سواليف
تحكي شابة إسبانية تبلغ من العمر 19 عاماً عن تجربتها مع ألعاب الفيديو، وحبها الشديد للجلوس ساعات أمام الشاشة تُجرِّب الألعاب الجديدة.
وتقول: في البداية كنت ألعب ساعتين يومياً بعد عودتي من المدرسة، لكن في فترات الإجازة كان الأمر يخرج عن السيطرة، كنت أنتظر أن يخرج والداي لأواصل اللعب.
أنام 4 ساعات فقط، وألعب في باقي الوقت، واستمرَّ الأمر حتى بعد بدء الدراسة ودخولي الجامعة.
كان من الصعب أن أنفصل عن هذا العالم، لديَّ أهداف كبيرة، ولكن هذه اللعبة تشدني، وتمنعني عن الانطلاق لتحقيقها.
هذه شهادة وهي واحدة من المستخدمين الذين طلبوا المساعدة في صفحة dejar.info، وهي بوابة تُقدم المساعدة للتعافي من الإدمان، وتتضمن قسماً لألعاب الفيديو.
في السنوات الأخيرة اقتحمت التكنولوجيا الحديثة حياتنا، وفي أقل من 20 عاماً تطورت ألعاب الفيديو بسرعة كبيرة، مروراً بلعبة سوبر ماريو أو بوكيمون الأبيض والأسود، حتى الواقع الافتراضي، ولعب المباريات عبر الإنترنت على مسافات متباعدة عبر العالم.
يقول خيسوس الذي بدأ لعب البلاي ستيشن 1 في الثامنة من عمره، لـ”هافينغتون بوست” الإسبانية “كان اندفاعي إليه يشبه اندفاع أي طفل عادي، وكان والداي يراقبان الأمر، إذا لم يوافقا على اللعب يأخذان لوحة التحكم”.
بدأت مشكلته بعد ذلك، مع بلاي ستيشن 2 وGTA: “كنت ألعب في عمر الثامنة والعاشرة ألعاباً تناسب مَن هم في عمر الثامنة عشرة، دماء وعنف وغيره، وفاتني شهر من الدراسة بسبب اللعب في الصباح”.
ولم يتلق خيسوس أي علاج؛ إذ لم يعتقد أحد بحاجته لهذا، كما أكد أنه لم يكن يعرف من يمكنه تقديم المساعدة له.
ويقول الشاب الذي يعتبر الرقابة من جانب الوالدين أساسية، رغم أنه لا يعتبر إدمان ألعاب الفيديو مشكلة “منذ عامين أدمنت اللعب عبر الإنترنت، اقتصرت حياتي في مرحلةٍ ما على حضور الحفلات واللعب، الآن ألعب أيضاً، لكن أقل”.
إدمان ألعاب الفيديو لم يُذكر في كتب علم النفس
يقول خوسيه أنطونيو مولينا، الطبيب النفسي ومؤلف كتاب (أنقذوني.. أعاني من الإدمان): “لم يتم تناول إدمان ألعاب الفيديو في كتب علم النفس، لكن هذا لا يعني عدم وجود مرضى يعانون منه”.
كيف تعرف أنه إدمان؟
يتفق المتخصصون على ضرورة أن نفرّق بين إساءة الاستخدام والإدمان.
يوضح إغناسيو بلاسكو، الطبيب النفسي والخبير في علاج الإدمان والمؤسس المشارك لجمعية المقامرة والإدمان الجديدة ALYA، إنه من المؤكد أن ألعاب الفيديو تُمارس كثيراً، لكن أيضاً مصطلح “الإدمان” يُستخدم كثيراً بصورة غير دقيقة.
المؤشرات التي تدقُّ جرس الخطر متعددة، أبرزها:
التكرار، حين يحتاج الشخص إلى اللعب، ثم اللعب أكثر كل مرة.
الانفعال، حين يصبح الشخص عصبياً وسريع الغضب، أو ينتابه القلق حين يتوقف عن اللعب.
عدم الإحساس بالوقت، فأحياناً قد ينوي الشخص اللعب لمدة ساعة، ولكنه يستمر في اللعب لثماني ساعات.
وفقاً لمولينا، فإن إدمان ألعاب الفيديو تترتب عليه سلسلة من النتائج السلبية؛ الرغبة في اللعب طوال الوقت، ونشوب الخلافات على المستوى الأُسري والاجتماعي، وكذلك في أماكن العمل، إلى جانب مشكلات صحية تنتج عن قلة النوم.
وبحسب بلاسكو فإن لألعاب الفيديو أنواعاً أخرى من المشكلات الاجتماعية والأسرية؛ إذ تُمكِّن المدمن من الهروب من مشكلات الواقع، كما تساعد على الحد من الشعور بالقلق؛ إذ تعمل تلك الألعاب على إيقاف جزء من الدماغ، فتجنّبه التفكير والقلق.
مؤكدا أنه لا يوجد عمر محدد للانجراف نحو إدمان ألعاب الفيديو، لكنه أكثر شيوعاً بين الشباب والمراهقين، ويؤكد “لديّ حالات تتراوح أعمارها بين 20 و25 عاماً”.
العلاج والوقاية
يوضح مولينا أن العلاج والأعراض مشابهة لأنواع الإدمان الأخرى، مع وجود فرق واضح في هذه الحالة هو عدم وجود مرحلة لإخراج السموم من الجسم.
ويضيف “نعم نقوم بالشيء نفسه في التعرف على المشكلة وعلاجها، والمساعدة في ضبط النفس والرغبة، والتخطيط لأنشطة أخرى”.
ما الذي يمكنك فعله من المنزل لمساعدتك على العلاج من هذا الإدمان؟
يقول مولينا إنه بالنسبة لفئات الشباب والأطفال من المهم وضع بعض القواعد، وممارسة أنواع أخرى من الأنشطة، كما هو الحال مع الأطفال، يجب وضع حدود للاستخدام.
ألعاب الفيديو في حد ذاتها ليست سيئة؛ لأنها تعزز الذكاء والذاكرة، وليست هناك مشكلة إذا كانت نشاطاً يتم ممارسته أكثر من غيره”.
ليست كلها مُضرة
يرى أنطونيو لييبا، الحاصل على الماجستير في تصميم ألعاب الفيديو من جامعة مالقا، وعضو دراسة تطوير ألعاب الفيديو في Bonfire of Souls أنه من المؤكد أنك قد تصل إلى إحدى درجات الإدمان، إذ إن ألعاب الفيديو لها جاذبية قد تكون إيجابية أو سلبية.
لكن من ناحية أخرى يقول لييبا إنه مجالٌ تعليمي للشباب والمراهقين الذين يشعرون بالمسؤولية لدى استخدام هذه التكنولوجيا، إذ يتمكن اللاعب من إصدار ردود فعل أسرع، بالإضافة إلى قدرة أكبر على الرؤية، وإدراك أفضل للفضاء من حولهم، نافيا تسبب هذه الألعاب في فقد الشخص للقدرة على التواصل الاجتماعي قائلاً: “مع تعدد الخيارات بوجود لاعبين آخرين، يمكنك التعلم والتعرف على أشخاص جدد”.
هذا الخيار في ألعاب الفيديو يسمح بالتواصل والتفاعل مع أناس من كل أنحاء العالم، ويقول: “هناك فائدة أخرى لألعاب الفيديو؛ إذ يمكنها تنمية الاهتمام بمجالات في الحياة الواقعية، فيمكنك على سبيل المثال تعلّم الكثير عن الفيزياء من خلال إحدى الألعاب”.
ووفقاً للخبير، فبَيْن الألعاب الأكثر انتشاراً: World of Warcraft، وLeague of Legends، وPES، وFIFA، وGTA، إلى جانب ألعاب أبسط مثل Candy Crush.