هل دقت ساعة الصفر للمواجهة بين أمريكا وإيران ؟

هل دقت ساعة الصفر للمواجهة بين أمريكا وإيران ؟
د.نبيل العتوم

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

حين ترصد، وتطالع الإعلام الإيراني اليومي بتلاوينه المختلفة، تُدرك تماماً أن طهران تروج لمواجهة حتمية للانزلاق صوب الحرب ضد حركة (حماس) في قطاع غزه، وضد حزب الله في لبنان، بالمقابل يُروج هذا الإعلام أيضاً إلى استحالة قيام واشنطن تحت قيادة (ترامب ) بمغامرة عسكرية ضد إيران؛ لأنها تحسب ألف حساب لمثل هذه الحرب، وتخشى من ردّ الفعل العسكري الإيراني، ومما يُروج له إعلام ولي الفقيه – أيضاً – أن رئيسا ً(كدونالد ترامب) لن يحتاج إلى الانزلاق صوب الحرب؛ لأنه يسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية، مما يجعل الوقت مناسباً بالمقابل أمام إسرائيل للتحرك عسكرياً، اعتقاداً منها أن هناك ضوءاً أخضر أميركياً للتحرك، ولاسيّما وأن العرب مشغولون بهمومهم وأوجاعهم الداخلية، طبعاً نتيجة لإشعال إيران لفتيل الأزمات الإقليمية بنجاح .

المنطقة – حسب الرؤية الإيرانية – برمتها تبدو على برميل بارود قابل للانفجار في أي وقتٍ، ولكن لا أحد على الأقل حتى الآن يستطيع التنبؤ بموعد إطلاق صفارة الحرب، ذلك أنَّ لا أحد يستطيع معرفة اليوم التالي بعد اندلاع المواجهة، ولا أحد كذلك ُيريد تحمل تبعات الانفجار…. لكن السؤال المهم والمحوري، وهو لماذا تروج إيران للحرب ضد حماس، وحزب الله، وتُبعد هذه الفرضية عن نفسها في هذا التوقيت بالذات ؟ .

تقول إيران :إن أي حرب أميركية ضدها لن تكون نزهة …وثمة من يعتقد من صناع القرار السياسي والأمني الإيراني أن كلّ الضغوط على إيران والتي تتضمن دوماً توظيف سلاح العقوبات والترويج بشن ضربة عسكرية ضدها، قد تهدف بالنهاية إلى دفع روسيا لإقناع إيران بالانسحاب من سوريا، ووقف دعم حركة (حماس) …

تؤكد طهران دوماً أنها اعتادت على سياسة التصعيد والعقوبات وانتهاج دبلوماسية حافة الهاوية في العلاقة مع واشنطن، لكنها لا شك أنها صارت أقوى بكثير من السابق نتيجة نجاحها في تبني نهج الصبر الاستراتيجي، وتوظيف أوراقها الإقليمية الضاغطة والمؤثرة، مما يجبر الإدارات الأميركية المتعاقبة للتراجع عن استهدافها .

تُلوّح طهران أنها استفادت دوماً من سياسات التهديد الأميركية والإسرائيلية؛ خاصة في مراحل الاقتراب من انتخاباتها الدستورية المفصلية، ولا سيّما أن شهر أيار/مايو المقبل سيشهد الاستحقاق الرئاسي، الأمر الذي سيُسهم، والكلام على عهدة مستشار مرشد الثورة الإيرانية للشئون الدولية (علي أكبر ولايتي) في زيادة التفاف الشعب حول الثورة الإيرانية، وإفراز قيادات أكثر تشدداً في نظرتها لأميركا وإسرائيل .

دومًا يُروج المسئولون العسكريون والسياسيون معاً أن سيناريو الردّ الإيراني على الضربة العسكرية – في حال حدوثها – لن يكون شكليًا، ولن يكون على مستوى إطلاق المئات من رشقات الصواريخ الإيرانية على إسرائيل، إلى جانب إطلاق الصواريخ من جانب حزب الله اللبناني، وحماس، والجهاد الإسلامي ….. ، طبعاً إلى جانب ضرب الأهداف الأميركية في منطقة الخليج، مما سيؤدي إلى أزمة طاقة عالمية نتيجة وقف صادرات النفط الخليج؛ وأنه إذا سكت (صدام حسين) سابقاً عن تدمير إسرائيل لمفاعل (أوزيراك) عام 1981، وإذا غاب أي رد فعل لبشار الأسد على تدمير مفاعلهم عام 2007م، فإن الإيرانيين مختلفون تماماً عن العرب؛ لأنّ أي هجوم على منشآتهم النووية باختصار سيؤدي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة .

النتيجة أن علينا أن نفهم – نحن كعرب- أن إيران التي تسعى لإقناع السذج بأن إسرائيل وأميركا هما العدوان لها، وأنها تسعى للمواجهة معهما، هو مجرّد كلام فارغ لا صحة له، وأن شعاراتها الثورية التي تصدح بالموت لأميركا والموت لإسرائيل هي مجرد أسطوانة مشروخة عفا عليها الزمن، والعكس كذلك، أي أنّ أميركا و إسرائيل لا تنظر لإيران كعدو؛ لاعتبارات عديدة :

– أولها : لماذا لم تعترض واشنطن ، وتل أبيب على امتلاك إيران للتقنية النووية على خلاف البرامج العربية التي تم تدميرها تباعاً ؟

– الأمر الثاني : هل سمعنا يوماً أن الصواريخ الإيرانية قد اتجهت صوب إسرائيل، كذلك أرجو أن تراجعوا كل المخططات الإيرانية ، ونظرتها لمحور وقوى الممانعة، النتيجة ما هي إلا مصدات للدفاع عن دولة القلب المذهبي ، وأم قرى العالم الإسلامي المفترضة ” إيران “، كذلك لم تخل واحدة من المشاريع والسياسات الإيرانية من الحديث عن الرغبة بتقسيم المنطقة العربية والهيمنة عليها، واعتبار العراق، وسوريا، والأقليات الشيعية والحركات الإسلامية إلا أدوات للدفاع عن المجال الحيوي الإيراني، هذا عدا عن أن دولة (ولي الفقيه) تعتبر بذاتها أكبر قوة تدير الفوضى الخلاقة في الإقليم نيابة عن الغرب وإسرائيل باقتدار وحرفية …..

دعونا الآن نصل إلى بيت القصيد، هل إيران فعلياً قادرة، أو لنقل لديها النية فعلياً على ضرب إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة ؟، ألا تخشى من ردة فعل واشنطن وتل أبيب ؟ .
الجواب : لا ، وبكل تأكيد فتهديد الصواريخ الإيرانية القصيرة والمتوسطة المدى، التي يُمكنها استهداف ما سبق هي مجرد نكته سمجة، لا تنطلي على أحد؛ لأن هذه الصواريخ تفتقد للدقة والتوجيه الفضائي، هذا عدا عن الشك في فعالية مثل هكذا سلاح مقارنة مع القدرات الفتاكة التي تمتلكها أميركا اليوم التي وصلت إلى إنتاج الجيل الرابع من السلاح التدميري .

–السؤال الثاني : هل الترويج، أو لنقل افتعال حرب بين إسرائيل، وحزب الله اللبناني، وحماس سيمنع الحرب عن إيران ؟

الجواب : هو بلا شك سيمنع …إذ لا مصلحة لأميركا وإسرائيل بالانزلاق إلى الحرب مع إيران، ولكن وفق معلومات دقيقة فإن إسرائيل أكملت استعداداتها لحرب ضد العدو القريب من حدودها على حد تعبير (نتنياهو)، وهما: “حزب الله ، وحماس ” وأن حزب الله – حسب ما يدعي – فقد استكمل استعداداته أيضاً هو للمواجهة، وباتت أوامره مُتخذة للرد على أي هجوم إسرائيلي، كما أعلن عن ذلك حسن نصر الله شخصياً قبل أسابيع .

أما إيران فهي دون شكٍّ تُروج في سياساتها وإعلامها إلى احتمالات نشوب الحرب في أية لحظة للتغطية على عبقرية فشلها الاقتصادية والاجتماعية الداخلية، وإشغال بيئتها الأمنية بالخطر الأمني المحدق بالثورة والنظام .

تُدرك طهران تماماً أن علاقاتها مع قيادة أميركية قابلة لتوقع سلوكها؛ ولاسيّما، وأن (ترامب) يعلم تماماً أن احتمالات الصفقات واردة جداً مع إيران، وأن مخاطر الحروب معها سيوقف عجلة التسلح لدول الخليج العربي الذي يُدرُّ مئات المليارات سنوياً، ويحرّك عجلة اقتصادها، واندلاع الحرب ضد إيران معناه التأثير كذلك على شرعية الوجود العسكري الأميركي، وقواعدها المدفوعة سلفاً من جانب دول النفط؛ لأن المهمة العسكرية في حال تبني ” توم كروز الُممثل “بترامب” لهذه المهمة معناه تدمير إيران في غضون أسابيع، وإعادتها إلى عهد كورش الفارسي …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى