هل تنجح أولى خطوات «صفقة القرن» من المنامة؟
ردود أفعالٍ متباينةٍ حول مؤتمر الشرق الأوسط الذي تقوده الولايات المتحدة في البحرين في الفترة ما بين 25 و 26 يونيو/ حزيران الجاري، مشهدٌ قد يشوبه بعض الغموض في جوانب مختلفةٍ وعلى مختلف الأصعدة، الأمنيّة والإقتصادية والسياسية تحديداً، رغم أنه مؤتمرٌ اقتصادي. لكن إعلان المسؤولين الإسرائيليين عزمهم المشاركة على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي «يسرائيل كاتس» قد يزيح جزءاً من هذا الغموض، ومن غير الواضح حتى الآن، ما إذا تمت دعوة مسؤولين إسرائيليين، مع اقتراب موعد عقد المؤتمر. وترجّح مصادر سبب التّكتّم على هوية المسؤولين الإسرائيليين المشاركين، تعود لأسبابٍ أمنيّة بعد تهديداتٍ وجهها نشطاء في وقتٍ سابقٍ لوفد إسرائيلي رسمي قبل زيارته إلى المنامة خلسة في أبريل/ نيسان الماضي.
ولا يزال وزير الاقتصاد الإسرائيلي «موشي كحلون»، بانتظار توجيه دعوة رسمية له، ومن المتوقع أن يمثل إسرائيل «في حال وجود وفد إسرائيلي»، وفقاً لما صرّح به مسؤول إسرائيلي رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع، فيما أشارت معلومات إلى دعوة رجال أعمالٍ للمؤتمر، وسط حرصٍ شديدٍ على إنجاح المؤتمر من «تل أبيب وواشنطن»، قبل جولة إعادة الإنتخابات المقبلة في «تل أبيب»، وبعد «فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو» في تشكيل حكومة ائتلافية، مما أدى إلى تعقيد عملية إخراج الجزء السياسي من الخطة.
المسألة غامضة كذلك حول مشاركة وسائل الإعلام الإسرائيلية في تغطية المؤتمر، إلا أن مصادر خاصةٍ أكدّت لنا عدم ترخيص أي وسيلةٍ إعلاميةٍ لتغطية المؤتمر حتى الآن، أو إرسال دعواتٍ للتغطية، وكل ما في الأمر مجرّد استفسارات قدّمها مندوبو الوكالات الإعلامية المحليّة والدوليّة للجهات الرسميّة البحرينيّة، والتي اكتفت بالرّد إلكترونيّاً بهذه الجملة، «سنقوم بالرد على استفساراتكم قريباً». وأضافت المصادر بأن شركة «Rokk Solutions» الأمريكية، تنال حصة الأسد من التنسيق والتنظيم اللوجستي للمؤتمر، المُرجّح إقامته في فندق «Ritz Carlton» أو فندق «Four seasons» في العاصمة المنامة.
عربيّاً، رغم إعلان لبنان والعراق مقاطعة المؤتمر، إلا أن المغرب، الأردن ومصر أعلنوا عزمهم المشاركة بشكلٍ «غير مؤكدٍ رسميّاً بعد» مع وجودِ ضغوطٍ لإعلان المشاركة بشكلٍ رسمي، فيما رفض المسؤولون الفلسطينيون المشاركة، واتّهموا «إدارة ترامب» بمحاولة شراء مطالبهم السياسية بدولة ووضع حد للاحتلال الإسرائيلي، ورفضوا أن يكون «ترامب» وسيط سلام نزيه بعد خطوات اتّخذتها إدارته ضد الفلسطينيين، مثل قطع المساعدات والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي ظل رفضٍ شعبيٍ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة باحتجاجاتٍ شعبيّة في مدينة «رام الله» يوم الأحد الماضي، وحرق صور ملك البحرين في هذه الإحتجاجات، والدعوةِ لمقاطعة مؤتمر المنامة.
وعلى صعيد الداخل البحريني، فموقفٌ شعبيٌ رافضٌ موحّدٌ بين مختلف الأطراف والأطياف السياسيّة، واحتجاجاتٌ شعبيّةٌ منددة بالموقف الرسمي إزاء ما يعرف بصفقة القرن، «ووصفها بالخيانة للعروبة والقيم الإسلاميّة، وثمنٌ بخسٌ لدماء الشهداء في المقاومة الفلسطينيّة ضد كيان الإحتلال الإسرائيلي»، وتنازلٌ واضحٌ عن القضية الفلسطينيّة، بل ومساعٍ لتصفيتها كُليّاً.
رئيس الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني «إبراهيم كمال الدين»، وفي تصريحٍ خاصٍ لنا قال «بأن الولايات المتحدة تعتبر «صفقة القرن» آخر حلقات الصراع «العربي – الاسرائيلي»، وإنهاءٌ لقضية مضى عليها أكثر من 70 عاماً دون حل، ومما رشح من تسريبات حول الجانب الاقتصادي والجانب السياسي، تعتبر بيع للقضية الفلسطينية وإنهاء لحق الفلسطينيين في العودة لوطنهم السليب فلسطين.
وأضاف، «منذ الوهلة الأولى لإعلان الولايات المتحدة الدعوة لمؤتمر «السلام والتنمية» في البحرين، وردود الفعل الرافضة لهذه الصفقة التي أطلق عليها «صفقة العار»، وبفضلها توحدت الفصائل الفلسطينية في رفضها لمؤتمر البحرين وعدم استجابتها لدعوة الحضور، والأكثر من ذلك اعتبرت الفصائل الفلسطينية كل من يحضر هذا المؤتمر خائن لوطنه ويستدعي تعريته ومقاطعته» – حسب تعبيره.
ولفت إلى أن «لجان مقاومة التطبيع في الوطن العربي رفضت هذا المؤتمر ومن بينها الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع، التي طالبت شعب البحرين بإعلان رفضه الصريح لعقد المؤتمر بحضور وفد لدولة العدو على أرض البحرين. كما أن هناك دعوة لوقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في حقه في وطنه واستنكاراً لعقد هذا المؤتمر على أرض البحرين وتدنيس وفد الصهاينة أرضها، وستكون الوقفة تزامناً مع عقد المؤتمر مساء 24 يونيو/ حزيران، وسترفع الإعلام الفلسطينية على مباني جمعيات المبادرة الوطنية لمناهضة التطبيع وعلى أسطح بيوت المواطنين، «وسيكون مصير هذا المؤتمر الفشل كسابقيه» – على حد وصفه.
وشدّد كمال الدين بأنّ «الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني أكّدت رفض هذه المبادرة المُذلة لشعبنا الفلسطيني والعربي، وتُعدُّ تنكُراً لنضالات هذا الشعب ودماء آلاف الشهداء والمعتقلين، مقابل توطين اللاجئين في دول الجوار وشتاتهم، وأكد رفض ما يتمخض عن هذا المؤتمر من قرارات تسلم فلسطين للعدو الغاصب وتحرم الفلسطينين أصحاب الأرض من وطنهم، مشدّداً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة، وأن فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر للفلسطينيين» – حسب تعبيره.