هل يجب ان يكون الايمان بالغيب مفهوما؟
لا أقصد بالايمان بالغيب هنا #الايمان_الديني فقط ، بل كل ايمان سواء كان ل”بخالق او برسل او بسحر او بنجوم او حتى بقدرة اخطبوط على معرفة الفائز في كأس العالم.
وقبل كل شيء يجب ان نتفق على ان الايمان بالغيب بشيء ما يكون أكمل ما يكون ان تؤمن به كأنك تراه، استفادة من تعريف #الاحسان في #الاسلام وهو ان تعبد الله كأنك تراه الخ. ومعنى ذلك ان الرؤية هي المثل الاعلى للايمان، وبها يشبه. وكما هو معلوم ان المشبه به دائما اقوى في الصفة المطلوبة من المشبه. ونستفيد من هذا اننا من الافضل ان نتكلم عن الايمان بالغيب بدلالة الإيمان بالرؤية وهو الايمان بالشهادة. وطبعا في الاسلام والمسيحية واليهودية لا ينفع الايمان بعد الرؤية كقوله تعالى عن فرعون (فلما ادركه الغرق قال آمنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو إسرائيل. الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين. )
وانما سنعتمد الإيمان بالرؤية للمقارنة فيما يجوز وما لا يجوز وما يمكن وما لا يمكن في الايمان بالغيب .
وهنا اطرح الاسئلة التالية لتوضيح حقيقة الايمان وازالة الشبهات عن ما يمكن وما لا يمكن مع الايمان.
فأولاً لا يشترط في الايمان بشي غائب ان يكون مفهوماً. ولا يشترط به ان يكون مبرراً ولا يشترط به ان يكون عادلاً ولا رحيماً ولا منطقياً.
وهذا يبدو غريبا لأول وهلة ، ولذلك سنحتاج الى الشارة الى ما بدأت به من القياس على الرؤية والمشاهد والمحسوس.
فهل كل ما نراه ونحس به ونعرفه عين اليقين مفهوم او مبرر او عادل او رحيم او منطقي ؟
قطعاً لا ، فليس عندنا شك بوجود الزلازل ونحس بها ونعيشها ونرى اثارها المدمرة وهي ليست مفهومة وليست مبررة من وجهة نظر الانسان وليست عادلة فهي تقتل الاطفال الابرياء والاتقياء ، وتدع الظلمة والفجار. فهي ليست رحيمة ولا هي منطقية. ولا تتحمل مسؤولية ما تحدثه ولا تخضع للعقاب على ذلك. ولكنها واقعة..
وحتى قبل التفسيرات العلمية لها فقد كانت موجودة ومعترف بها ومعاشة ومحسوسة ومرعبة وقاسية وعشوائية الحدوث بالنسبة للانسان. وقس على ذلك الامراض والحوادث والفواجع الاخرى.
اذاً بهذا ثبت ان الواقع اكبر من الفهم واكبر من التبرير والرحمة والعدل والمنطق والمسؤولية. وليأتِ الفهم وما سواه او لا يأتِ متى اراد. اما توقنا للفهم والعدل والرحمة فهو شعور غير ملزم لحصولها.
واذا انتقلنا قياساً على ذلك الى الايمان بالغيب تبين انه من الممكن ان يكون هناك قوة خارقة لا يشترط فيها ان تكون قابلة للفهم ولا ان تكون منطقية ولا عادلة ولا رحيمة. ولا تقع تحت طائلة المسؤولية من أحد. ومع ذلك موجودة لا شك بوجودها.
فاذا سلمنا بذلك فمن باب أولى ان نسلم بوجود خالق ليس كمثله شيء ولا تدركه الابصار ولا تحيط به العقول ولا تحتويه الافهام. ولا يسأل عما يفعل ولا ينسى ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصها ولدية جنة بها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر دائمة خالدة فيها أمتع المتع وأعلى درجات السعادة. يعطيها من يشاء. ويحرمها من يشاء.
ولديه نار لا يمكن تصورها ولا تصور حرها ولا نتنها ولا شقاء من تكون مصيره. دائمة خالدة الا ما شاء ربك. يعطيها لمن يشاء.
الا ان الميزة العظمى وغير المشروطة على هذا الخالق انه أعلن لنا انه عادل وانه حرم الظلم على نفسه اختيارا لا اجباراً ،وأن الجنة والنار مرهونتان بعمل الانسان ، وأنه يحصي كل شيء ولكنه لا يؤاخذ بكل شيء فهو يعفو عن كثير.
بذلك يتهاوى تعليل الالحاد بوجود الظلم او انتفاء الفهم. وذلك بقياس الشاهد المحسوس على الغائب المتصور