هل الزواج احتلالاً..وكيف يُصبح كذلك..؟
ا.د حسين محادين
(1)
- أُذكر ان ما نتزود به منذ الطفولة من معارف علمية وحياتية متنامية، عن بنية واستحقاقات والادوار المستجدة علينا قبل وبعد #الزواج في ثقافتنا الاسرية كأردنيين قليل وسطحي وهنا جذر المشاكل وتحديدا العنف بانواعه في علاقاتنا الأسرية كأردنيين.
.لذا يبقى الجزء الاكبر من معارفنا مُستمد من #اجتهادات واحاديث الاقران من الجنسين، اي #الاصدقاء الذين هم اصلا بلا خبرات حياتية في هذا الموضوع، وليس من خلال تنشئتنا الاسرية منذ الطفولة كما يُفترض.
( 2) - لا ندرك غالبا ان الزوجين قد قدِم كل منهما من بيئة مناطقية وثقافية مختلفة او غير متطابقة بالتمام مع الشريك، لذا نحتاج الى توظيف كل منهما الى مهارات الوعي والتدبر لمرحلة ما قبل الزواج، كي ننجح كزوجين بعد توفر مثل هذه المهارات الاساسية في بناء مشتركاتنا الخاصة بنا كأسرة جديدة، وبعيدا عن تدخل الاهل او الاقرباء في حياتنا كازواج جُدد، وضرورة تفهم كل من #الزوجين أيضا لخصوصية وتفضيلات كل منهما، كي نتجنب ان يكون زواجنا احتلالا لشريكنا ، عِوضا ان يكون عملا نبيلا وانجابيا على طريق المحبة وتحقيق للسكنى بيننا.
(3)
بحكم عملي الاكاديمي واشرافي على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في حقول #الاسرة والعنف فيها خلصت الى ما هو آت من المعطيات التي تشكل تهديدا او انحرافا عن المضامين والسلوكات السليمة المبتغاة من مبررات الزواج عند شبابنا من الجنسين:-
ا- لاحظت ان طلبتي من الجنسين وتحديدا المتزوجون منهم، عندما اطلب اليهم مثلا، ان يُعرفوا لي، ما هو الزواج علميا، يتهربون من القول او الاشارة المباشرة، بأنه علاقة جنسية شرعية بين رجل وأمراة تهدف الى اشباع غرائزهما أولا ومن ثم الانجاب والتربية وتزويد المجتمع بالافراد للحفاظ على ديمومته وتطوره عبر الاجيال….ما يشير ضمنا الى ان درجة ادراك ونضوج وجرأة هؤلاء الطلبة متدنية في تمثلهم لقيم واساسيات #الحياة_الاسرية ،رغم انهم متزوجين وبالتالي فهم بحاجة الى ضرورة التعبير الواعي والتمكن من مهارات ومفاهيم الزواج ومراميه الشرعية اساسا كما يتوقع منهم ، ما يشكل ضعفا فكريا وحياتيا في طبيعة وحقيقة وعيهم المفترض عن حياتهم الزوجية وبالتالي تقوية دعائم استنرارها ونضجها في المحصلة .
(4)
ان المجتمع الاردني يعاني من مشكلتين بارزتين في موضوع ومضامين الزواج كأصل وهما..
تأخر سن الزواج اولا،
و ثانيا ،ارتفاع نسب حالات الطلاق في السنتين الاوليتين من الزواج كما تشير الاحصاءات الرسمية، والذي تكون ضحيته المرأة والاطفال في مجتمع ذكوري بأمتياز للأسف .
ما يشير علميا الى ان اغلب هذه الحالات من الزواج لم تقم بالاصل ونتيجة لهشاشة خبرات الابناء عن الزواج ومسؤلياته المتنامية على وعي وأسس وخبرات قبلية مفترض توفرها لدى المتطلقين، وهذا خلل مضاف، في نوعية التنشئة الاسرية للابناء من الجنسين عموما بهذا الجانب الحيوي من حياة الاردنيين.
(5)
اخيرا…لعل التساؤل الموجع هو..ما الحل…
-ضرورة العمل اسريا على تزويد الابناء من قبل الاباء والامهات بالثقافة الجنسية والنفس نمائية المتدرجة حسب مراحل النمو نفس اجتماعي للابناء من الطفولة حتى الزواج، وتهيئتهم ليكونوا ازواجا في المستقبل…خصوصا وأن دخول وانتشار”التكنولوجيا” وأدوات التواصل الاجتماعي والتفاعلي بالصور المباشرة، قد اتاح للشباب من الجنسين حرية الاطلاع الفردي على الكثير من الافلام والمشاهد الجنسية الممنتجة والمظللة غالبا لوعيهم المفترض قبل مشاهدتهم لمثل هذه الصور والعلاقات خارج مؤسسة الزواج التي يجب تنبيههم وبالحوار لخطورتها من قِبل الاهل، وتذكيرهم، ان ليس كل ما قد يشاهدونه دقيق او حقيقي في الحياة الاسرية الواقعية ،لان جله يقع تحت باب الاغواء والتمثيل المبالغ فيه والتجارة الالكترونية.
(6)
ضرورة ان يقتنع الزوجان وبالوعي الحقيقي، انهما ليسا متطابقين في المفاهيم، او التطلعات احيانا، وحتى في نوعية الهويات و صفات الاصدقاء لكل منهما، وبالتالي ان مثل هذا الادراك الواعي سيمنح كل منهما حرية نسبية معقولة يجب ان يتفهمها الشريك، كي يكون البناء الاسري واعبائه مرناً وتشاركيا بين الزوجين، وصولا الى تحقيق السُكنى وتكامل النجاحات لهما وبينهما معا تحت مظلة أسرتهما..فهل نحن راغبون أو عاملون بهذا الفهم العلمي والميداني كي لا تكون حياتنا الزوجية إحتلالا بدلاً من تكون في غاية الانسجام بيننا كزوجين وابناء.؟ - جامعة مؤتة-قسم علم الاجتماع.