هل لنا ان نتعلم من #تجارب #الأخرين و نبتعد عن #العيش في #فقاعة من #الأكاذيب :
لمهندس محمود “محمد خير” عبيد
مهما حاول الأنسان ان يخدع الإنسان نفسه من اجل ان ينجح في خداع الآخرين, سيصل في نهاية المطاف الى طريق مسدود و ستسقط كافة الأكاذيب و سيتعرى امام مجتمعه ليجد نفسه مهما حاول ان يتلحف بحاشيته المنافقة, المرائية , الفاسدة الذين كانوا يصورون له الباطل حق من اجل اخفاء عورة فساده و خيانته لمجتمعه و وطنه لن ينجح و لكم في تجارب الأخرين عبرة يا اولي الألباب.
ما اود ان اطرحه اليوم تجربة الملك فاروق و انا شخصيا” مع الملكية و اقدر دور الملك فاروق في رفع شان مصر الحضاري و الثقافي في حقبة حكمه لمصر و حكم سلالة محمد علي باشا الألبانية, و لكن عندما استشرى الفساد و الخلل السياسي و الأقتصادي و الأخلاقي من قبل مستشارين الملك فاروق و حكوماته الهشة, لم يثر الشعب و الجيش على البطانة الفاسدة و على الحكومات الضعيفة و لكن ثاروا على الحلقة الأضعف و هو الملك فاروق الذي لم يكن له امتداد او جذور عائلية او قبلية مصرية فعائلته لم يكن ليتجاوز تعدادها عدد افراد سلالة محمد علي باشا في مصر و هو ما كان يعتبر بشكل او باخر ان جذوره و اصوله ليست مصرية مهما اقام في مصر و عملوا من اجل مصر بينما اعوانه و مستشاريه و وزرائه حصانتهم العائلية و القبلية كانت اقوى بكثير من الملك فاروق لجذورهم المصرية و انتمائهم لوطنهم و قوميتهم و هو ما طفى في النهاية امام فسادهم و خيانتهم لأوطانهم و تعاونهم مع الأنتداب البريطاني و هو ما بدى جليا” عندما غادر الملك فاروق مصر لم يغادر معه حاشيته سوى بعض الموالين له و ان غادروا فكان لفترة قصيرة عادوا بعدها الى حضن وطنهم مصر فجذورهم العائلية و القبلية و الوطنية و القومية لا يستطيع احد ان يزاود عليها. قد يكون الملك فاروق قوميته و طنيته و انتمائه لمصر اكثر بكثير من العديد من ابنائها و لكن حجم الدولة المصرية و ادارتها و قيادتها كانت اكبربكثيرمن قدرات الملك فاروق و حنكته و خبراته و بخاصة في ظل وجود انتداب بريطاني و سيطرة بريطانية بشكل غير مباشر على مفاصل الحكم و فرض القيادات الموالية للأنتداب على الملك فاروق تحت مظلات مختلفة سواء جماعات مصرية دينية او قومية او وطنية موالية للقوى الخارجية اكثر من ولائها لأوطانها و قومياتها و اجنداتها هي اجندات خيانة و عهر و بيع لمقدرات الأوطان و قادتها و حكامها. لربما لواحسن الملك فاروق في اختيار بطانته و حاشيته و مجلس مستشاريه و وزرائه و قادته العسكريين الوطنيين, الغيورين على مصلحة وطنهم و شعبهم لربما كان وجدنا ان سلالة محمد علي هي من تحكم مصر لليوم و لكن ثورة يوليو1952 انهت هذا العهد بعد 147 عاما” من تولي سلالة محمد علي حكم مصركانت ثورة من اجل اعادة حكم مصر للمصريين و نظرتهم ان سلالة محمد علي حتى لو كانت قد ساعدت على مدى 147 عام على نهضة مصر الحديثة الا انه نتيجة تفشي الفساد و الخيانة بين اركان الدولة المصرية الزم العسكر الى الثورة على الحكم و اعادة السلطة الى ايدي المصريين تحت شعار القومية و الوطنية.
فالقيادة فعل و ليست اسم او منصب و القيادة سلوك, فالقائد يجب ان يكون قدوة إنه فالخلل الأخلاقي للقائد يؤدي الى خلل في كافة المنظومة الأدارية للدولة فاذا لم يكن القائد على قدر من الأهلية في اتخاذ القرار و الأستعانة بكادر من الكفاءات الوطنية المخلصة للوطن و الشعب فان القائد يكون قد بدأ بدق اخر مسمار في نعش حكمه و ما ينطبق على الأوطان ينطبق على الشركات فسوء القيادة و سوء الأدارة للمنظومات الأدارية الكبيرة يؤدي الى افلاسها و انهيارها. فاي موسسة او دولة تحتاج الى قائد قادر على ادارة هذه المؤسسة او الدولة و قادر على الأستفادة من الكفاءات الوطنية المخلصة التي تكون على حجم متطلبات الدولة, الوطن و الشعب و ليس ادنى من حجم الدولة و متطلباتها فاي خلل في حجم المسؤول يؤدي الى خلل في حجم تلبية متطلبات الدولة و الشعب و هذا نشهده اليوم في الكوادر التي تقوم على ادارة الدولة بحيث الدولة و الوطن اكبر منهم جميعا” و لم ياتي خلال عقدين من الزمن مسؤول كان على قدر متطلبات الوطن لهذا اصبح الخلل الإدارى و الوطني و القومي فى وطننا تتسع رقعته و غياب الإدارة الجيدة والوطنية و الحكيمة سبب من أسباب تخلف المؤسسات الوطنية.
ان ما نشهده اليوم من تداعيات قومية و وطنية و شعارات رنانة تنتصر للقضية الفلسطينية و للمقدسات في فلسطين و القدس ليس ببعيد عن ما حصل قبل 900 عام من انبطاح للصليبيين في حينه انبطاح للصليبيين فالمشرق لم يكن سباقا” إلى ظاهرة خيانة الأمة والأوطان، فقد شهدت بلاد الشام ومصر خلال عصر الحروب الصليبية عدة خيانات أدت -أو كادت- إلى سقوط بعض المناطق والمدن الإسلامية ذات الأهمية الكبيرة في يد الصليبيين.
حيث ان ما يدعوا للتعجب و الدهشة ان خيانة الحكام تأتي من الأبناء بعد ميراث الأجداد في ساحات الوغى، ولمّا تجفَّ دماؤهم في سبيل نصرة مقدساتهم وحماية أوطانهم؛ بل وتكون ثمرة هذه الخيانة تسليم مدينة مقدسة بحجم القدس التي كانت قِبلة المسلمين الأولى. لنجد ان بعد استعادها السلطان صلاح الدين عام 583هـ/1187م بإعداد طويل وجهاد جليل؛ يعود بعض أقاربه ليسلموها الى المحتلين الصليبيين ليكون فعلهم ذاك “سمةَ العارِ في حياةِ الملوكِ” و هو ما نشهده اليوم مع اختلاف المحتل من صليبيين الى الصهاينة و لكن الهدف الهدف واحد و الطريقة واحدة هي خيانة العهود التي يقطعها الحكام بالحفاظ على مقدرات الأوطان و الدفاع عن مقدساتها نعم قد يكونوا بارعين في اصدار الشعارات و تعبئة العواطف القومية و الوطنية و لكن كل ذلك ينصهر و يتعرى امام حقيقة خياناتهم لعهودهم و انتصارهم لشعوبهم, فها نحن نرى ان خيانة تسليم القدس تكررت مرتين؛ كانت أولاهما سنة 626هـ/1229م عندما سلمها سلطان مصر الأيوبي الكامل محمد بن العادل إلى الإمبراطور الألماني فريدريك الثاني، دون التضحية بقطرة دم واحدة في سبيل حمايتها! وذلك ليترك له فريدريك السيطرة على مدن مثل نابلس والخليل.مما كان له الأثر في نفوس المسلمين حينها فقيل: “وتسلّم الفرنج البيت المقدس، واستعظم المسلمون ذلك وأكبروه، ووجدوا له من الوهن والتألم ما لا يمكن وصفه؛ يسر الله فتحه وعوده إلى المسلمين”. وظلت القدس في أيدي الصليبيين أكثر من عشر سنوات حتى استردها منهم السلطان الناصر داود ابن المعظم و الذي عاد فسلّمها للصليبيين مرة أخرى في نفس العام، وقد فعل الناصر داود ذلك خيانة وسعيا وراء مصلحته الشخصية كي يظل الصليبيون على تحالف معه ضد الصالح أيوب؛ متناسيا أنه كلّف سبط ابن الجوزي الواعظ بإلقاء خطبة عصماء بالجامع الأموي تنديدا بما فعله عمه “الكامل” من تسليم للقدس.
ها نحن اليوم نرى ان التاريخ يعيد نفسه فاذا لم نستيقظ لما يحاك حولنا و لم يتعلم حكامنا و سياسينا و قادتنا من التجارب السابقة فسيحل بهم و بنا ما حل بالذين من قبلهم, فعليهم ان لا يراهنوا سوى على عملهم الطيب و انتمائهم لأوطانهم و شعوبهم فلم يكن احد في يوم يتوقع ان يسقط عرش شاه ان شاه امبراطور ايران الذي سقط في اقل من 24 ساعة ولأنه كان يراهن على دعم الغرب له و لم يكن يراهن في يوم على ابناء شعبه و الذي كان يشعر شعبه انه هو اكبر منهم و اكبر من الوطن قدرا” و قيمة, كذلك الملك فاروق لم ينتصر له الأنجليز و هو من تحالف معهم لفترة. فاي حاكم يراهن على غير شعبه و امته و قومه و يعمل على خيانة قضايا امته و شعبه و وطنه سيذهب الى مزبلة التاريخ و ستكون نهايته كنهاية فاروق و محمد رضا بهلوي و هؤلاء اقرب الى تاريخنا علما” هناك الكثيرين ممن انتهى بهم المطاف في مزبلة التاريخ لخيانتهم لشعوبهم و لتكبرهم و عنجهيتهم عليهم و لأن الحكم كان اكبر من قدراتهم الفكرية و الوطنية و الذهنية مهما حاولوا.
هناك الكثير من المشاهد البارزة من ظاهرة خيانة الحكام للأمة في تاريخنا ؛ رأينا فيها أشكالا قاتلة من التحالف مع العد و و الأستعمار، على حساب مصالح الأمة وعزّتها، وبدافع من الأنانية السياسية المقيتة. واللافت أن عاقبة كثير من هؤلاء الحكام و القادة كانت خُسرانًا مبينا في دنياهم الفانية؛ قتلا أو طردًا ونفيًا أو احتقارًا من العدو الذي خدموه، ولعنة ومقْتاً في نفوس الشعوب وصفحات التاريخ.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يأخذ الحكام دروسا من أسلافهم، ما الذي يعمي أبصارهم وبصائرهم، ولماذا نادرا ما نجد في الواقع أو التاريخ، حاكما ظالما كفَّر عن ظلمهِ للناس وهو حيّ، وحين يقترب من نهايته، يبدأ شريط الأحداث الجسيمة التي ارتكبها بحق شعبه يدور في ذاكرته، ويعلن أسفه، ولكن غالبا ما يتم هذا الأسف بعد فوات الأوان، وحين يلوح القصاص العادل قريبا وحتميا من الحاكم الخائن لأمته و وطنه و شعبه.