هكذا تقدم العالم وتأخرنا
#يوسف_غيشان
هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم كانوا سبعة ثامنهم كلبهم، هل عاشوا وماتوا في مدينة أفسوس أم في فلسطين، أم أن كهفهم في منطقة الرقيم في الأردن؟ هذه أمور لا نعرفها على وجه التحديد، فالقصة متداولة من عهود قديمة، وقد تم إحياؤها في التراث المسيحي، ثم وردت في القران الكريم ردا على تساؤلات اليهود للنبي العربي.
أتحدث عن #أهل_الكهف الذين هربوا-حسب المكتوب-من حاكم ظالم غير محدد المكان ولا الزمان ولا الاسم…. وسكنوا مغارة لبثوا فيها نياما ما يقارب ال 300 عام، ثم خرجوا، وأرسلوا أحدهم ليشتري لهم طعاما، فاكتشفوا أنهم في زمان آخر، وأن نقودهم غير متداولة في هذا الوقت.
القصة فيها حكمة وعبرة وهي بالتأكيد ليس الهروب من #الظالمين إلى الكهوف. ولم تطلب الأديان من الناس تكرار هذه التجربة. وحدنا العرب، من كرر هذه التجربة بشكل بائس، في جماعة التكفير والهجرة التي نشأت في مصر، وانقرضت قبل عقود.
المؤلم في الوضع أننا لم ندرك نحن #العرب، بأننا لا شعوريا قد تحولنا إلى أهل كهف بالمقلوب، وخرجنا من #الزمان و #التاريخ، وانعزلنا عن العالم تدريجيا، حتى انعزلنا تماما في عصور الحكم العثماني.
خرج العثمانيون منذ مئة عام ونيف من بلادنا، لكننا ما نزال في كهوفنا نائمين. من يصحو منا، إما أنه يخشى الخروج، أو أنه يخرج ويضيع في زحمة العالم، دون أن نستعيد هويتنا وجنسيتنا وعالمنا.
هكذا تحول #العالم_العربي بأكمله إلى كهف أهل الكهف، وصار مكانا ساحرا وباهرا للمستشرقين والمستغربين وعلماء الآثار والمستحثات، وللمستعمرين ولصوص خيرات الشعوب، وصار من مصلحة الجميع الإبقاء علينا، كما نحن، إما لدراستنا أو لسرقتنا، أو لاستعبادنا واستبعادنا…أو لجميع ما ذكر وما لم يذكر.
وعلى عكس أهل الكهف، صار لهؤلاء الأغراب، وكلاء من لدننا، داخل الكهف، يجبرون كل من يصحو منا على النوم ثانية، وكل من يصحو منا ويصر على النهوض يتم قتله أو سجنه أو تعذيبه، ليكون عبرة للنائمين.
هكذا تقدم العالم وتأخرنا نحن.
هكذا تطور العلم، وبقينا على حالنا.
أما من واحد أو مجموعة منا تنهض وتقاتل من أجل العودة إلى العالم لنحارب الظلم والظالمين ونبني مجتمعنا مرة أخرى؟
أما من أحد منا يصرخ –على الأقل-يصرخ بملء صوته – ليحيي النائمين، ويقول:
كم لبثنا؟