
بالرغم من المصادقة الإسرائيلية على إدخال #المساعدات_الإنسانية بشكل “فوري” إلى قطاع #غزة، إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى أن هذه الإعلانات غالباً ما تكون محكومة باعتبارات سياسية وأمنية، ولا تعني بالضرورة رفعًا فعليًا للحصار المفروض على #دخول #المساعدات أو استجابة حقيقية لحجم #الكارثة، فالحديث عن “كمية أساسية” من الغذاء يبقى فضفاضًا، في ظل أرقام المجاعة المتزايدة، ووفاة العشرات من #الجوع.
ويخشى مراقبون أن تكون هذه الخطوة محاولة لتخفيف الضغط الدولي المتصاعد دون الالتزام العملي بتأمين ممرات إنسانية آمنة ومستدامة. إذ لا تزال القيود الإسرائيلية المشددة على المعابر، والتدخلات في توزيع المساعدات، تعيق وصولها إلى المناطق الأكثر تضررًا، خاصة في شمال القطاع، حيث الكارثة الإنسانية في أوجها.
وفي تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، بعد الإعلان الرسميّ عن قرار إدخال المساعدات، ذكر مسؤول إسرائيلي رفيع، أن خطوة إدخال المساعدات إلى القطاع، “إجراء مؤقت لمدة أسبوع تقريبا، حتى الانتهاء من إنشاء مراكز التوزيع”.
وأشار إلى أن مراكز التوزيع المذكورة، “سيكون معظمها في جنوب قطاع #غزة، تحت السيطرة الأمنية لجيش الاحتلال وستُشغَّل من قبل شركات أميركية مدنية”.
وذكرت وسائل إعلام عبرية، أن الكمية التي سمح الاحتلال بإدخالها، عدد محدود من #الشاحنات إلى قطاع غزة لا يتجاوز تسع شاحنات يوميًا، وقد يصل إلى ثلاثين شاحنة حتى مساء اليوم، وهو ما يمثل فقط 5% من معدل الشاحنات التي كانت تدخل خلال فترة الهدنة السابقة، والتي بلغت نحو 600 شاحنة يوميًا.
وأشارت إلى أن وزير الجيش يسرائيل كاتس قرر المصادقة على إدخال شاحنات مساعدات قليلة يوميا. وهذا القرار جاء بعد تفشي #المجاعة بشكل كبير جراء إغلاق المعابر منذ أسابيع، استخدم خلالها الاحتلال التجويع كسلاح.
وقال وزير خارجية الاحتلال ساعر في اجتماع “الكابينت” إن وزراء خارجية في الاتحاد الأوروبي ونواب في الولايات المتحدة ضغطوا لإدخال المساعدات.
ووصف مراقبون ما يجري بأنه “إدارة ممنهجة للمجاعة على المستوى الإعلامي”، حيث تقتصر المشاهد المتداولة في وسائل الإعلام الدولية على طابور شاحنات صغير، بغرض خلق “اللقطة المطلوبة” دون معالجة جوهرية للكارثة.
وأوضحوا أن أغلب الشاحنات تدخل كمساعدات إنسانية تحتوي على طحين ومعلبات، دون أي مواد غذائية طازجة أو أساسية مثل الخضار، الفواكه، اللحوم أو الدواجن، مما يُبقي سكان القطاع تحت خط الجوع الحاد.
وفي تطور يوصف بأنه “وقح ولا إنساني”، سمحت سلطات الاحتلال بإدخال شاحنات محملة بالأدوية، فيما قصفت الطائرات الإسرائيلية، في الليلة ذاتها، مستودع الأدوية الخاص بمستشفى ناصر في خان يونس، ما يعكس تناقضًا صارخًا بين الادعاءات الإنسانية والممارسات الميدانية.
ويرى محللون أن هذه الخطوات لا يمكن فصلها عن السياق السياسي والعسكري العام، حيث يحاول الاحتلال امتصاص الغضب الدولي المتصاعد من خلال طرح “طُعم المساعدات”، في الوقت الذي يواصل فيه تنفيذ مخططاته الأوسع، على غرار نموذج اجتياح رفح، الذي تم بغطاء من الصمت الدولي والضباب الإعلامي.
وأفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة في بيان له، الإثنين، بأن المجاعة تتفاقم وقطاع غزة يحتاج إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا كضرورة عاجلة لإنقاذ حياة 2.4 مليون إنسان، فيما ندد في التلكؤ بالتحرك لإنقاذ المدنيين من المجاعة والموت البطيء واعتبره وصمة عار في جبين العالم أجمع.
وجاء في بيانه، أنه “في ظل استمرار الإبادة الجماعية والعدوان والحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على قطاع غزة، تتفاقم مؤشرات المجاعة والانهيار الإنساني بوتيرة مرعبة، تهدد حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان مدني في قطاع غزة المنكوب”.
وبيّن “تظهر الوقائع الميدانية والانهيار المتسارع في مختلف القطاعات، أن الحد الأدنى المطلوب يوميا لوقف هذا الانهيار يتمثل في إدخال 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، إلى جانب 50 شاحنة وقود لتشغيل المخابز والمستشفيات ومحطات ضخ المياه والصرف الصحي”.
وحذر مكتب الإعلام الحكومي من “أننا أمام كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث توقفت عشرات المخابز عن العمل، وتخرج المستشفيات عن الخدمة تباعا، فيما يحرم السكان من أبسط مقومات الحياة من غذاء وماء وكهرباء ودواء. ويتسبب هذا الخنق المتعمد في تفشي الجوع وسوء التغذية، خاصة في أوساط الأطفال والمرضى وكبار السن، في مشهد يعيد إلى الأذهان أقسى فصول الحصار والإبادة الجماعية في التاريخ الحديث”.
ولفت إلى أن “هذا الوضع الكارثي ليس نتيجة كوارث طبيعية، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات ممنهجة يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، تستهدف المدنيين في معيشتهم وأجسادهم، في انتهاك فاضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تجرّم استخدام الغذاء والدواء كأدوات حرب”.
وشدد الإعلام الحكومي على أن “هذا الوضع الإنساني الخطير يُعد جريمة ضد الإنسانية بكل المعايير، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية. إن التلكؤ في التحرك لإنقاذ المدنيين من المجاعة والموت البطيء يمثل وصمة عار في جبين العالم أجمع”.
وأدان بأشد العبارات “الإجرام الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين من قتل وتشريد وتهجير وإبادة جماعية، ونُحمّل الاحتلال والدول المنخرطة في الإبادة مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه الجرائم وعن تداعيات وآثارها الخطيرة”.
وطالب مكتب الإعلام الحكومي في القطاع، المجتمع الدولي وكل دول العالم بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي المجرم لفتح كامل وفوري للمعابر وإدخال ما لا يقل عن 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا دون إبطاء أو شروط. كما طالب بتمكين المنظمات الأممية والدولية الإغاثية من العمل بحرية وأمان داخل قطاع غزة، بدون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وبدون تجاوز للمعايير الإنسانية العالمية، وطالب بمحاسبة الاحتلال على جريمة استخدام الحصار والتجويع كأداة من أدوات الإبادة الجماعية.
ونبه من أن “صمت العالم لم يُعد مقبولا، والوقت ينفد. فإما أن يتحرك المجتمع الدولي الآن لإنقاذ ما تبقى من أرواح المدنيين، أو أن يسجل نفسه شريكا في واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث”.