هل سنجد #السعادة يوماً !
المهندس: #عبدالكريم_أبو_زنيمة
يُحكى أن رجلاً عاش في إحدى القرى، هذا الرجل لم يبتسم يوماً وبقي عابس الوجه ومقطبًا حاجبيه طوال حياته، أحاديثه مملة ومحبطة، وبقي على هذا الحال حتى هجره الجميع فرحل إلى أطراف القرية ليعيش وحيداً بعيداً عن الناس، كبر هذا الرجل وتجاوز عمره الثمانون عاماً وهو على حاله. في يومٍ ما وأذ بصائح من أهل القرية يصيح ويردد بصوت عال: العجوز ابتسم… العجوز ابتسم ! استغرب الجميع مما سمعوه وتشاوروا الأمر بينهم! وأخيراً استقر رأيهم على أن يذهب وفد منهم إليه للتيقن من الأمر، تشكل الوفد وذهبوا لمقابلة العجوز وهناك استقبلهم والابتسامة على وجهه مما زاد في دهشتهم واستغرابهم للأمر، بعد السلام عليهم والترحاب بهم سأله رئيس الوفد: أيها العجوز، عرفناك طوال السنين الماضية بائساً مكفهر الوجه مُحبطاً متشائماً! ما الذي حدث وما الذي تغير في حياتك! تنحنح العجوز والابتسامة تعلو محياه وأجاب: لم يتغير أي شئ بل زادت الأوضاع سوءًا، أفنيت عمري وحياتي باحثاً عن السعادة فلم أجدها ! وها أنا أضحك من نفسي وعليها كيف أمضيت العمر وأنا أبحث عن شئ كان الأجدر بي أن أعمل لتحقيقه! وها أنا أضحك على نفسي وعليها يا ولدي!
هذه هي حقيقتنا وحالنا اليوم، الكل يشتكي ويتذمر والأوضاع تزداد سوءًا ، وصفتنا هي أننا شعب “كِشِر” ! نرى ونسمع ونعرف جميعاً ماذا يجري وماذا يُدبر لنا ، ندفن رؤوسنا في الرمال ولا نحرك ساكناً ، نذهب للمساجد للتقرب الى الله لنسمع هناك ما يغضب وجه الله – قارئ الخطبة يصدح من فوق المنبر ليخبرنا ويضلنا أن أخطر ما نواجهه اليوم –وهنا يتحفز كل من في المسجد يوم الجمعة ويرفعوا رؤوسهم ليسمعوا عن ذلك الخطر الذي يعرفوه جميعاً لكنهم ينتظرون إماماً ورعاً تقياً يخاف الله ولا يخشى في قول الحق لومة لائم ليقوله- وهنا يكرر ذلك المضل السؤال على المصلين: أتعرفون ما هو الخطر الأكبر الذي نواجهه؟ وهنا يجيب بعد أن ذهب الناس بتفكيرهم بعيداً .. إنه إبليس!
إبليس أيها الكاذب المنافق! أنا لم أسمع يوماً ولم أشاهد ولم يخبرني أحدًا أن إبليس قد سطا على المال العام، إبليس لم يقبض رشوة يوماً، إبليس لم يقبض عمولات مالية لتبخيس أثمان مقدرات الوطن التي بيعت بأبخس الأثمان، إبليس لم يتسلق على أكتاف البسطاء ليصل لمواقع المسؤولية ليخونهم هناك وينقلب على كل وعوده ويتاجر بقوتهم ومعيشتهم، إبليس لا يتاجر بالمخدرات ويتهرب من دفع الجمارك والضرائب ، إبليس لم يدمر كل البنى التحتية لبناء وتطوير القطاعات الإنتاجية المولدة لفرص العمل للشباب الذين فقدوا كل أمل لهم بالحياة الكريمة أو بحدها الأدنى، إبليس لم يحمي ولم يدافع يوماً عن لص أو فاسد شارك في انهيار هذا الوطن ، إبليس لم يرهن سيادة هذا الوطن لأعدائه من الامريكان والصهاينة ! لم يشاهد أي أردني شيطانات الابالسة يتسوقن في أفخر المتاجر العالمية ويلبسن ويتعطرن ويستخدمن مساحيق تجميل أفخر الماركات العالمية، لم نسمع ولم نقرأ يوماً أن إبليسه أنجبت مولوداً إبليساً في أفخم المستشفيات العالمية !
الخطر الحقيقي الذي نواجهه اليوم أيها المنافق هو الفساد وحزبه من أبالسة وخونة هذا الوطن، هؤلاء الذين نشاهدهم في أبراجهم وقصورهم وسياراتهم الفارهة ومنتجعاتهم وحفلات بذخهم وتبذيرهم ، أولئك الذين اغتصبوا سعادة الشعب الأردني وماضيه وحاضره ومستقبله، أولئك الذين يتنعمون باموالنا المنهوبة والمسروقة، كل يوم هناك جريمة اختلاس أو نهب أو سطو على المال العام! لكن اين هم المجرمين !!!
مئوية مضت لم نلقى السعادة ولم نصادفها في طريقنا، والأيام الجميلة والمئوية القادمة الجميلة لن تأتِ ما بقي الأبالسة يصولون ويجولون بلا حسيب أو رقيب، غداً سنضحك على أنفسنا إن لم نعمل على إيجاد سعادتنا!