من إرشيف مقالات الكاتب قبل سنوات…
هلَا أعطيتم قلبي إجازة..!
أحمد حسن الزعبي
مع نهاية شهر #أغسطس تنتهي معظم الأشياء الجميلة .. تنحسر #الأعراس ومناسبات النجاح ،تهدم معرّشات البطيخ ، تتهاوى #جلسات_آخر_النهار امام البيوت، يلملم #المغتربون الثواني الأخيرة من إجازاتهم ، يسحبون #خيط_الفرح من سجادة الليل ، يغلقون جيداً نوافذ شققهم، يغطّون غرف الجلوس، يبحثون عن أحذية صغارهم، عن أوانيهم ، عن صورهم ، وعن بقاياهم التي أرخوها طيلة إجازة الصيف هنا وهناك .. يأخذون كل شيء ويرحلون..
سيارات تستثقل الرحيل تسير ببطء وحزن شيء نحو #مطار_الملكة_علياء وأخرى نحو الصحراء للسفر براً محملة بحقائب مشدودة ومحشوة برائحة البلد..أكياس ميرمية وزعتر ، وزيت مخبأ من تشرين قديم، وعلم الأردن الذي أصر على حمله الأولاد بين الهدايا ودفاتر الرسم.. تفاصيل الصيف الدقيقة ، سهرات لامست الفجر ، ضحكات عشعشت في حناجر الجميع كلها ترافقهم نحو غربة الصحراء والأجواء وغربة الجسد..
مع انطلاقة صوت محرك الطائرة والسيارة ..ندى الفجر يترقرق على زجاج النافذة كما تترقرق دمعة الوداع على زجاج العين.
تمضي بالأولاد وبشهد الأوقات حيث عام آخر من “الألو” و”المسجات” ومكالمات ما بعد “التخفيض”..
على الطريق كل حين تقفز لافتة مكتوب عليها : الحدود80كم.. 60كم.. 30كم ..
وكلما يقول كابتن الطائرة ساعتين للوصول، ساعه ونصف ، نصف ساعه .. كلما قرأها المغترب على الطريق وسمعها في الطائرة .. سأل نفسه ذات السؤال السنوي ترى كم بقي عن حدود العمر حتى اصل؟ أي لقمة عيش هذه التي لا تشبعنا ابداً؟..
في مبنى المغادرين وفي ذات التوقيت من كل عام ، أدير ظهري متأثراً..كلما رأيت معانقة بين أم وابنها ،أو أخ مع أخيه أو أخته أو ولد مع والده، او زوج مع زوجته .. الثم بعيني وجه الـعــَلــَم وأقول :يا لهذا الوطن الذي له قلب أم،أحرقه كثرة الغياب وأثقلته حقائب السفر..متى ستضم أبناءك تحت جناحيك وتستريح…
أيها #العائدون الى غربتكم ..هلاّ أعطيتم قلبي ” #إجازة ” ..
أحمد حسن الزعبي