التعليم العالي الأردنية
الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات
تتكون مجالس الحاكمية في جامعاتنا الأردنية من ثلاث مجالس:المجلس الرقابي “مجلس الأمناء” والمجلس التنفيذي “مجلس العمداء” والمجلس التشريعي “مجلس الجامعة”. الملفت للنظر أن كل من مجلس العمداء ومجلس الجامعة في تشكيلتهم الحالية في معظم الجامعات، مجالس شكلية تعكس رؤى وتطلعات شخصية رئيس الجامعة. أما المجلس الأهم في هذه المنظومة وهو المجلس الرقابي “مجلس الأمناء”، فانه أيضا في صيغته الحالية لا يتعدى كونه مجلس شكلي.
وفي ضوء الدعوة لإجراء هيكلة لجامعاتنا الوطنية من ضم وتوحيد بشرط عدم ازدواجية التخصصات في مركز الجامعة والفروع التي ستتبعها لاحقا بعد الهيكلة، وبعد اقرار قانون الجامعات الأردنية الأخير والذي يعتبر الجامعات الرسمية مؤسسات مستقلة ماليا وإداريا، وان لا سلطة لوزير التعليم العالي عليها، علما بأنه رئيس مجلس التعليم العالي صاحب الولاية في تعيين وإقالة رؤساء الجامعات، بالإضافة الى انه أيضا صاحب الولاية في تعيين وإقالة رئيس وأعضاء مجالس الأمناء. فكيف تكون لهذا المجلس هذه الصلاحيات الكبرى ولا يكون لرئيسه صلاحية مسألة أو محاسبة رؤساء الجامعات؟!.
ان النظام المعدل الجديد للجامعات الأردنية يحصر هذه الصلاحيات في مجالس الأمناء والتي نعي جيدا بأنها وبصيغتها الحالية غير قادرة على الاطلاع بمسؤولياتها المستقبلية، فلابد من هيكلة هذه المجالس وإعادة تشكيلها، لأنه وفي ضوء التعديلات الأخيرة فان صلاحيات هذا المجلس ستكون كبيرة وستشمل التنسيب بتعيين رؤساء الجامعات أو إقالتهم، وعليه فهذا يتطلب بشكل حتمي إعادة النظر بشكل مستفيض في التشكيلة الحالية لهذا المجلس في جميع جامعاتنا الوطنية، وضرورة أن يكون رئيس وأعضاء هذا المجلس متفرغين بشكل كامل، لما يقع على عاتقهم من مهام جسام ومسؤوليات عظيمة ، فلا يجوز أن يكون رئيس مجلس الأمناء مديرا عاما لشركة ما او يعمل مديرا لمؤسسة أخرى، وقد يكون مشغولا بمواقع مختلفة، مما يمنعه من القيام بما هو مطلوب منه لخدمة الجامعة.
وللأسف وعلى الرغم من وجود مكاتب خاصة برؤساء مجالس الأمناء في كل جامعة، إلا أنهم لا يتواجدون فيها إلا في يوم اجتماع المجلس، والذي قد يكون شهريا إذا لم نبالغ ونقل انه فصلي في بعض الجامعات، مما ينعكس سلبا على أدائهم ومتابعتهم لمسئولياتهم والتي تعتبر ولحد الان شكليه وغير كافيه ولا تليق بحجم الواجبات الوظيفية لهذا الموقع المهم، مما يترك ثغرة وهوة بين الطموحات والواقع.
لذا اعتقد وفي ضوء ما سبق ان يكون رئيس مجلس الأمناء في المرحلة القادمة مفرغا لمتابعة جامعته، وأن يكون قادرا على مراقبة ومحاسبة الرؤساء وضمن منظومة التشريعات والقوانين الناظمه، وأن يكون المجلس مختارا بعناية ممن لديهم القدرة على التخطيط الإستراتيجي ومن المشهود لهم بالنظرة الثاقبة والنظر للواقع بعيون المستقبل، لا أن تكون -لا سمح الله- مكافآت للمعارف والمحسوبيات واسترضاء لبعض الأشخاص.
ان مهمة اختيار واستقطاب رئيس وأعضاء مجالس الأمناء مناطة بمجلس التعليم العالي، والذي أعتقد بأنه أيضا يحتاج الى هيكلة في المرحلة القادمة، مما يلقي بالمهام الثقال على شخص معالي الوزير ورئاسة الوزراء في اختيار واستقطاب أعضاء لمجلس التعليم العالي الجديد، والذي ستناط بهم مهام اختيار وتعيين رؤساء وأعضاء مجالس الأمناء في الجامعات، ونتمنى ان تتم الهيكلة بمهنية وحرفية، مما يسهم في المحافظة على مستوى جامعاتنا الوطنية والنهوض بها، وصولا الى تحقيق الرؤى الملكية السامية في تطبيق النزاهة والعدالة والشفافية وسيادة القانون، مما يحقق لجامعاتنا الاستقلالية المالية والإدارية والمنافسة العالمية.
حمى الله هذا البلد الطاهر وشعبه واحة للعلم ومرتعا للأمن والأمان، وهيأ له من أهله من يحرصون على رفعته وتطوره وصون أمنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى