سواليف
مع اقتراب مرور عشر سنوات على تأسيسه، بات موقع ويكيليكس رائداً لظاهرة “مطلقي الإنذار” الذين يسربون وثائق للفت الانتباه إلى ممارسات حكومية، وقد عمم نمط المنصات التي تنشر معلومات سرية على الإنترنت في العالم.
غير أن الموقع المشلول بفعل الصعوبات القضائية التي يواجهها مؤسسه جوليان أسانج، يعاني بشكل متزايد من تراجع صورته بفعل الاتهامات الموجهة إليه بأنه دمية بأيدي حكومات وأحزاب سياسية، وبأنه يفتقر إلى القدرة على التمييز في تسريبه الوثائق والمعلومات.
ويتمم جوليان أسانج الثلاثاء المقبل 4 أكتوبر/تشرين الأول 2016 السنة العاشرة لتسجيله اسم “ويكيليكس.أورغ” على الإنترنت.
ومن المقرر بهذه المناسبة أن يطل على شرفة سفارة الإكوادور التي لجأ إليها في العاصمة البريطانية في يونيو/حزيران 2012، ويشارك في مؤتمر صحافي عبر الفيديو يعاد بثه في برلين، حيث سيتجمع عدد من مناصريه.
وقامت منظمة “ويكيليكس” غير الحكومية التي تستمد اسمها من “ويكي”، شعار الانفتاح والإدارة الذاتية لمستخدمي موقع “ويكيبيديا”، و”ليكس” أي تسريب بالإنكليزية، بنشر أكثر من عشرة ملايين وثيقة سرية مسربة خلال عقد.
تسريبات خطيرة
وأثارت تسريبات ويكيليكس مخاوف بلدان كثيرة، بدءاً بالولايات المتحدة.
ومن إنجازات الموقع أنه ألقى الضوء على الممارسات في معتقل غوانتانامو وكشف معلومات عن العمليات العسكرية الأميركية في العراق وأفغانستان. غير أن أبرز نجاحاته تبقى إثارة فضيحة “كايبلغيت” عام 2010 بنشره عشرات آلاف البرقيات الدبلوماسية السرية للبعثات الأميركية في الخارج، وقد سربها له محلل في الجيش الأميركي.
وألهم مثال ويكيليكس في السنوات الأخيرة المستشار السابق لأجهزة الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن الذي كشف للصحافة عن مدى برامج المراقبة التي تمارسها وكالة الأمن القومي الأميركية على الاتصالات، بما في ذلك أنشطة التنصت على مكالمات قادة دول حليفة.
وتحت تأثير ويكيليكس أيضاً، تم مؤخراً كشف فضيحتي “لوكسمبورغ ليكس” و”بنما ليكس” حول الجنات الضريبية، بفضل عمل الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فيما نشرت منظمة غرينبيس الوثائق السرية للمفاوضات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
هل بالفعل ويكيليكس أداة؟
مع انتشار نموذجه، خسر موقع ويكيليكس ما بقي لفترة ميزة حصرية له. هكذا فضل إدوارد سنودن اللاجئ حالياً في روسيا، التوجه مباشرة إلى صحف. كما أن عدداً من المقربين سابقاً من أسانج ابتعدوا عنه في السنوات الأخيرة.
ومن بينهم خبير المعلوماتية الألماني دانيال دومشايت-برغ الذي كان متحدثاً باسم ويكيليكس قبل أن يغادر الموقع في نهاية 2010، متهماً مرشده السابق الأسترالي بأنه “مهووس بالسلطة”.
وقال “ساهمنا في إحداث تغيير ثقافي من خلال تطبيع وظيفة مطلق الإنذار”.
لكنه رأى أن موقع ويكيليكس “يدفع حالياً ثمن رفضه الفرز بين الوثائق وإصراره على نشرها كلها بدون تمييز”.
وتابع أن “إدوارد سنودن يحمل قيماً قوية جداً، وهو لم يتوجه إلى ويكيليكس، وكذلك الذين سربوا وثائق لوكسمبورغ ليكس، وأعتقد بالتالي أن الذين يتصلون اليوم بويكيليكس يفعلون ذلك لأنهم يعتبرونه أداة يمكن التلاعب بها”.
اتهامات لأسانج
وأعرب إدوارد سنودن عن انتقادات مماثلة في تموز/يوليو حين كشف ويكيليكس آلاف الرسائل الإلكترونية لمسؤولين في الحزب الديمقراطي الأميركي، من ضمنها البيانات الشخصية الخاصة للعديد من منتسبي الحزب، في خضم حملة الانتخابات الرئاسية.
وبات جوليان أسانج متهماً بخدمة مصالح روسيا، بل أكثر من ذلك، بتسريب وثائق تمدها به موسكو، أو بخدمة مصالح المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب.
ورد أسانج في صحيفة “دير شبيغل” قائلاً “لن نبدأ بممارسة الرقابة الذاتية لمجرد أن هناك انتخابات في الولايات المتحدة”، مؤكداً أنه سبق أن نشر في الماضي وثائق تتضمن انتقادات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحذَّر بأن “الهجمات تزيدنا قوة”.
هافنغتون بوست