هل هذه هي بداية النهاية؟ / م. عبد الكريم أبو زنيمة

هل هذه هي بداية النهاية ؟
ما وصلت إليه الأمور المتعلقة باعتصام المعلمين تُبشر ببداية نهاية نهج الفساد الذي مارسته الحكومات المتعاقبة، والذي استشرى بشكلٍ فج وواضح خلال العقدين الماضيين، فهذه الحكومة التي فشلت في تحقيق أي إنجازٍ يُذكر لها سوى الفشل، عجزت عن إدارة ومعالجة مطالب المعلمين العادلة والمحقة، وبدلاً من التفكير بإيجاد مخرج يُرضي المعلمين وينهي الأزمة نجدها قد راهنت على مجاميع المسحجين والمأجورين لحشد الشارع الأردنيّ للتصدي للمعلمين ومطالبهم والتباكي على التلاميذ، هذا الرهان سقط منذ لحظاته الأولى، حيث وجد هؤلاء أنفسهم معزولين ومنبوذين من قبل غالبية الشعب الأردني وصدى عويلهم وصراخهم لم يتجاوز أماكن تواجدهم وجدران بيوتهم، كذلك ذهب البعض لإيجاد شرخ بين صفوف المعلمين وقوات الدرك والتي هي مؤسسة عسكرية تنفذ التعليمات والأوامر الصادرة إليها من المرجعيات السياسية (الحكومية)
الأُردن يعيش في أزماتٍ خانقة سياسية واقتصادية واجتماعية، سببها ليس شح الموارد، وإنَّما نهج سوء الإدارة وغياب الرقابة والمحاسبة، والذي أدى إلى تضخم وهيمنة مؤسسة الفساد على كافة مفاصل الدولة والتي باعت ونهبت بدورها كل مقدرات الدولة ورهنت سيادتها لإملاءات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهي بالمناسبة -أي حكومات نهج الفساد- لم تتشدد مع مطالب واشتراطات هاتين المؤسستين كما تتشدد اليوم مع مطالب المعلمين، بل كانت ليّنة وطيّعة في تنفيذ تلك الإملاءات، هذه السياسات جعلت من الأردنيين متسولين وباحثين عن لقمة عيشهم في مكبات النفاية، فلم تعد أُجور الموظفين التي تآكلت بشكلٍ كبير جدًا تكفيهم لسدِّ رمقهم وللعيش ضمن الحد الأدنى حتى!
المعلم هو أساس التنمية والتطوّر والركيزة الأساسية لبناء الحضارات، لذلك؛ لقيت مطالبته بحقوقه هذا الصدى الجماهيريّ والتضامن الواسع، وعليه، يجب على الحكومة أن تنزل من أعلى الشجرة التي صعدت إليها، وعليها إيجاد مصادر التمويل اللازمة لذلك -وهي كثيرة بالمناسبة- ومنها على سبيل المثل إغلاق تلك الدكاكين التي فصّلتها مؤسسة الفساد لأبناء الذوات لتنفيعهم وزيادة ثرائهم؛ تلك المؤسسات التي لم تقدم شيئًا للوطن والمواطن والتي تستطيع بموازناتها الضخمة وأُجور موظفيها الخياليّة أن ترفع أُجور كل موظفي الدولة، وليس المعلمين فقط، من الحلول أيضًا هي تخفيض عدد المنتفعين في السفارات والبعثات الدبلوماسية من أبناء الذوات، أو تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب إلى النصف وإلغاء مجلس الأعيان وامتيازات من فيه، أو تخفيض عدد الوزراء إلى 12 أو 14 وزير، فتح ملفات الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، الحلول كثيرة، وما يلزم لتحقيقها هو توفّر الحكمة والإرادة!
قد تكون هذه الأزمة هي بداية النهاية لنهج الفساد وأزلامه، وعلى الأحزاب السياسية والنقابات بكافة أطيافها وألوانها ومؤسسات المجتمع المدني التوحد والتوافق على برامج ورؤى وطنية تنقذ البلاد من هذا النهج العبثي الذي وضع الأُردن في عين العاصفة لا سيما ونحن على أبواب الانتخابات، علينا أن نتفق ونتكاتف ونعمل على إلغاء كافة التعديلات الي أُضيفت على الدستور وشوهته وأفرغته من مضمونه والعودة إلى دستور عام 1952 وإجراء الانتخابات المقبلة على أساس القوائم النسبية المغلقة والأُردن دائرة انتخابية واحدة، عندها ستكون الحكومة خادمةً للشعب وجزءًا منه وبانية للوطن وليس كما نراها اليوم فوق الشجرة وغريبة عن الناس!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى