سواليف
“القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها، وهي دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضرة ومستقبله”.. كانت هذه هي دعوة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، خلال ندوة تثقيفية نظمتها القوات المسلحة بمسرح الجلاء شرقي القاهرة، وقت أن كان وزيرا للدفاع، في 23 حزيران/ يونيو 2013، قبل أيام قليلة من اندلاع تظاهرات 30 حزيران/ يونيو، التي أعقبها الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي.
وقبل أيام قليلة من اندلاع مظاهرات 25 نيسان/ أبريل الجاري، والمتوقع أن تكون حاشدة وقوية، أطلق، أمس الخميس، وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة المصرية صدقي صبحي دعوة للشعب المصري، قائلا: “إنني أدعو المصريين جميعا للالتقاء على كلمة سواء تعلي مصالح الوطن فوق المصالح الذاتية وفوق كل اعتبار، لكي نمضي معا بجهد مخلص وصادق نعلي مكانة مصر ونصون عزتها، من أجل بناء المستقبل الأفضل للأبناء والأحفاد بإرادة حرة لا تعرف الإملاءات أو المغريات، وتفرق بين الحق والباطل والغث والثمين، وتؤكد أن الشعب هو السيد والقائد والمعلم”.
ورأى سياسيون أن هناك تشابها بين دعوة “السيسي” في 2013، ودعوة صدقي صبحي في 2016، متوقعين احتمال تكرار السيناريو نفسه الذي قام به عبد الفتاح السيسي سابقا خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل تأزم المشهد السياسي بعد ما وصفوه بفشل وفاشية نظام عبد الفتاح السيسي على المستويات كافة.. فهل يكرر صدقي صبحي سيناريو “السيسي” مع الرئيس مرسي بالفعل أم إن هذا مستبعد؟
وبحسب مراقبين، فإن هذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها وزير الدفاع صدقي صبحي دعوة إلى جموع المصريين من أجل التوحد حول “مصالح الوطن”، وتأتي أهمية وخطورة هذه الدعوة إلى أنها موجهة للمصريين جميعا، بمن فيهم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي كان من المقرر حضوره وقائع الندوة التثقيفية بمسرح الجلاء، بحسب ما نشرته وسائل إعلام مصرية، إلا أنه تغيب عنها.
من جانبه، قال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، محمد منتصر، عبر حسابه على موقع “تويتر” الجمعة: “إزاحة السيسي وحده قضية أتفه من أن تكون هدفا للحركة الوطنية، نحن نستهدف تغييرا جذريا للنظام العسكري المجرم واستعادة المسار الديمقراطي”.
واكتفى رئيس البرلمان المصري المنعقد بالخارج جمال حشمت بقوله لـ”عربي 21″: “نرفض الالتفاف حول الثورة، ولن يقبل الشعب المصري الحر استبدال قاتل بقاتل”.
وقال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمد سودان: “لقد تحدثت عدة مرات منذ فترة سابقة عن صراع الجنرالات، وأضف إليها صراع المؤسسات والأجهزة الذي لا يخفى على أحد، ودعوة صدقي صبحي الأخيرة ذكرتني بنداء قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في 23 حزيران/ يونيو 2013 للقوى السياسية في البلاد، فهي شبيهة بها إلى حد كبير”.
وأضاف “سودان” : “لقد غرد عبد الفتاح السيسي خارج السرب منذ مدة، منبطحا ومحميا من الكيان الصهيوني، لكن حان الوقت لأكل البطل الذي صنعوه من العجوة”.
وأكد القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، مجدي سالم، أن الفريق صدقي صبحي هو شريك كامل في الانقلاب العسكري الدموي في 3 تموز/ يوليو، وهو مسؤول مسؤولية كاملة في جميع الجرائم التي ارتكبها النظام الانقلابي.
وتابع : “ولو صدق “صدقي صبحي” فعليه الابتعاد بالجيش عن ممارسة السياسة وحماية خيارات الشعب وإرادته الحرة، والبعد عن مواءمات ارتهان القيام بالواجب بالمصالح والفساد”.
بدوره، أكد المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد حسن الشرقاوي، أن “السيناريو بات واضحا: السيسي يحشد أنصاره أمام قصر عابدين بالقاهرة في 25 نيسان/ أبريل، والثوار سينزلون في الميادين كافة، ويأتي قائد الجيش وزير الدفاع صدقي صبحي ليطلب من الجميع إعلاء مصالح الوطن”، لافتا إلى أن هذا الأمر هو سيناريو “السيسي” نفسه مع الرئيس الشرعي محمد مرسي.
وأشار “الشرقاوي” إلى أن “الجيش يستعد لتغيير السيسي بالفريق “صبحي”، ويبدو أن هناك خطة معدة مسبقا بالسيناريو القديم نفسه”.
وقالت منسق حركة شباب 6 إبريل في أمريكا، سوسن غريب، : “صدقي صبحي من العصابة الحاكمة، وبالتالي فدعوته مرفوضة شكلا وموضوعا، خاصة أن إعلاء مصلحة الوطن تكون بسقوط النظام القائم كله وليس شخص السيسي فقط”، لافتة إلى أن هذا الأمر يعبر عن موقفها الشخصي وليس موقف 6 إبريل الرسمي.
وذكر العضو السابق بحزب الدستور وائتلاف شباب الثورة، ياسر الهواري، أن كلام “صدقي صبحي” مبهم ويحتمل كل التأويلات، لافتا إلى أنه غير قادر تحديدا على تفسير جملة “استباحة الأرض، وأن الجيش لا يقبل ابتزاز الآخرين”، التي وردت على لسان “صبحي”.
ورأى القيادي بحزب البناء والتنمية، الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، إسلام الغمري، أن دعوة “صدقي صبحي” بمنزلة خطوة جانبية بعيدا عن “السيسي”، حيث لم يعد سرا أن الجنرال السيسي تزداد عزلته بشكل سريع، ومن المرجح أن تنأى المؤسسة العسكرية بعيدا عنه، حيث ورطها في دماء الشعب.
وشدد على أن ثورة الشعب المصري لن تتوقف حتى تتحقق مطالبه، وعلى رأسها خروج العسكر من السياسة، وعودتهم للثكنات لحراسة الحدود والمهام المحددة لهم وفقا للدستور.
وأضاف الغمري: “لعل قيام الجنرال صدقي صبحي بالتحرك خطوة في الاتجاه الصحيح تؤدي لنجاح الثورة وإخراج الجيش من مستنقع السياسة بشكل نهائي، وحينها ستكون خطوة سيرحب بها الكثيرون”.
بينما قال وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، ثروت نافع: “لا أعول كثيرا على ما قاله “صدقي صبحي”، فالعلاقة بينهم (صبحي والسيسي) قوية جدا، ولن يحدث أي تغيير إلا بحراك شعبي واسع وضاغط”.
وقال الخبير العسكري عادل الشريف: “لقد حرص السيسي على توريط صدقي صبحي حتى أذنيه، وهو محاط بشبكة أخطبوطية لعينة، هو نفسه يعرف بأنه محاصر، أما الكلام عن الالتقاء على كلمة سواء تعلي مصالح الوطن فوق المصالح الذاتية، فهو كلام موجه للإخوان وأنصار الشرعية للتخلي عن مطالبهم، وأقل ما أراه أنه كلام للاستهلاك المحلي ليس له قيمة وطنية مقصودة، ومن المحتمل أن يكون بتوجيه مخابراتي مصري؛ لمحاولة امتصاص صدمة بيع الجزيرتين للسعودية”.
وقال مراقبون إن هناك كلمات وجملا جاءت على لسان “صدقي صبحي”، أمس، لها الكثير من الدلالات، أهمها أن “الشعب هو السيد والقائد والمعلم”، في إشارة ضمنية لاحتمال الاحتكام إلى الشعب في ظل الخلافات الحادة الراهنة وتأزم المشهد السياسي، و”لا يفرطون في حق من حقوق مصر المشروعة، مهما بلغت التحديات والصعاب”، في إشارة إلى أنها قد تعني رفض الجيش الضمني التنازل عن الجزيرتين.
عربي 21