هل يمكن أن تصبح الحيّـــة خيّــــة ؟

هل يمكن أن تصبح الحيّـــة خيّــــة ؟
موسى العدوان
لفت انتباهي الخبر الذي نُشر في وسائل الإعلام يوم أمس 29 / 10 / 2021 بأن مواطنا اربعينيا قد توفي ( بلدغة #أفعى ) في الشونة الشمالية رحمة الله عليه. وهذا الحادث يذكرني بالمثل الشعبي : ” #الحية ما تصير خيّة ” وكذلك ببيت الشعر القائل :
إن #الأفاعي وإن لانت ملامسها * *
عند التقلب في أنيابها العطب
ومن خلال تجربتي الشخصية، وجدت أن الحيّة يمكن أن تكون خيّة في بعض الأحيان، وأن ملامسها لطيفة تحن على الإنسان أكثر من أخيه الإنسان، وهذا دليلي على ذلك :
في زمن أجيالنا التي بدأت بالانقراض في هذا العقد، لم تكن لديها وسيلة تسلية للأطفال، وخاصة في القرى كما هي اليوم. فلم يكن لديهم هواتف ذكية، ولا كمبيوترات، ولا بليستيشن، ولا تلفزيونات. وكانت التسلية الوحيدة هي محاولة اصطياد العصافير، التي تتكاثر على الأشجار خاصة في وقت المساء، أو البحث عن أعشاش العصافير، لنأخذ صغارها ونربيتها حتى تكبر، ثم نذبحها ونشويها على نار الحطب لنأكلها.
ومن الذكريات الطفولية المريرة هذه الحادثة، التي لا أنساها طيلة الحياة : في أوائل الخمسينات عندما كنت طفلا بعمر لا يتجاوز 12 عاما، كان لدينا أحد العمال الزارعين الغزاويين، والذي كان يساعدني في البحث عن أعشاش العصافير المرغوبة.
في أحد الأيام توقعنا أن في طرف منزلنا الخارجي والمبني من الطوب، يوجد عش يوجد به عصافير صغيرة، فأحضر العامل سلما خشبيا طويلا، وطلب مني أن أرتقي السلم وأخرج العصافير الصغيرة من عشها. صعدت السلم وعندما أصبحت بموازاة العش، مددت يدي الصغيرة داخل الفتحة فلمست بها شيئا ناعم الملمس.
أخرجت يدي بسرعة وقلت للعامل، يوجد شيئ ناعم داخل العش. فقال هذه عصافير ولحمها ناعم، فأعد التجربة مرة ثانية واستخرج العصافير. أدخلت يدي مرة ثانية في العش وسحبت جزءا من ذلك الجسم الناعم الملمس. وفوجئت بأنها حية رقطاء، كنت قد أمسكت بها من وسطها. فعندما شاهدت منظرها ارتجفت من شدة الخوف وهبطت سريعا عن السلم، لأبلغ العامل بما شاهدته.
قام العامل وبخبرته في هذا المجال بإخراج الحيّة من العش، إذ بلغ طولها أكثر من متر ثم قتلها. وبقيت من جانبي أتساءل : كيف وصلت الحية إلى ذلك العش الذي يقع على ارتفاع 3 أمتلر، وكيف كانت الحيّة لطيفة معي، ولم تسول لها نفسها بلدغي، لأني أزعجتها في وقت استراحتها داخل بيتها. وهنا تأكدت أن الحيّة يمكن أن تكون خيّة في بعض الأحيان، وقد تكون أفضل من بعض المقربين إليك الذين يلبسون ثوبها الناعم في احيان أخرى.
واقتنعت أخيرا أن الأعمار بيد الله، وأنه تعالى أطال بعمري لأشارك في الحروب دفاعا عن الوطن، وأن أعيش حتى أعرف رجالا عظماء صنعوا تاريخا مجيدا سُجّل على صفحات الأردن، ولأعرف أيضا أشباه رجال صغار منافقين ومتسولين ووصوليين، أساءوا لتاريخ الوطن وتاريخهم، ستلعنهم الأجيال اللاحقة على مدى الزمن . . !
التاريخ : 30 / 10 / 2021

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى