هكذا تحدث #الروابدة!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
خلال لقاء في جمعية العلوم السياسية، تحدث الروابدة فيما يجب أن يقال، وفي بعض ما لا يقال! تحدث أمام سياسيين “شبه” محترفين، ممثلين بعدد من السفراء السابقين، وأمام عدد من العسكريين المحترفين مثل الفريق فاضل علي رئيس الجمعية، والفريق محمد ملكاوي وجمهور حاشد من المهتمين!
تحدث الروابدة في موضوعات عديدة؛ بعضها واضح سبق أن تحدث به سابقًا، لكن ما أثار اهتمامي يندرج في نقاط ست، وهي:
١-لكل أمة، أو مجتمع ثوابت وطنية تتطلب أن تدافع عنها، وتتمسك بها. فمن امتلك فواعل عديدة، يستطيع التمسك بها، ومن لا يمتلك ؛ فإنه مضطر لتقديم تنازلات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فالأمة العربية منذ منتصف القرن الماضي لم تستطع المحافظة على ثوابتها، وقدمت سلسلة من التنازلات، ليست أولها معاهدات” السلام “،
ولن يكون التطبيع المجاني آخرها. أما اسرائيل، فقد حافظت على ثوابتها من دون أن تتراجع قيد أنملة، فهي تمتلك فواعل عديدة.
فماذا نمتلك نحن من الفواعل؟
الفواعل هي وحدة الهدف، ووحدة المجتمع، والأمن القوي، والجيش المؤهل، والعلاقات والتحالفات الدولية، والاقتصاد، والإرادة الحرة!فماذا نمتلك من كل هذا!
إذن؛ من لا يمتلك الفواعل المؤثرة، عليه أن يرجع إلى التنازلات التدريجية، ومن يمتلكها، عليه أن يمارس الابتزاز السياسي وسائر أشكال الابتزاز
٢- ومن الثوابت، أن لكل دولة ومجتمع هوية واحدة هي الهوية الوطنية، وإذا اجتمعت هويتان أو أكثر يحدث الخلاف، فالصراع،
ثم الانفصال. ولذلك نحن في الأردن؛ كلنا أردنيون، قد تكون أردنيّا من أصل سوري، أو فلسطيني، أو يمني، ولكنك بهوية أردنية! وهذا لا يعني إلغاء التعددية والتنوع ، ولكنه يقع تحت نطاق الهوية الواحدة.
٣- هناك فرق في الاستراتيجية والتكتيك، ففي الاستراتيجي، أن العرب إخوة، وأن ما يربط بينهم أقوى من أي خلاف تكتيكي، فالخلافات مع العرب وخاصة مع سوريا لن يحل بغير اللقاءات، والتفاهمات والسياسات! وهذا برأيي نضج استراتيجي، حيث يصعب تصور دعوات للسلام مع أعداء، ودعوات للعداء مع أشقاء!
٤- الأردن عربي النشأة، ساهم العرب في بنائه مع بداية تأسيس الدولة، ولذلك، همُّنا عروبي، وشعاراتنا عربية، فلم نعرف نشيدًا غير: بلاد العرب أوطاني، ولذلك ترى كل أردني يعتز بهويته العربية، فنحن أردنيون عرب، ولك أن تضيف بعدها أي هوية فرعية لا تتناقض مع الهوية الوطنية والقومية.
٥-أوضح إجابة على سؤال أحد السفراء عما أوردته على لسانه في مقالة لي بعنوان: قريبًا من السياسة، حول انتشار اللاأبالية “والأنامالية”. بين صفوف المواطنين، وتساوي الصواب مع الخطأ، والخير مع الشر، قال الروابدة: هذه حالة تسمى
ال “Apathy” وتعني عدم الاهتمام ، وانتهاء الحماسة للقضايا العامة. نعم هذه أحوال وصلنا لها مع الأسف!
٦-ولعل أكثر الأفكار أهمية، هي في التمييز بين مهمة المفكر، ومهمة السياسي؛ فالمفكر مسؤول عن ضمير الأمة وبناء ثوابتها، والدفاع عنها، بينما تكمن مهمة السياسي في المحافظة على الأمة، وتوفير العيش الكريم لها وحمايتها من الأخطار المحدقة بها، ولذلك من حق المفكر أن يرفض ما يقبله السياسي، ومن حق السياسي أن يحاول الحدَّ من بعض جموح!
هذه بعض أفكار وردت في المحاضرة! قوة هذه الأفكار تجعلني أقول:
نعم! هكذا تحدث الروابدة!!