هل أتاك حديث المئوية؟؟

خاص سواليف

مقال الأحد 18 – 4 – 2021

في شعور مغاير لكل المحتفلين بالمئوية ، والراقصين على صفريها الجديدين ،  أنا أشعر بحزنٍ شديد وقهر مضاعف..فهم بارعون في تصميم الشعارات ،وتوزيع الأعلام على أعمدة الإنارة المطفأة بسبب توفير النفقات ، وينبرون لنظم الكلام الكبير المدجج  بالأوهام في أعمدة الصحف المهترئة التي تعاني كلها من مديونية ،يشغلون هواء الفضائيات التي لا يشاهدها أحد ولا يثق بمصداقيتها أحد عن الانجازات  ،  يشعرونك في حديثهم  أننا في مصاف الدول العظمى ونحن نجلس على  خازوق الواقع   ، أما كتّاب الــ” pre paid” فهم كفرقة “الزفّة “في أي عرس ، يرتدون لباساً موحّداً من التزلّف ، يتعبون أنفاسهم وينفخون “شدوقهم” ليزمروا في تلك القربة أو يطبّلوا على طبلة الإنجاز لمدّة ربع ساعة وطنية لا أكثر ثم يدخلوا سباتهم الشتوي ،لا العريس يشعر باطمئنان وثقة بالنفس  ولا العروس راضية بهذه الزيجة..لكنها طقوس لأجل الطقوس..

لماذا أنا أشعر بالحزن الشديد والقهر المضاعف؟…لأننا أمضينا مئة عام ،ولم نخط خطوة واحدة تجاه الدولة الحقيقية ، مئة عام والمواطن ما زال يسجن على رأي، مئة عام والحقوق مكارم، مئة عام ولا يحق للمواطن أن يختار حكومته أو من يحكمه، مئة عام وفي القانون ثمة تهمة تليق بالعبيد اسمها “اطالة لسان”، مئة عام والبرلمانات مزوّرة ،والحكومات دمى بلاستيكية  فاقدة الولاية ، مئة عام والدولة تعيش على المساعدات الخارجية بدءاً من الرواتب مروراً بالقمح والمدارس وليس انتهاء باللحم السوداني والأكسجين السعودي ،مئة عام لا ميناء لنا ولا مطار ولا شركات حكومية تؤمن خبز موظفيها على الأقل،  مئة عام ولا نملك الطاقة ؛ مفتاح الغاز بيد “الكيان الاسرائيلي”،مئة عام ولا نملك صنبور المياه فالحنفية أيضاَ بيد “الكيان الاسرائيلي”، مئة عام من الانصهار حتى صرنا  مجرّد  قاعدة عسكرية أمريكية وفق الاتفاقية المذلة الأخيرة..

في المئة عام كان يمكن لنا ان نقفز الى مصاف الدول الأولى ، ان نصبح ملكية دستورية ، نحن من يختار حكوماتنا ونحن من يحاسبها ونحن من يكون عن سبب الرفاه او الإنهيار، مئة عام لم نمش خطوة واحدة في طريق التطور السياسي والاقتصادي..

لقد تجاوزت أغلب شعوب العالم مطالباتها بالحرية وحق التعبير واختيار الحكومات وتفرّغت للانتاج ، وتفرغت لبناء الدولة ،وصون قوّتها،وكامل استقلالها…بدلاً من أن تتفرّغ كل أجهزة الدولة “لفلان حكى وفلان ما حكى” ..مئة عام ضيّعناها كان من الممكن أن نكون سويد العرب أو سويسرا حريات الشرق..

لكننا نصرّ دائماً “بالضحك على الإصلاح” والتحايل عليه والغرق بالمزيد من الوحل والعفن، ثم نستأسد على العزّل والمفكرين والوطنين بتكميم الأفواه والتلويح لهم  بالكرباج…الأسواط لا تصنع دولاً، الأسواط تبدّل جلد الأحرار فقط..

أحمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى