
في ظل حالة الغليان الإقليمي، والمشهد الإسرائيلي الداخلي المأزوم، تتكاثف التحذيرات من انزلاق #المنطقة إلى جولة جديدة من #التصعيد الذي قد تشعله سياسات رئيس #حكومة #الاحتلال الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو.
ويعتقد خبراء ومحللون أن نتنياهو بات يعتمد على توتير الساحات المحيطة للهروب من أزماته السياسية والقضائية المتفاقمة، في وقت تخضع فيه الجبهات المختلفة – من #لبنان إلى #غزة مرورًا بالضفة الغربية – لرقابة أمريكية مشددة تحاول كبح اندفاعه نحو حرب واسعة.
وقال أستاذ حلّ النزاعات الإقليمية والدولية والخبير في الشؤون الإسرائيلية، علي الأعور، إن نتنياهو “ما زال ماضياً في سياسة التصعيد وتوسيع رقعة التوتر في المنطقة، رغم أن الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد #ترامب استطاعت نسبياً ضبط إيقاع #الحرب والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”.
ويرى الأعور ، أن “نتنياهو لا يستطيع البقاء في منصبه إلا في ظل الحروب المستمرة، ولا يمكنه الذهاب إلى انتخابات مبكرة دون مناخ متوتر يتيح له إعلان حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات، هروباً من أزماته الداخلية والقضائية المتعلقة بمحاكمته”.
ويؤكد الأعور أن “حزب الله لن ينجرّ إلى حرب مع إسرائيل، وفقاً لمصادر إعلامية لبنانية، ولن يوفّر لنتنياهو الذريعة التي يبحث عنها لقصف لبنان وإشعال حرب جديدة تتيح له تشتيت انتباه الجمهور الإسرائيلي عن أزماته القانونية والعسكرية والانقسامات العميقة بين الجيش والحكومة، إضافة إلى طمس ما يجري في الضفة الغربية من توسع استيطاني وعربدة للمستوطنين”.
وأوضح أن “الاغتيالات الإسرائيلية المحدودة والاستفزازية، سواء في لبنان أو باستهداف سيارات يُدّعى أنها تابعة لقيادات في حزب الله، لن تدفع الحزب إلى مواجهة مفتوحة، ولن تمنح نتنياهو المبرر المطلوب لقصف بيروت”.
فهذه السياسة ــ بحسب الأعور ــ “ممنهجة ومخطط لها وليست وليدة اللحظة، ويقودها نتنياهو شخصياً بهدف جر المنطقة إلى حرب واسعة تُبعد الأنظار عن محاكمته وتعيد ترتيب المشهد الداخلي لصالحه”.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، أكد الأعور أن “حركة حماس استعادت سيطرتها على نحو 50 بالمئة من القطاع، وأنها ما زالت قادرة على مواجهة إسرائيل. ومع ذلك، فإن الحركة تتجنب الرد على الخروقات الإسرائيلية، إدراكاً منها أن نتنياهو يسعى لاستغلال أي رد لإعادة إشعال الحرب في غزة”.
ويرى الأعور أن “اتفاق وقف إطلاق النار ما زال قائماً بفعل الضبط الأمريكي لإيقاع الأحداث، وأن تقديراته تشير إلى عدم اندلاع حرب لا في غزة ولا في لبنان، في ظل إدراك الأطراف الإقليمية والدولية لخطورة المضي خلف سياسة نتنياهو التصعيدية”.
أما الضفة الغربية، فيصفها الأعور بأنها “تقف على صفيح ساخن”، وقد تنفجر في أي لحظة، مشيراً إلى أن “ما يقوم به المستوطنون من اعتداءات وحرق للبيوت والسيارات وقتل للفلسطينيين لن يبقى بلا رد، وربما يكون العامل الذي يقلب المشهد بأكمله ويفشل مخططات نتنياهو”.
من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد، إن “حكومة نتنياهو تواجه اليوم سلسلة أزمات داخلية خانقة، تبدأ بأزمة الجيش ووزارة المالية، حيث يطالب الجيش بزيادة كبيرة في ميزانية الدفاع لتعويض المصابين من الجنود، بينما يصر وزير المالية سموتريتش على خفض الميزانية، رافضًا أي مخصصات إضافية. وتتعاظم الأزمة مع اقتراب مناقشات الموازنة التي تبدأ في 12 الشهر الجاري وتنتهي بقراءتها الثالثة في شهر آذار المقبل، وهي محطة قد تُسقط الحكومة وفق القانون الإسرائيلي”.
ويضيف أبو زيد ، أن “هذه الأزمات تتقاطع مع ملف محاكمة نتنياهو وأزمة الحريديم، التي تعيد إسرائيل إلى جذور الصراع القديم بين بن غوريون وجابوتنسكي حول هوية الدولة: هل هي دولة دينية أم علمانية؟ وإدراك نتنياهو لخطورة هذه التحديات يدفعه إلى الهروب إلى الأمام عبر افتعال توتر أمني أو فتح جبهة قتال جديدة، سواء في جنوب لبنان أو في قطاع غزة، أو الذهاب إلى خيار تبكير الانتخابات إلى ما قبل يونيو 2026”.
ويرى أبو زيد أن “هذا الاتجاه يعكس سعي نتنياهو لصناعة واقع جيوسياسي جديد يسمح بتصدير أزماته الداخلية. فالتصعيد في لبنان هو محاولة لجر المنطقة إلى مواجهة عسكرية، بينما تعتمد المقاومة في الجنوب وغزة سياسة (الصبر الاستراتيجي) رغم الثمن الباهظ من تضحياتٍ واستهدافاتٍ وتدمير”.
وأشار إلى “ارتفاع ملحوظ في شدة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي ونوعية العمليات العسكرية، خاصة عمليات (البيك أب) التي تعتمد على جهد استخباري مكثف، ما يعكس رغبة نتنياهو في إشعال مواجهة عسكرية لإعادة ترتيب المشهد الداخلي”.
وأوضح أن “الحكومة الإسرائيلية الحالية تستند إلى ثلاث ركائز أيديولوجية: عدو الضرورة، لا سلام دائم، والحرب الدائمة. وبمفهوم عدو الضرورة، تُبتكر إسرائيل خصومًا غير موجودين لتبرير استمرار سياسات الحرب والتصعيد”.
وفي ما يتعلق بالضفة الغربية، أكد أبو زيد أن “انفجارها سيكون الأخطر على إسرائيل نظرًا لقربها الجغرافي وتركيبتها الديموغرافية. فما يجري هناك لا يقل خطورة عما يحدث في غزة ولبنان؛ إذ يواصل الاحتلال هندسة الديموغرافيا بعد إتمام هندسة الجغرافيا، مستشهدًا بتقرير (هيومن رايتس ووتش) الذي كشف تهجير أكثر من 32 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم والفارعة”.
وأشار إلى أن “إسرائيل انتقلت إلى سياسة (الضم الجزئي) أو (الضم بالقطعة) في الضفة الغربية، وهو الأسلوب الذي يحظى بقبول إدارة ترامب، باعتباره ضمًا ناعمًا يمكن تمريره إعلاميًا دون إبراز حجم الانتهاك أو إثارة ردود فعل عربية أو غربية واسعة.”
ويختتم أبو زيد بالتحذير من أن “استمرار إسرائيل في التقدم داخل مناطق حساسة في الضفة الغربية قد يفجّر مواجهة كبرى ذات تبعات غير محسوبة على تل أبيب نفسها، وكذلك على الولايات المتحدة”.




