أثار الإعلان عن تصاعد #الدين_العام في #الأردن بشكل كبير، تساؤلات حول #أعباء_المديونية على #الاقتصاد_الأردني، والتهديدات التي تواجهها المملكة إزاء ذلك، وهل باتت معرضة للتعثر على غرار ما جرى في #سريلانكا مؤخرا.؟
وأظهرت آخر بيانات صادرة عن #وزارة_المالية الأردنية ارتفاع الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 107.6 بالمئة، ليصل إلى نحو 36.5 مليار دينار (51.5 مليار دولار)، بزيادة تبلغ قيمتها 757 مليون دينار عن نهاية عام 2021.
وتشير تقديرات إلى أن “العجز المُجمّع” في قانوني الموازنة سيبلغ هذا العام (2.4 مليار دينار)، ونحو (3.3 مليار دينار) من دون احتساب المنح الخارجية، لتتم تغطية العجز عن طريق الاقتراض، الأمر الذي سيرفع الدين العام إلى 38.8 مليار دينار، أو ما نسبته 114.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورأى الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن الدين العام في الأردن يتفاقم حاليا لأسباب تتعلق بارتفاع الكلف وأسعار الفوائد.
وأوضح أن “هذه الفوائد تؤدي إلى ارتفاع المخصصات لسداد هذه الديون، سواء على شكل أقساط أو فوائد”، لافتا إلى أن “حجم الفوائد في موازنة عام 2022 بلغ مليارا و428 مليون دينار، وهي أكبر من مخصصات أي وزارة في الحكومة”.
وأضاف عايش أن “الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة سيؤدي إلى التأثير على قدرة الحكومات على تقديم الخدمات، أو التوسع فيها أو تجويدها، أو حتى مواجهة حالات من الجوائح والاضطرابات والمشكلات وارتفاع الأسعار، كما حدث إبان أزمة كورونا أو الأزمة الأوكرانية، أو حتى في التغيرات المناخية القادمة”.
وتابع: “حتى لا يكون ثمة إعلان عن إفلاس الدول، فإن عليها أن تلتزم بسداد ديونها في مواعيدها، أقساطا وفوائد، وهذا يستدعي في مرات كثيرة فرض المزيد من الضرائب على المواطنين لزيادة الإيرادات، ما يعطل الأداء والنمو الاقتصاديين، ويفرض أحيانا أخرى الحصول على ديون لسداد الديون بكلف مرتفعة، وهذا يعني أننا نستمر بدوامة هذه الديون بشكل يكاد يكون لا نهائياً”.
وأكد عايش أن نتائج هذه السياسات “خطيرة على الاقتصاد، خصوصا أننا نمول ديونا نستخدمها في نفقات جارية، أو لتمويل مشاريع لا تدر عائدا، وهذا ما حدث في سريلانكا، ويحدث حاليا في مصر ودول كثيرة في العالم”.
ونفى أن يكون الأردن معرضا للتعثر الاقتصادي، معللا ذلك بكون العلاقة بين المملكة والجهات المانحة للديون والقروض علاقة سياسية أكثر منها اقتصادية.
الاتفاقية الأردنية- الأمريكية
وحول الاتفاقية التي وقعها الأردن مع الولايات المتحدة مؤخرا، وأثرها في التخفيف من أعباء المديونية، قال عايش إنها “ستخفف فقط من العجز في الموازنة، بما يقلل بشكل بسيط لجوء الدولة إلى الاستدانة”، مؤكدا أن “جميع الاتفاقيات والمساعدات الأمريكية وغيرها لم توقف الأردن عن مراكمة ديونه”.
وكان نائب رئيس الوزراء الأردني، وزير الخارجية أيمن الصفدي، ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، قد وقعا في 16 أيلول/ سبتمبر الماضي مذكرة تفاهمٍ جديدة حول العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، تؤطر المساعدات المالية التي تعتزم الولايات المتحدة تقديمها للمملكة للسنوات السبع المقبلة.
ووفق الاتفاقية، التي هي الرابعة بين البلدين، ستقدم الولايات المتحدة للأردن مساعداتٍ بقيمة 1,45 مليار دولار أمريكي سنويًا، ابتداءً من السنة المالية 2023، وانتهاءً بالسنة المالية 2029.
ويرى المحلل الاقتصادي عزام البرغوثي أن هذه الاتفاقيات قد تخفف أعباء الديون، ولكن مقابل التزامات يفقد من خلالها الأردن قراره المستقل، ويُخضعه للإملاءات الخارجية، ويزيد من تبعيته للغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة.
وأضاف البرغوثي أن “من ضمن هذه الالتزامات ما يؤثر على القدرة الإنتاجية للبلاد، مثل التجارة الحرة وعدم حماية المنتجات المحلية، ما يؤثر سلبا على القطاع الحقيقي في الاقتصاد”.
ولفت إلى أن نتائج دراسة “أعدها أحد الباحثين، خلصت إلى أن المنح الخارجية على الاقتصاد الأردني لا تؤثر على الاقتصاد الحقيقي، وأن كل دينار زيادة في المنح الخارجية يزيد العجز التجاري في الأردن على المدى البعيد بأربعة دنانير”.
“احتمالية التعثر واردة”
وذهب البرغوثي إلى القول بأن “احتمالية حدوث تعثر في الأردن على غرار سريلانكا واردة لعدة أسباب، أولها أننا نلجأ إلى الدين لسداد دين غيره، وهذا من أسوأ أنوع الدين، فلو فرضنا أن الآخرين توقفوا عن إقراض الأردن في لحظة من اللحظات، فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث تعثر بشكل مباشر”.
وتابع: “السبب الثاني أنه مع زيادة نسبة المديونية ينقص ريع الأردن، وبالتالي فإن نسبة الفائدة التي سيأخذها بالديون الجديدة ستكون أكثر، وهذه الزيادة تزيد عبء المديونية، ما يزيد من فرصة التعثر؛ لأن نسب السداد ستكون عالية جداً، وتتحول من طويلة المدى إلى قصيرة المدى”.
وأشار البرغوثي إلى “تراجع احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي الأردني، في الشهور السبعة الأولى من العام الحالي، بنسبة 8.1 بالمئة، لتصل إلى 16.57 مليار دولار، مقارنة مع 18 مليارا في نهاية العام 2021”.
وأضاف أن “هذا يدل على وجود نزيف في العملات الأجنبية، والمملكة تسدد ديونها بالنقد الأجنبي، وبالتالي سيزيد ذلك من المخاطر على الاقتصاد الأردني”، لافتا إلى أن “نسبة الرفع المالي بلغت مرحلة خطرة، ولن تستطيع الدولة أن تنفق المزيد على الديون”.
وتجدر الإشارة إلى أن الأردن أطلق، في حزيران/ يونيو الماضي، رؤية لخطة جديدة؛ لمواجهة التحديات التي تمر باقتصاده، تحت اسم “رؤية التحديث الاقتصادي” ومدتها 10 سنوات، تقوم على النمو المتسارع من خلال إطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية.