هل تمكن كوفيد-19 من منظومتنا الصحية

هل تمكن كوفيد-19 من منظومتنا الصحية
م. محمود ” محمد خير” عبيد

ها نحن بعد أن دفع الشعب والوطن ثمن إغلاقات و منع تجول و حظر و قانون دفاع و إجراءات استثنائية لم تؤتي أكلها نتيجة التركيز على الجانب الإعلامي والتسويقي للدولة عوضا” عن التركيز على تطوير المنظومة الصحية وأخذ الاحتياطات اللازمة من أجل مواجهة أي هجمة مرتدة للوباء. للأسف صدعت آذاننا بالشعارات الرنانة و الابتسامات التي كانت تخفي اخفاقات مدمرة للوطن و صحة المواطن فأين شعار المواطن اغلى ما نملك و اين عندما صرحنا عندما اصيب 55 مواطن بالفيروس اننا دفعنا ثمن غال من صحة هؤلاء, ها هو الوطن لم يعد يدفع صحة 5000 مواطن يوميا” بل اصبح يدفع ارواح المواطنين و ازهاق ارواحهم ثمنا لأخفاق منظومة الدولة التي همها هو الظهور بمظهر اعلامي مهيب امام الدول و العالم . و لكن للأسف كل ذلك بني على أساس هش و بنية تحتية تهاوت عند أول هبة لرياح الوباء.

فها نحن بعد ان كنا نتغنى باننا من أوائل الدول التي أغلقت حدودها وفرضت حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا، تحولنا اليوم وبعد عودة موجة جديدة، لمجاراة أعلى الدول في العالم من ناحية معدلات الإصابة.

فقبل ثلاثة أشهر فقط كنا نصنف طبعا” اذا ما صدقت الأحصائيات و لم تكن معدة للتسويق الإعلامي والاستهلاك العالمي مع دول مثل نيوزلندا وفيتنام وتايلاند كأمثلة ناجحة على احتواء الفيروس وانتشاره، وفقا لترجمة صحيفة عربي21.

مقالات ذات صلة

فكيف لنا ان نصدق ما كان يسوق اعلاميا” انه وحتى تموز وعلى مدى أربعة أشهر من بداية الجائحة لم يتم تسجيل سوى 1,100 حالة إصابة بالفيروس و11 حالة وفاة، بينما في يوم واحد من تم اكتشاف 5,400 حالة إصابة، مما يجعلنا من بين الدول ذات الإصابات العالية على مستوى العالم. بالنسبة لعدد السكان.

كيف للوطن و الشعب أن يستوعب كل هذه الإخفاقات بالمنظومة الصحية و هو يرى التخبط في تصريحات المسؤولين عن الملف الصحي و التسابق في الظهور على شاشات التلفزة والتصريحات المتضاربة دون الأخذ بأبسط قواعد العمل المهني وهي إيجاد منظومة اعلامية واحدة معتمدة للتصريح عن الوضع الوبائي فنجد وزير الصحة يصرح, خلية الأزمات تصرح, امين عام وزارة الصحة تصرح, مدير مديرية الغذاء والدواء يصرح و كل يحاول أن يصرح بما يتناسب مع ظهوره الإعلامي و تسويق آراءه بحيث أصبح الوطن و الشعب مشتت في ضوء هذا التخبط بالتصريحات .

لقد كان حريا” بالوطن إنشاء لجان وطنية متخصصة في كافة المجالات و القطاعات اعضائها من المتخصصين من القطاع العام, النقابات, القطاع الخاص, القطاع العسكري تقوم على دراسة كل إجراء في ضوء هذذه الجائحة و يتم التنسيق والبحث بين هذه اللجان من خلال رؤساء اللجان او أمناء السر بحيث يستطيعوا الوصول الى قرارات تصب في مصلحة الوطن والمواطن بعيد” عن الهوائية و التفرد في اتخاذ القرارات و ترهيب أصحاب القرار و بانه إذا لم ياخذ بهذا القرار سوف تحل على الوطن الكارثة. فها هو الوطن اخذ بالقرارات الفردية المبنية على الغرور والعنجهية دون الإنصات للحكماء من أصحاب العلم, المعرفة و الخبرة و ها نحن ندفع الثمن فمن سوف يعوض الوطن عن الأرواح التي زهقت و الأبدان التي أصيبت بالوباء.

لقد صرحت الدولة وقبل عدة أشهر ان الوطن استطاع وبشكل فعلي القضاء على الحالات التي ظهرت في المجتمع و التي اكتشفنا ان هناك العديد من الحالات لم يعلن عنها و لم تظهر نتيجة عدم وصول فرق التقصي الوبائي إليها فكيف لوطن عدد سكانها 10 ملايين نسمة أن يكتفي ب 2000 فحص يومي عن حجم التفشي الوبائي فيه و هناك العديد من الحالات التي لم تصرح عن نفسها خوفا” أن تقع في مستنقع الحجر في المستشفيات الحكومية الفاقدة للمقومات الصحية و العلاجية. و هذا ما يفسر ارتفاع الحالات حتى قبل إعادة فتح حدودنا البرية و الجوية، مع العلم ان هناك الكثير من علامات الأستفهام و التي لم تصرح عنها الدولة حماية للحيتان و المتنفذين في الوطن فيما يتعلق باخفاقات الحدود البرية و التي كانت من أسباب إعادة تفشي الوباء. اليس الوطن و المواطن من حقه ان يعلم ما حدث و كيف تم محاسبة المقصرين ام هذه من ضمن الخطوط الحمراء التي لا يحق للمواطن تجاوزها او السؤال عنها.

السؤال الذي يطرح نفسه من هو المتسبب بالأخفاق باتخاذ الأجراءات و القرارات من اجل دعم البنية التحتية الصحية خلال ال 8 اشهر التي مضت و منذ بداية الجائحة من خلال استيراد التجهيزات اللازمة التي اكتشفنا مؤخرا” اننا بحاجة اليها لأنقاذ ارواح ابناء الوطن الغير قادرين على الذهاب الى هداسا من اجل الأستعانة بهذه الأجهزة للبقاء على قيد الحياة و بناء المستشفيات و تحديث المستشفيات القائمة فبناء مستشفى حديث مجهز بكافة التقنيات الطبية الحديثة لأستيعاب 900 سرير يكلف 900 مليون دولار و الأردن حصل على مساعدات حسب مصادر اعلامية موثقة من اجل مواجهة الجائحة تصل الى 5 مليارات دولار ما بين دعم من صندوق النقد الدولي, وفر وقف الزيادات, مساعدات اجنبية, قرض عربي, المفوضية الأوروبية, همة وطن اي باستطاعتنا بناء خمس مستشفيات تستوعب 4500 سرير, هل لدى الدولة الشجاعة ان تواجه الوطن و المواطن و تقدم كشف حساب تبين له اين ذهبت هذه الأموال بعيدا” عن رواتب القطاع العام و اصحاب السلطة التنفيذية و التشريعية الذين لم تتاثر دخولهم كما تاثر دخل الوطن و المواطن لأن لو قمنا بالحسم من رواتبهم امام كل حظر يقومون باتخاذ قرار به و كل اغلاق يصدروا اعلان من اجل تنفيذه لكانوا درسوا قراراتهم بجدية اكثر و شعروا بحجم الكارثة التي يقومون بها بحق الوطن و المواطن و النظام الأقتصادي و الأجتماعي فكم من منأة اغلقت و كم من عائلة تشردت نتيجة قرارات اصحاب ولاية يستحصلون على رواتبهم في اخر الشهر من قوت الشعب لا يهمهم لا الوطن و لا المواطن ما يهمهم قراراتهم تنفذ و ان يقوموا باهدار المساعدات المتاتية للأردن عل مصاريفهم و لرواتبهم و حوافزهم التي من المفروص ان لا تتاثر مهما تغيرت الظروف حتى لو مات الوطن و عانى فالوطن يموت و اصحاب السلطة و عائلاتهم يبقون فشعارنا اليوم اصبح الله الدولة و المواطن و الوطن فليذهبوا للجحيم.

نعم علينا مواجهة الحقيقة ان منظومتنا الصحية التي بدات بالتدهور منذ عقدين من الزمن و تدهور ممنهج و ما نحن عليه اليوم هو نتاج في الأخفاق في صون وحماية وتطوير هذه المنظومة التي تتخبط كل يوم بين ثنايا البيروقراطية و الفساد المستشري في اركان الدولة الأردنية و هو ما ادى الى فشلنا في مواجهة وباء كورونا.

فها هي منظومتنا الصحية غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الإصابات و ها هي الدولة لجأت الى العزل المنزلي و تحويل البعض الى المستشفيات الخاصة، و ها نحن غير قادرين على التعامل مع نتائج الفحوصات من خلال إصدارها بسرعة بحيث تسمح للمصابين الأختلاط بالعشرات من السليمين دون ادراك انهم مصابين بالوباء. و هو نتيجة اخفاق النظام الصحي بعد 8 أشهر من بدء الجائحة و عدم قدرته على مجاراة تزايد الحالات التي من المفترض فحصها مما جعل المنظومة الصحية تقف عاجزة.

ما نود إن نعلمه من حكومتنا هو ما هي النتائج الصحية و الوبائية التي استطاعت السيطرة عليها خلال حظر وإغلاق تام للوطن لمدة شهرين حطمت خلالها البنية الاقتصادية و السياحية و الاجتماعية و الصحية فكم من إنسان فقدناه و لم يستطيع أبنائه الحضور إلى الوطن للوقوف بجانبه و كم من مريض تدهور وضعه الصحي نتيجة عدم توفر العلاج و عدم تمكن الأطباء من متابعة حالته. و ها هي الدولة الأردنية ما زالت مصرة على الاغلاقات و بعد كل هذه الإخفاقات و الاستخفاف بعقول شعبها من خلال الإغلاق التام يوم الجمعة دون تقديم أي تبريرات لهذا الإغلاق و لسان حالها يقول سوف اقضي على ما تبقى من بنية تحتية اقتصادية متمثلة بالمطاعم و المقاهي التي تعمل على روادها يوم العطل و في ذات الوقت تعمل على إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها ضاربة عرض الحائط صحة وحياة المواطن وسلامته. بحيث أصبح لدى المواطن قناعة أن دولته دولة دكتاتورية , مستبدة و لديها انفصام بالشخصية و تفتقد لأساسيات اتخاذ القرارات السليمة و كان وما زال الوطن و بنائه حقل تجارب متسرعة لا تحسب أبعاد قراراتها المدمرة. فهل هناك وضع مزري صحيا”, اقتصاديا و اجتماعيا” أكثر مما وصل إليه الوطن على أيدي السلطة التنفيذية الناشئة و الغير متمرسة و ليس قادرة على إدارة مؤسسة و ليست وطن 32 وزير فقد عدد و ليس فعل. نعم ارتضينا في بداية الجائحة على قرار الإغلاق و ضحينا باقتصادنا و منظومتنا الاجتماعية على أمل أن ننتصر في مكافحة الوباء و لكن رهان الوطن والمواطن كان على الحصان الخاسر. لذا فلتعذرنا الدولة لن نستمر في رهاننا عليكم و لن نصغي لأملاءاتكم و قراراتكم إذا ما لم تقدموا التبريرات المنطقية و العقلانية فالشعب الأردني شعب مثقف و واعي و الكثير منهم يتجاوز أعضاء السلطة التنفيذية فكرا, علما” و خبرة” بحيث تتهافت عليهم الدول للاستفادة من خبراتهم وعلمهم و انتم تتكبرون بجهلكم و عنجهيتكم و غروركم عليهم و تعتقدون إنكم ملكتم الوطن والشعب بمنصبكم الزائل و سوف يذكر التاريخ إخفاقاتكم و انكم دمرتم وحياة أبنائه بجهلكم. لذا ما نرجوه من الدولة الأردنية أن لا تحاول أن تمتحن صبر الشعب الأردني و لتضع النقاط على الحروف و تقدم إستراتيجية كاملة قام بدراستها مختصين من أصحاب الخبرة و المعرفة و العلم و ليس تلامذة في مدرسة السلطة التنفيذية تضعها بين يدي الشعب بشفافية لمحاربة هذا الوباء و كيفية النهوض بالمنظومة الصحية لاستيعاب المصابين و الذي هو من واجب الدولة الأردنية تطبيب كافة المصابين على اعلى درجات الكفاءة و ليس مجبر المواطن الأردني أن يدفع ثمن إخفاق الدولة الأردنية بإيجاد منظومة صحية لاستيعاب و التعامل مع كافة الحالات للمستشفيات الخاصة. و من حق الشعب ان يعلم و بعيدا” عن السلطة التشريعية أن يعلم كيف تم التعامل مع المساعدات التي قدمت للوطن من أجل محاربة هذه الجائحة لأن في النهاية المواطن الأردني والوطن هم من سيعيدون هذه القروض إلى مقرضيها و ليس المسئول فعندما يقوم المسئول بإعادة هذه الأموال عندها يحق له التصرف بها كيفما شاء دون الرجوع الى القاعدة الشعبية للوطن و إعلامهم بحيثيات ما تم إنفاقه.

نسأل الله السلامة لوطننا وشعبنا و حمى الله الأردن من نفاذ صبر شعبه على القرارات المتخبطة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى