هل من مبرر لاستمرار #حالة_الطوارئ في #الأردن؟
#موسى_العدوان
من المعروف أن حالة الطوارئ تخوّل #الحكومة، تطبيق أعمال أو فرض #سياسات غير اعتيادية، في حالات حدوث الكوارث، أو العصيان المدني، أو الصراعات والنزاعات المسلحة، أو انتشار آفة أو وباء، أو ظروف استثنائية تهدد أمن الوطن والسلامة العامة. وفي هذه الحالة يمكن للحكومة تعليق الحقوق و #الحريات العامة، وتقييد حركة الأشخاص واحتجازهم دون محاكمة لتأمين سلامة البلاد.
بتاريخ 19 مارس / آذار 2020 فرضت الحكومة حالة الطوارئ، في #أمر_الدفاع 28 على الأردنيين، ونفذت سلسلة إجراءات، للحد من انتشار وباء الكورونا ( COVID 19 ). وهذا الأمر منح الحكومة سلطات واسعة، بتقييد حركة التنقل، ومنع التجمعات العامة، واعتقال أي شخص يشكل خطرا على الأمن الوطني أو النظام العام، وفرض الرقابة على وسائل الإعلام وإغلاقها دون تبرير. وعليه يُعاقب من يخالف قانون الدفاع بالسجن حتى ثلاث سنوات، أو بغرامة قدرها 3000 آلاف دينار أو بكلا العقوبتين معا.
منظمة حقوق الإنسان ( Human Rights watch ) تقول بأن بعض #حقوق_الإنسان الأساسية لا تقبل التقييد، حتى في أوقات الطوارئ، ومن بينها : الحق في الحياة، حظر التعذيب وإساءة المعاملة، حظر التمييز في العرق أو اللون أو الدين، السماح بحرية المعتقد، الحق في محاكمة عادلة، عدم القيام بالاحتجاز التعسفي، وغير ذلك . . .
وإذا ما تفحصنا الوضع الذي نعيشه اليوم، بعد مضي ثلاث سنوات كاملة، على فرض أمر الدفاع أتساءل : هل ما زلنا في الأردن نعاني من وباء كورونا، الذي الغته مختلف الدول حتى الصين مصدر هذا الوباء ؟ أم هل نحن تحت أي حالة من الحالات، التي تهدد الأمن الوطني كما ذكرت بأعلاه ؟ الجواب المنصف لهذا السؤال هو بالنفي. إذاً ما هو المبرر لدى الحكومة، لإبقاء أمر الدفاع 28 ساري المفعول حتى نهاية شهر نيسان القادم، مع احتمال تمديده لموعد لاحق ؟
وإذا كان قصد الحكومة من استمرارية فرضه، هو لاستعماله في معاقبة المواطنين المخالفين حسب رأيها، فهناك من العديد من القوانين الأردنية ما يمكنها من إيقاع العقوبة العادلة على كل من تراه مخالفا، دون الاعتماد على ذلك القانون، الذي يسلب المواطن المتهم من حقه المشروع في الدفاع عن نفسه، وفي الوقت ذاته فإنه يمنع عقوبة السجن لآكلي حقوق الناس، ويسمح لهم بالتمادي في ممارساتهم المنافية للخُلق والضمير.
وإن حدث تمديد لأمر الدفاع 28، وهو ما لا نتمناه في عهد حكومة الخصاونة، فهو يذكّرني بالقصة التالية : في عقدي الخمسينات والستينات الماضيين، وخلال وجود الضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية، كنا ضباطا برتب صغيرة في وحداتنا العسكرية. وكانت اعتداءات القوات الإسرائيلية على القرى الأمامية تتكرر بين حين وآخر.
كانت كتائب المشاة في ذلك الحين، موزعة في مواقع معينة، على الحدود المتفق عليها دوليا في الضفة الغربية. أما كتائب الدروع فكانت تتمركز غالبا في مناطق الزرقاء وخو والمفرق، إذ كان لا يُسمح بتواجدها غربي نهر الأردن. وعندما تتوقع القيادة العامة، أن اعتداء قد يقع على إحدى مناطق الضفة الغربية، تفرض علينا في الضفة الشرقية حالة الطوارئ. وخلالها تُمنع الإجازات ويطلب منا تجهيز أسلحتنا مع ذخيرتها، وإملاء الآليات بالوقود، وفحص الشبكات اللاسلكية، مع تجهيز ملابسنا في كيس مخصص لهذه الغاية، والاستعداد للحركة إلى الضفة الغربية، لمساندة القوات التي وقع عليها الاعتداء، أو للثأر لها بعملية انتقامية.
وتستمر حالة الطوارئ هذه عدة أسابيع، دون أن يتبعها أمر بحلها أو التخفيف منها والعودة إلى الحالة الطبيعية. وعندما يأتي إلينا بعض الزملاء من كتائب الضفة الغربية، يسألون لماذا حالة الطوارئ عندكم ؟ فنقول لهم لنجدتكم. فيجيبون أن الحالة لديهم عادية ولا يوجد ما يستدعي الطوارئ. وهكذا نجد أننا في الزرقا وخو والمفرق، نعيش حالة طوارئ وتوتر لفترة طويلة، بينما من هم على خطوط التماس مع العدو يمارسون حياتهم الطبيعية.
وأتساءل اليوم : هل يعيد التاريخ نفسه مع حكومة دولة الخصاونة، وتجبرنا على العيش حياة الضنك والضغوط النفسية، بينما العالم وحتى الصين مصدر الوباء، يعيشون حياتهم الطبيعية، ونحن نخشى كابوس أمر الدفاع 28 المسلط على رقابنا، بانتظار كلمة مكتوبة أو صوت في الفضاء الرحب، ينتقد ممارسة حكومية خاطئة تضر بمصلحة الوطن ؟ أعتقد أنه لا يوجد مبرر منطقي، يدعو للاستمرار بأمر الدفاع 28، فأرجوكم أن توقفوه عند حده، وأن تعملوا خيرا كما أمر تعالى في كتابه العزيز:
{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }
التاريخ : 20 / 3 / 2023