هذا الذي كان …سلطة و سوطاً

هذا الذي كان …سلطة و سوطاً
بسام الياسين

عاش حياة اسرية مُعقدة.اب متسلط و ام مستسلمة.خرج للحياة اسير شخصيتين متناقضتين، كانه منقسم على ذاته.هو اشبه ما يكون بـ “الاميبيا”،الكائن المنتمي لذوي الاقدام الكاذبة ولا يستطيع المشي الا على ارض رخوة.خرج للحياة نتاج مجموعة عٌقد مُركبة، حصيلتها شخصية متسلطة. في رحلة غوص واستكشاف دواخلها و بحث في دهاليزها الغامضة،متسلحاً بمجهر نفسي،وفكر علمي لتحليلها ومعرفة اسرارها. تكتشف انه خاوٍ كدودة رخوية.عند الشدائد يُغرقُ نفسه في الكحول، ليستمد منها شجاعة مصطنعة وطاقة خادعة.

ما ان يفرغ كاسه الاخيرة في جوفه حتى تتبدى للعيان حالته المُخزية، مثل تائه في غابة استوائية، يبحث عن مغارة يحتمي بها، اتقاءً قطيع ذئاب جائعة تحيط به.حقيقة هي ليست ذئابا ،انما اوهام تتلبسه بين الفينة و الاخرى، تندرج تحت ما يُعرف في علم النفس بـ “الهلوسة البصرية” و”الهلوسة السمعية”. تفسيرها احساس بشيءٍ غير موجود اصلاً. بل في واقع امرها مظالم بشعة اقترفها بحق الناس،تتمظهر له باشكال مخيفة نهاراً،ونادراً ما فلت من كوابيسها ليلاً، فقلبت حياته جحيماً.

الضعيف على الدوام عدواني، يسعى لاثبات رجولته،كما الجبان حقود لانه يكتم سمومه داخله.الاثنان لا يمتلكان جرأة الافصاح عن ذاتهما،لكنه جمع الصفتين معاً.بداهة ان القوي واثق من نفسه صبور،جسور،صاحب موقف.اما هذا المسخ،تولدت لديه شخصية تسلطية، لخلق حالة تعويضية،لاجل رد اعتباره امام ذاته،وليثبت للناس كافه ان تخلص من دونيته.تلك حيلة نفسية، يلجأ اليها المرضى ومن هم على شاكلته، للخلاص من ضعفهم الداخلي،وعذابهم المرضي من تاريخهم المزري،وتناسي “زميل طفولته الفاجر الذي كان ” يستعبده ويتنمر عليه “.

كان” حالة شاذة وظاهرة منبوذة “. فالمدرسة كلها تتعقبه لضعفه و سمات فاضحة تفوح من حركاته. دارت الايام . و اذا بالضعيف يصبح “رامبو”. يحمل اطول هراوة. يصول ويجول ككلب مسعور فقد لجامه،واخذ يمارس كعنترة ايام زمانه. مُسنُ حكيمُ يعرفه مثل ما يعرف باطن كفه،ويعرف اباه من قبله،عندما اخبروه، حكايته صاح بلا وعي : ” يا عيال خربت البلاد وفرطت المسبحة. اذا هالجعاري صار زلمة. يا حيف على هيك زمن. فيفي عبده صارت الام المثالية،و هاظ ابو سروال ساحل صار زلمة “. اكيد قربت القيامة.

المفاجأة حين كنسوه من موقعه،ثم شطفوا وراءه المؤسسة بالمبيدات الحشرية تطهيراً لبقاياه المُجرثمة. لم تلبث حتى تساقطت عن وجهه اصباغ المكيجة،و هيبة الوظيفة.وذات فتح رباني، انفجرت “معارفه الجوانية”،مثلما تلك التي تداهم الباحثين عن الحقيقة،فعرف “النذل” حقيقة ذاته وقدر نفسه. ادرك يقيناً انه عينةُ نخبوية مضروبة،نموذجُ ميؤوس منه.اما المواطنون الذين تحرروا من شره،تذكروا جرائمه وفضائحه.عادت التساؤلات المعلقة على السنتهم التي كانت تقض مضاجعهم مرةً اخرى :ـ كيف لمثل هذا الضعيف، ان يعتلي اكتافنا ؟!. وما هي السلالم التي ارتقى عليها رجل بلا مقومات ؟!. ام انها لعبة “الصفاقة والدياثة”، التي تغضب وجه الله و تهز عرش الرحمن ؟!.غير ذلك لا تفسير لهذه الظاهرة الا انها المسخرة ؟.

( كان الجنرال ديغول،شديد النقد لـ ” تشرشل ” واتهامه بالكذب. سمع تشرشل فرد علية :ـ صدق الجنرال.لقد جاء هو من خلفية تقوم على الشرف والتضحية،وانا جئت من خلفية تقوم على العهر والكذب والمنفعة الشخصية ).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى