هل كسر #محمود_عباس الجمود في #عملية_السلام؟
د. فايز أبو شمالة
لم يكسر عباس الجمود، ولم يحرك ساكناً بشأن #المفاوضات، فالزيارة المهانة والمهينة للشعب الفلسطيني جاءت في التوقيت المناسب لإسرائيل، صاحبة فكرة التطبيع مع الأنظمة العربية هو الطريق المضمون للسلام مع الفلسطينيين، وجاءت زيارة عباس لوزير حرب العدو غانتس لتقول لكل الإسرائيليين، طريق التشدد والتجاهل لقيادة منظمة التحرير، تجعلها ترتمي تحت أحذيتكم طلباً للمساعدات، فكلما ازداد تطرفكم أيها الإسرائيليون، وكلما زاد تجاهلكم لمقترحات المفاوضات التي يطرحها عباس، كلما تهافت أكثر، وتوسل أي لقاء حتى ولو كان على حساب دم الشعب الفلسطيني النازف على طرقات الضفة الغربية.
زيارة عباس للإرهابي غانتس جاءت لتصرخ في أذن كل شباب الضفة الغربية، لن نسمح لكم بالانتفاضة، ولن نسمح لكم بمقاومة الاحتلال، بل لن نسمح لكم التصدي للمستوطنين، حتى ولو أحرقوا بيوتكم، وقتلوا أطفالكم.
زيارة عباس عززت من مكانة وزير الحرب لدى بعض الإسرائيليين، ولدى الإدارة الأمريكية، وفكت عن عنق الإرهابي وزير الحرب قاتل الأطفال حبل مشنقة العدالة الدولية، فوزير الحرب الذي قتل جيشه 9 شهداء في الضفة الغربية في شهر ديسمبر كانون الأول من هذا العام، وجد فرصته ليقدم نفسه رجل سلام، وصاحب مبدأ، وصديق لعباس، ويتبادل معه الهدايا.
زيارة عباس التي أسفرت عن زيادة عدد بطاقات VIP، وزيادة عدد السيارات المسموح لها بدخول إسرائيل، وزيادة عدد العمال، والإفراج عن مئة مليون شيكل، هذه الأشياء المادية والاقتصادية التي حصل عليها محمود عباس، كان يحصل عليها رؤساء البلديات إذا اجبروا على الالتقاء مع الحاكم العسكري الإسرائيلي، دون أن يعترفوا بإسرائيل، ودون خيانة القيم الوطنية، ودون أن يقوموا بزيارة لوزير الحرب في بيته بتل أبيب، ودون أن يقدموا فرائض الولاء لقائد جيش العدو.
زيارة عباس التي اقتصرت على الجانب الأمني، ومواصلة تقديم الخدمات، جاءت في الوقت الذي كانت الجرافات الإسرائيلية تهدم بيوت الفلسطينيين في الخليل، وكان المستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى، وكان جيش غانتس يقتحم مدينة البيرة، وكان المستوطنون يقتحمون قرى الضفة الغربية، ويطلقون النار على منازل العرب في حي الشيخ جراح، بينما كان محمود عباس يشرب قهوة الوفاء والولاء لأعداء الشعب الفلسطيني في تل أبيب.
لقد تعهد عباس بألا يسمح باستخدام العنف ضد المستوطنين، وأن يواصل التنسيق والتعاون الأمني حتى ولو وضعوا المسدس في رأسه، وهذا ما أسعد الإسرائيليين، وهذا ما جعل وزير حربهم يقول: لقد تركز الحديث مع عباس حول ضبط الأمن، ومنع الانتفاضة، ولجم اندفاع الشباب الفلسطيني، وتعهدنا له بالمزيد من المساعدات الاقتصادية، لقد تفاخر غانتس أمام المتطرفين من الصهاينة، بأنه ضمن لهم استيطاناً آمناً، واحتلالاً مريحاً، مقابل فتات المال، وبعض البطاقات الخاصة لقيادة منظمة التحرير.
زيارة عباس لبني غانتس كانت إحدى مقترحات كسر الجمود التي تحدثت عنها لقاء القاهرة، وأخذت الضوء الأخضر من مصر والأردن، لتشكل البداية لجملة من المقترحات التي تشمل تشديد الحصار على غزة، وعدم تنفيذ صفقة تبادل أسرى تؤثر على الاستقرار في الضفة الغربية، مع زيادة عدد أفراد الأمن، وصرف المزيد من المساعدات المالية للسلطة، وكل هذا لن يرتقي إلى المستوى السياسي.
زيارة عباس لوزير الحرب غانتس تحتم على القوى الوطنية، والتنظيمات الفلسطينية، والشخصيات السياسية، والوجهاء والمثقفون، وكل أبناء الشعب الفلسطيني، على الجميع أن يأخذ دوره في الدفاع عن فلسطين، وأن يسهم في إطلاق شرارة التخلص من قيادة التعاون الأمني مع الاحتلال، على التنظيمات الفلسطينية أن تكف عن سياسة الشجب والإدانة، وأن تخطو أهم الخطوات العملية، وأن تشرع في تشكيل قيادة وطنية بديلة، قيادة وطنية قادرة على مواجهة الأطماع الإسرائيلية، قيادة قادرة على تعرية المتعاونين مع الاحتلال دون وجل، والتعامل بكل قسوة، ودون رحمة بكل أولئك الذي وضعوا يدهم في يد المحتلين.