هل يتدخل #الملك؟
د. خالد #حسنين
التقارير الغاضبة التي صدرت في صحف الاحتلال حول مواقف وتصريحات الملك والملكة وولي العهد ووزير الخارجية حول حرب الإبادة الجماعية في غزة؛ أكدت أنها تجاوزت اللياقات الدبلوماسية، وأنها كانت صادمة للعديد من السياسيين لدى الكيان، فلماذا أقدم الملك على تجاوز الخطوط الحمراء وتحدي الرواية الصهيونية في كافة المحافل الدولية؟
العديد من الأسباب كانت تقف وراء تلك المواقف، ولعل ما أود الإشارة إليه هنا يتعلّق بحجم الجريمة البشعة التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين، وعمليات القتل بدم بارد أمام عدسات الكاميرات دون مراعات لأي مواثيق دولية أو أخلاقية، فضلا عن حرب التجويع التي يشنها الاحتلال على أهل غزة، مما دفع الملك شخصيا للمشاركة في حملات إرسال المساعدات الجوية إلى القطاع.
من جانب آخر لم أستغرب موقف الشباب الأردني، ومنهم أبنائي، عندما خرجوا غاضبين باتجاه سفارة الكيان بعد أن شاهدوا عملية القتل البشعة لأربعة مدنيين عزل بثلاثة صواريخ أطلقتها طائرة مسيرة (وصوّرتها)، الصاروخ الأول قتل اثنين، ثم أجهزت على اثنين من الجرحى بصاروخين، تلك العملية التي بثتها قناة الجزيرة الفضائية عشرات المرات، وأعترف الكيان بارتكابها، فضلا عن آلاف الصور الصادمة والمروعة التي تصلنا عبر منصات التواصل الاجتماعي.
إذا كان الملك بموقعه ومكانته الدولية لم يستطع إخفاء غضبه من مشاهد القتل، وتجاوز اللياقات الدبلوماسية (كما ذكر إعلام العدو) فكيف نتوقع من الشباب الأردني الحر أن يصمت تجاه ما يجري، وهل يجوز أن تقوم الدوائر الأمنية باعتقال المئات وتوقيفهم في السجون بسبب مخالفتهم للتعبير (الدبلوماسي) عند الكتابة على مواقع التواصل، أو عند الهتاف أمام مسجد الكالوتي، محاولة الوصول إلى سفارة الكيان التي تمثل برمزيتها عنوان الاحتلال المجرم؟
لقد قرر الملك منذ اسبوعين فتح صفحة جديدة عبر الأمر بإصدار قانون العفو العام، وبالفعل صحر القانون واستفاد منه أكثر من سبعة آلاف سجين جنائي، بما يعكس روح التسامح في مجتمعنا الأردني، إلا أن هذا التسامح لم يمتد ليشمل الفئة الأكثر استحقاقا للتسامح، وأعني شبابنا الذي عبّر بصدق عن غضب الملك والملكة وولي العهد، ولكنه ربما اخترق المعايير الدبلوماسية في التعبير، لأن حجم الدماء التي سفكت في غزة وفي فلسطين عامة خرجت عن كافة المعايير الأخلاقية التي تحكم علاقات البشر على وجه الأرض، فكان حجم الغضب موازيا لحجم الجريمة.
إنني على أمل بصدور إرادة ملكية سامية بعفو خاص يشمل كافة المعتقلين على خلفية قضايا الراي، من المعتقلين السابقين والمعتقلين اللاحقين على خلفية الفعاليات المتضامنة مع غزة، فنحن على أبواب عيد الفطر المبارك، ولا يليق بمجتمعنا المتراحم بقاء مئات المعتقلين قيد السجون، فالقضايا الأخطر تم العفو عنها، والمأمول أن يبادر الملك إلى الأمر بامتداد حالة التسامح لتشمل الجميع، وخصوصا في ظل الحديث عن اقتراب التوصل إلى هدنة توقف حرب الإبادة عن القطاع الصابر.
حفظ الله الأردن وطنا آمنا، وفرج الله عن أهلنا في فلسطين…