هذه أحوالنا يا أُستاذ!

هذه أحوالنا يا أُستاذ!
م. عبد الكريم أبو زنيمة

يحكى أنَّ معلمًا سأل أحد التلاميذ: أحمد لو أن والدك اعطى أُمك..قاطعه أحمد قائلاً: أُمي متوفية يا أستاذ..أنا آسف يا أحمد..ولكن من يرعاك؟ أجابه أحمد: لا أحد يا أُستاذ، صمت المعلم قليلاً ثم قال: وهل والدك متزوج؟ أجابه أحمد: نعم يا أُستاذ، وهنا سأله المعلم: لو أن والدك اعطى امك التي هي زوجة أبيك الاسبوع الماضي 25 دينار، واليوم اعطاها أيضًا 25 دينار فكم مجموع ما يكون معها من دنانير؟ بسرعة أجاب أحمد معلمه لا شيء يا أستاذ! كرر المعلم السؤال وحاول تبسيطه معتقدًا بأن تلميذه لم يفهم السؤال جيدًا وقال: انتبه جيدًا يا أحمد! 25 دينار اعطاه أبوك لامك الاسبوع الماضي واليوم اعطاها أيضًا 25 دينار، يعني 25+25 كم المجموع يا شاطر؟ بسرعة أيضًا وبلا تفكير أجاب أحمد لا شيء يا أستاذ، اعتقد المعلم أن الرقم 25 قد يكون صعبًا وحاول تبسيطه، فقال: يا أحمد.. ابوك اعطى امك 100 دينار الاسبوع الماضي واليوم اعطاها أيضًا 100 دينار فكم يصبح معها من دنانير؟ بسرعة أجاب أحمد: لا شيء يا استاذ! هنا خرج المعلم عن طوره وبدأ بتأنيب أحمد بعبارات شتى كان آخرها: طول عمرك لن تتعلم ولا حتى ستعرف شيئا وستبقى جاهلاً! هنا وقف أحمد مخاطبًا معلمه بلغةٍ ملؤها المرارة والألم والحسرة قائلاً: ما أعرفه أنا وأنت يا استاذ أن حاصل مجموع 25+25= 50 ومجموع 100+100=200 لكن كيف سنفهم امي بأن تحافظ عليه وتحفظه لنا؟ أنت لا تعرف أُمي يا أستاذ، والله لو اعطيناها باليوم الف الفين عشرة الاف لن نجد معها شيئًا! وهنا قاطعه المعلم متسائلاً ومستغربًا: ألهذه الدرجة أُمك مبذرة يا بُني؟ تنهد أحمد وقال: كنا نعيش عيشة هانئة ومحترمة وكريمة يا استاذ وكان لدينا متجر ومزارع وماشية ومعمل ..ويومًا بعد يوم أخذت زوجة أبي تُهيمن على أبي حتى تحكمت به وأصبح لا يسمع إلا لها ولا يقبل نصيحة أي كان وكلمتها هي النافذة، وأصبحت هي واخوانها وأقاربها يتحكمون بنا يا أُستاذ، فباعوا متجرنا ومعملنا وماشيتنا ومزرعتنا ورصدوها أموالاً في حساباتهم واليوم نحن على الحديدة يا أُستاذ! وأبوك يا أحمد ألا يدرك ما حل بكم وبمصيركم؟ قال المعلم، والدي يا أُستاذ لا يسمع إلا لها ولا يصدق غيرها، ويغضب جدًا ممن يحاول نصحه والوقوف بجانبه! يا ابني يا أحمد أنا متأكد بأن والدك مسحور! والسحر ورد بالقرآن الكريم في أكثر من آية ومنها قوله تعالى في محكم تنزيله “إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورًا” وهنا عاد وجلس أحمد في مقعده وقال خليها على الله ..هذا حالنا وهذه أحوالنا يا استاذ، لم يبق شيء، نهبوا كل شيء!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى