هل تقايض إسرائيل ملف القدس بالملف النووي الإيراني؟

هل تقايض #إسرائيل #ملف #القدس بالملف#النووي #الإيراني؟

د. فايز أبو شمالة

لمن الأولوية من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية؟ هل الأولوية للملف النووي الإيراني؟ الذي يشكل خطراً وجودياً على دولة الكيان الصهيوني ـ كما يزعمون ـ أم الأولوية للملف العقائدي المتمثل بالقدس؛ عاصمة موحدة لدولة الكيان، مع الرفض المطلق لتدنيس وحدتها بقنصلية أمريكية في القدس الشرقية، تخدم العرب؟

لقد ظهرت الخلافات بين أمريكا وإسرائيل بجلاء حين رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت لقاء الموفد الأمريكي للملف النووي الإيراني روبرت مالي، وأناب عنه مسؤولين عرضوا على الموفد الأمريكي مواد استخباراتية، تظهر تقدم الإيرانيين في برنامجهم النووي، وأنهم يماطلون كسباً للوقت، وأن الجيش الإسرائيلي يجهز نفسه للرد، وأن إسرائيل جادة في رفض لقاءات فينا، ولن توافق على أي اتفاق حول المشروع النووي يتعارض مع مصالحها.

في الوقت نفسه كثف نفتالي بينت من تصريحاته حول رفضه لافتتاح القنصلية الأمريكية في القدس، وواصل تأكيده على أن القدس الموحدة عاصمة لدولته، ولأمريكا الحرية في افتتاح قنصليتها في أبوديس أو رام الله إن شاءت، إنما القدس، فلا.

في المقابل، فقد أشارت مجمل التصريحات الأمريكية إلى الرغبة الجادة في التوصل لاتفاق مع إيران، مع عدم استعداد أمريكا لأي مغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب، بما في ذلك عدم السماح إسرائيل بتوريط أمريكا في حرب مفتوحة على كل احتمال، لا وصل الأمر بالإدارة الأمريكية أن حذرت إسرائيل من التفكير خارج المألوف، مع ضرورة تجنب عواقب حرب السايبر ضد إيران، ومن انعكاسات الحرب السرية التي هدد بها قادة الكيان الصهيوني، وهذا ما تفهمته إسرائيل، وظهر في التصريح الأخير لوزير الحرب بني غانتس، الذي أعلن تأييده لاتفاق نووي محكم مع إيران، اتفاق طويل المدى، يحد من قدرات إيران النووية.

أما فيما يتعلق بالقدس، فقد شهد الواقع تردد أمريكا في افتتاح القنصلية الأمريكية، ورغم تصريحات وزير الخارجية الأمريكية الذي زار رام الله في أواخر مايو من هذا العام، وأبلغ السيد محمود عباس بأنباء فتح القنصلية، كجزء من تعميق العلاقات مع الفلسطينيين، إلا أن هذا الإعلان ظل خامداً حتى الآن، ولم تجرؤ الإدارة الأمريكية على افتتاح القنصلية في القدس، رغم مضي أحد عشر شهراً على تولى بايدن الرئاسة الأمريكية.

فلماذا تتباطأ أمريكا في افتتاح القنصلية؟ ولماذا تتردد؟ ولماذا لا تجرؤ حتى اليوم على القيام بفعل كان جزءاً من البرنامج الانتخابي للرئيس بايدن؟ لماذا تحاول استرضاء إسرائيل؟

لقد بلغ التشنج الإسرائيلي حول القنصلية الأمريكية في القدس مداه، فالقدس ليست قضية سياسية، ولا مجال فيها للمنارة، القدس بالنسبة للإسرائيليين قضية عقائدية، وقد حسموا أمرها فيما بينهم نهائياً، وأعطت الحكومة الإسرائيلية ردها القاطع الذي يحظى بإجماع كل الأحزاب الإسرائيلية، ويحظى بإجماع الجمهور الإسرائيلي؛ الذي يرى بالقدس ملتقى الروح اليهودية، وناظم الترابط المصيري، وهي الإجماع الوطني، رغم الرسالة التي وجهها 300 من الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي إلى المشرعين الإسرائيليين، وأعضاء مجلس الوزراء؛ يحثونهم فيها على دعم خطة إدارة بايدن لإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، رغم هذه الرسالة، فإن المزاج العام، والإجماع الحكومي يقوم على وحدة القدس تحت السيادة الإسرائيلية، وهذا الموقف مدعوم من حوالي 200 من الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، الذين وقعوا على رسالة تحتج على نية إدارة بايدن إعادة فتح القنصلية في القدس، وهؤلاء الجمهوريون مدعومون من بعض أعضاء الحزب الديمقراطي، كما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”

فهل تتراجع أمريكا عن افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، مقابل تراجع الحكومة الإسرائيلية في الملف النووي الإيراني؟

وهل التشدد الإسرائيلي في الملف النووي الإيراني، يهدف إلى الضغط على الحكومة الأمريكية في ملف افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس؟

الشواهد العملية تؤكد أن لدى إيران قدرات ضاغطة على الإدارة الأمريكية، وهذا الذي سيفرض عليهما الضغط على إسرائيل، لتتراجع في الملف النووي الإيراني، ولكن لعدم وجود أي قوة ضاغطة على الإدارة الأمريكية من قبل القيادة الفلسطينية، فلن تسعى إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية.

إنه درس القوة؛ الذي لم ترتقِ إليه القيادة الفلسطينية الحالمة بالسلامة، وهي تتنظر من الإدارة الأمريكية أن تقاتل معركتها، وأن تتصدى للأطماع الإسرائيلية نيابة عنها، ليعبر الوقت، وتمضي السنين، ويضيع مع التنسيق والتعاون الأمني ما تبقى من أرض فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى