سواليف _ مارست هوليوود على مدى عقود ما يعرف اصطلاحا بـ “تبييض” الشخصيات الرئيسية في أفلام كان يجب أن يقوم بها ممثلون من أعراق أخرى.
فلعبت الممثلة إليزابيث تايلور على سبيل المثال، دور الملكة المصرية كليوباترا ورغم نجاح العمل على نطاق تجاري وفني عالميا، فإن كليوباترا كما نعرفها لا تمت لتيلور بصلة، لا من ناحية الملامح ولا البنية الجسدية، ناهيك عن لون البشرة والعيون.
المخرج البريطاني المخضرم ريدلي سكوت صاحب Gladiator وThe Martian دافع عن هذه الممارسة بقوله إن إسناد دور بطولة لممثل أبيض في أدوار لا تمت للعرق بأي وجه للشبه له سبب اقتصادي بحت في أفلامه هو على الأقل.
فقد أسند سكوت دور البطولة في فيلم Exodus: Gods and Kings عام 2014 إلى الممثل كريستيان بيل، علما أن الفيلم يتناول شخصيات مصرية إلى جانب ممثلين بيض أيضا مثل سيغورني ويفر وجون ترتورو وجويل إدغيرتون الذي لعب دور الفرعون رمسيس الثاني.
وقال مفسرا ذلك “لا أستطيع أن أبني فيلما ذا ميزانية ضخمة بهذا الحجم وأقول إن بطل فيلمي اسمه محمد فلان من البلد الفلاني”.
ويذكر أن المخرج ذاته استعان بممثلين عرب في فيلمه Kingdom of Heaven عام 2005، فأسند دور صلاح الدين الأيوبي للسوري غسان مسعود، كما شارك المصري خالد النبوي في العمل نفسه لكنهما لم يكونا بطلي العمل.
في حالة فيلم سكوت كان الفيلم ناجحا في شباك التذاكر عالميا، لكن الحال لم يكن كذلك في أغلب الأفلام “المبيضة”، بل فشل بعضها فشلا ذريعا، جعل من اتخاذ العامل الاقتصادي ذريعة أمرا غير مقبول.
اعترف أخيرا الممثل الأميركي جيك جيلنجهال أن “تبييضه” لشخصية إيرانية في فيلم Prince of Persia: The Sands of time “لم يكن مناسبا”، ويعتبر هذا العمل الذي عرض عام 2010 حسب تقرير إندي واير “أسوا مثال خلال عقد من الزمان على تبييض هوليوود لدور كان على ممثل إيراني أن يلعبه بدلا من ممثل أبيض”.
فالفيلم الذي أنتجته ديزني فشل فشلا ذريعا في شباك التذاكر داخل أميركا وعالميا، وأوقف خطة كانت قد وضعتها الشركة السينمائية العملاقة ليكون باكورة سلسلة أفلام تليه.
قدم ماكس لاند منتج وكاتب فيلم Ghost in the Shell تفسيرا لسبب اختياره الممثلة سكارليت جوهانسون للعب دور شخصية يابانية مبنية على فن “الماغنا”، مبينا أن أي قصة قدمها الغرب عن الآسيويين كانت “أقل من المستوى” وأن إسناد دور لممثلة بحجم جوهانسون أعطى فرصة لكل العالم للتعرف على القصة بأفضل أشكالها.
يحكي الفيلم قصة محققة تعمل لصالح الحكومة اليابانية بجسد اصطناعي وعقل بشري ومهمتها القبض على شرير يدعى كوز.
وأكد لاند أن القصة معروفة على نطاق واسع في آسيا ومجهولة تماما في باقي العالم، فكان لا بد من تقديمها بميزانية لا تقل عن 110 ملايين دولار، وممثلة ذات صفات جسدية وقدرات أداء متوفرة في جوهانسون حتى يخرج العمل بشكل لائق.
الفيلم لم يفشل تجاريا ولكنه لم يقدم نجاحا ملحوظا في شباك التذاكر، إلا أنه قدّم بالفعل قصة من آسيا بطريقة أفضل بكثير من محاولات هوليوود السابقة في هذا المجال.
أثلج اختيار ديزني كلا من المصري مينا مسعود والتونسي مروان كنزاري قلوب العرب، وهما اللذان لعبا “أخيرا” أدوار البطولة في فيلم “علاء الدين” بنسخته الجديدة، خاصة أن اختيارهما نفى بشكل أو بآخر تعمد هوليوود تهميش الأقليات، لكن هذه الفرحة لم تدم وخيب إسناد دور ياسمين لممثلة غير عربية ظن الكثيرين.
فاختيار المخرج “غاي ريتشي” للممثلة نيومي سكوت، وهي خليط عرقي هندي وبريطاني، اعتبره كثيرون من متابعي أخبار العمل من العرب على وسائل التواصل “غير لائق”، حسب تقرير نشرته “غولف نيوز” بعنوان “لماذا ياسمين بيضاء كلون الحليب والجني ليس أزرق؟”.
وبما أن القصة مشهورة جدا في كل العالم، كان من الأجدر حسب التقرير الذي رصد الآراء على تويتر، أن تكون كافة الشخصيات عربية، لأن البطولة فيها يمكن أن تناسب حديثي العهد بهوليوود، فقوة القصة كانت كافية دون اللجوء “للتبييض”.
واتهمت إحدى المغردات ديزني بـ “الكسل” كناية عن التقصير في البحث عن بطلة عربية، قائلة “أعلم أن نيومي سكوت موهوبة، لكن لا بد من رفع السقف قليلا، كان لا بد أن تلعب ممثلة عربية دور ياسمين لكن “هوليوود كسلانة”.
رغم أن الصحافة دأبت على انتقاد هوليوود بسبب “التبييض” فإن حالة تجسيد الإنجليزي ليام نيسون لشخصية عربية في فيلم Batman راقت لصحيفة تلغراف التي أثنت على اختيار المخرج كريستوفر نولان لممثل غير عربي.
وذكرت الصحيفة أنه رغم أن شخصية “رأس الغول” في الفيلم عربية اسما وأصلا، كان من الأنسب أن يتجنب نولان اختيار عربي شرير يريد تدمير العالم في ظل الظروف التي نعيشها في عالمنا اليوم.
وقالت الصحيفة في مقال تحت عنوان “هوليوود والتبييض تاريخ طويل من تطويع الشخصيات”، إن تجسيد نيسون للشخصية أفقدها بعضا من ألقها، خاصة أنها عربية خالصة، وتستخدم السيف في القتال -مهارة عربية- لكن تجنب نولان لإسناد دور الشرير لعربي “مفهوم” نظرا لكيفية تناول الإعلام للعرب حاليا.