هل يمكن #مواجهة_التحديات القادمة بوضع إقتصادي ومالي منهار؟
الأردن يـُفـَكّر !!!
بقلم : د. #لبيب_قمحاوي
التاريخ: 2024/10/17
في ظل الأوضاع القاتمة التي تعصف بالمنطقة والدوامات السياسية الجارفة والمعادية التي قد تؤدي إلى جر #الأردن إلى القاع ، ما زال #الأردنيون يتساءلون عن كيفية التصدي للتحديات القادمة على أثر #الإنفلات_الإسرائيلي_المجنون في المنطقة في الوقت الذي يعانون فيه الأمرَّين من أوضاعهم الإقتصادية والمعيشية التي دفعت أعداداً متزايدة من الأردنيين إلى ما دون #خط_الفقر ، والعديد من الشركات والإستثمارات الأردنية الناجحة تاريخياً إلى حضن #الإفلاس .
ما الذي حصل وجعل الدولة ومؤسساتها وقوانينها وممارساتها الضريبية غولاً يخشاه المواطنون في حين أنه من المفروض أن يلجؤا إلى حمايتها من جشع أو ظلم الآخرين أو من عاديات الزمن ، وأن توفر لهم مظلة الأمان .
هل #المواطن_الجائع أو العاطل عن العمل أو الذي لا يثق بكيفية إدارة حكوماته لشؤون البلد ، قادرٌ على التصدي للتحديات الخارجية أو حتى راغباً بذلك .
تبقى الذمة المالية للدولة الأردنية أمراً مشكوكاً به بالنسبة للمواطن الأردني العادي. والأمر نفسه يسري على وسائل وطرق الإنفاق ودواعيها . وقد ساهم في زيادة هذا الشعور طوق محكم من الظلم الذي يحيط بسلوك الدولة المالي والضرائبي والذي يشعر به المواطن الأدرني في معظم التعاملات المالية والضريبية بين المواطن والدولة ، تلك التعاملات التي تبحر في بحر الجباية بعيداً عن روح الدستور الأردني وحقوق المواطن الأردني . فالدولة الأردنية قامت وبإصرار عجيب على تطويع القانون لخدمة أهدافها الجبائية من خلال إستعماله كسوط لهذه الجباية تلهب به جيب المواطن وتحوِّل حياته إلى جحيم . القوانين الناظمة للعلاقة المالية والضريبية بين الدولة الأردنية والمواطنين علاقة بإتجاه واحد تسير في مصلحة الدولة دائماً ، والعَوَضْ على المواطن إذا ما وقع في براثن الدولة نتيجة لأي خلاف مالي أوضريبي ، حيث أن المواطن بالنسبة للدولة مذنب إلى أن تثبت براءته . هذه هي بعض الحقائق المؤلمة التي يُجْبَر المواطن الأردني على التعايش معها يومياً .
وفي سياق الأمور ، يتم استنزاف القطاع الخاص في الأردن وسحقه من خلال قوانين جائرة ونظام ضريبي بائس ظالم يكون على رأسه في العادة شخصية تَعْتَبر أن مهمتها وواجبها يكمن في استنباط الوسائل والسبل لفرض المزيد من #الضرائب وتكريس نهج الجباية عوضاً عن تطبيق القانون بعدالة ، مما يعكس المفهوم العجيب لدى اولئك المسؤولين الضريبيين في أولوية الجباية مهما كانت جائرة على أولوية تطبيق القانون في أصوله الدستورية.
#الوضع_الإقتصادي #المتدهور في الأردن هو محصلة طبيعية لعقود من التخبط الإقتصادي وانعدام الكفاءة والتخطيط السليم على يد مسؤولين معظمهم يفتقر إلى المؤهلات اللازمة للتخطيط الاقتصادي السليم والنهوض بالإقتصاد الوطني عموماً . ولعل أكثر الشواخص أهمية في خطورتها وآثارها السلبية هي ما يلي :-
أولاً : ينص الدستور الأردني بموجب “المادة 111” على عدم جواز فرض أي ضريبة إلا بقـانـون . وليس بموجب نظام تقره الحكومة كما هو عليه الحال الآن .
ثانياً : تسمح الدولة الأردنية بسن قوانين ضريبية بأثر رجعي . إن النص على الأثر الرجعي في تطبيق أي قانون يعكس العقلية العرفية والاستبدادية الجائرة في سلوك الحكومة وفي كيفية تعاملها مع المواطن بإستهتار واضح .
ثالثاً : يمنع القانون الأردني تطبيق مبدأ التقادم بالنسبة لحقوق الدولة ، حتى ولو كانت تلك الحقوق جائرة وقد يتوفى المواطن وتطالب الدولة ورثته وهكذا ، وفي نفس الوقت يسمح القانون بتطبيق مبدأ التقادم على حقوق المواطن الأردني الشخصية والتي تسقط بالتقادم وبعد مرور فترة زمنية معينة وكأن حقوق المواطن لا قيمة لها أمام حقوق الدولة وجبروتها .
رابعاً : هنالك العديد من الإجراآت والقوانين التي لا يمكن تفسيرها إلاَّ بكونها تعسفيه إستبدادية تخلو من أي منطق . فمثلاً في حين أن الدولة تتعامل مع البضائع الموجودة في المناطق الحرة بإعتبارها في عهدة الدولة مع اشراف أمني مشدد على خروج أي شئ من تلك المناطق إلا بعد الكشف المشدد على إجراآت خروجها ومدى تطابقها مع القانون ، ومع كل ذلك فإن مالك البضاعة يعتبر في نظر الدولة مسؤولاً عن أي نقص في كمية البضاعة الموجودة في عهدة الدولة حتى ولو كان ذلك النقص من خلال الفساد الجمركي أو السرقة من داخل المناطق الحرة ويتم التعامل مع المالك بإعتباره هو المسؤول ويتم تغريمه قيمة الجمارك والغرامات المترتبة !
خامساً : لقد سمحت الدولة الأردنية لبعض القطاعات مثل الطاقة والكهرباء والمياه والبنوك بسرقة المواطن نهاراً جهاراً وبشكل متكرر دون أن يمتلك المواطن الأردني القدرة على الاعتراض أو فهم أسباب الزيادات المتكررة أو الوسيلة لمقاضاة تلك المؤسسات أو الشركات خصوصاً شركة الكهرباء وفواتيرها العجيبة دون أن يتعرض لإبتـزاز وقف الخدمة المعنية إذا لم يتم الدفـع حسب طلب الشركة. وبالإضافة إلى ذلك الغـُبْن لماذا يكون سعر الدواء في الأردن مثلاً الأعلى في دول المنطقة بما في ذلك مصر وتركيا وسوريا ولبنان …الخ . هل فساد بعض المسؤولين أهم من صحة المواطن الأردني وقدرته على شراء الدواء ؟ أما بالنسبة للتسعير الشهري لمشتقات الطاقة فهذا يبقى اللغز الكبير أمام المواطن الأردني ، وبالرغم عن أية تخفيضات شكلية مقارنة بالزيادات ، تبقى أسعار المشتقات النفطية في الأردن من الأعلى في العالم ؟
سادساً : أمانة العاصمة هي أحد المؤسسات التي يتساءل معظم الأردنيين عن ما يجري في داخلها خصوصاً وأنها بسياساتها وممارساتها التعسفية والجبائية قد حَوَّلت المالكين الأردنيين إلى مجرد أوصياء على ممتلكاتهم أو مدراء لها يديرونها لصالح الأمانة . وأمانة العاصمة بالإضافة إلى شركة الكهرباء والمياه هم مبعث معاناة معظم الأردنيين ولا أحد يعلم لماذا تتغاضى الدولة عن سلوكهم وعن ما يجري على أيديهم من ممارسات جبائية جائرة أو مشكوك بها .
سابعاً : إن شح موارد الدولة هو نتيجة حتمية لخصخصة وبيع معظم استثماراتها وأراضيها واختفاء عوائد تلك الخصخصه بدلاً من إعادة استثمارها ، بالإضافة إلى الزيادة الملحوظة في إنفاق الدولة في مجالات غير منتجة مثل الرواتب أو الانفاق المظهري ، وإقتصار دخل الدولة على الضرائب والمساعدات بعد الخصخصة المشؤومة التي أفقدت الدولة مواردها الأخرى كل ذلك قد أطلق العنان لوحش الجباية وأضعف بالتالي من قدرة الأردنيين على موائمة مداخيلهم بالتزاماتهم الحياتية مما فتح الباب أمام البطالة ومشاكل الاجرام والمخدرات .
ثامناً : المكرمات ليست هي الحل ، بل هي إجراء غير دستوري ، الحل يكمن في التخطيط الإقتصادي والإستثماري السليم ، ومحاربة ومنع الفساد بأشكاله ، وتطبيق القانون بشكل متساوي ومتوازن على جميع الأردنيين وبالتالي الامتناع عن تحويل ما كفله القانون كحقوق للمواطن الأردني إلى تسول من خلال استجداء المكرمات مما يحرم المواطن الأردني من الشعور بالكرامة التي يوفرها تطبيق القانون.
الأردن مقبل على تحديات ومخاطر جسيمة تتطلب تكاتف جميع أبناء الشعب في مجابهة تلك المخاطر وعدم تركها لقرارات فردية من مسؤولين يفتقرون إلى الحنكة والشكيمة اللازمة للتصدي لتلك المخاطر . إن قدرة الشعب على مجابهة المخاطر ومقاومتها سوف تكون ضعيفة أو معدومة إذا ما كان الشعب جائعاً ، مسلوب الإرادة ، والتواصل بينه وبين الحكم يكاد يكون معدوماً ، بالإضافة إلى إنعدام قدرة مؤسسات الدولة على القيام بأدوارها الدستورية . الحل يكمن في إعادة بناء الدولة الأردنية ومؤسساتها الدستورية بشكل شفاف يعكس حداثة هذا العالم الذي نعيش فيه وحق المواطن في العدالة والعيـش بكـرامة.
lkamhawi@cessco.com.jo